"أصبحنا مشهدا صادما للعالم".. رسالة مؤثرة من سجين رأي في إثيوبيا
مكث المعارض الإثيوبي إسكندر نيجا أكثر من 15 سنة في المعتقلات الإثيوبية كسجين رأي، ونجح هذا الأسبوع في إرسال رسالة من خلف القضبان تناول فيها الأوضاع المذرية التي ألقت الحرب الأهلية البلاد فيها منذ حوالي عام.
وقال إسكندر نيجا في رسالته التي نشرتها مجلة African Arguments إن الهدف من رسالته ليس إلقاء الضوء على الطريقة التي يعامل بها في السجن، ولكن تركيزه الأول والأخير ينصب على طريقة تعامل الحكومة مع مشاكل البلاد عبر لجان إلكترونية مدفوعة الأجر على الإنترنت، وأكد أنه في رسالته التي أخرجها من السجن بصعوبة بالغة، لن يشتكي من سلسلة التهم الباطلة التي لفقت له، وإنما سيخصص الرسالة إلى مخاطر تحويل أي شهيد ممن ضحوا بدمائهم من أجل إثيوبيا إلى نكتة عامة، أو صورة كاريكاتورية لمن يبحث عن ضحكات زائفة.
وحول الحرب الداخلية المستمرة في إثيوبيا، أبدى إسكندر نيجا شعوره بالألم الشديد كلما يجري الحديث أمامه حول قصص عن المجاعة الوشيكة والقتل الجماعي والاغتصاب الجماعي في جميع مناطق الصراع في المناطق الشمالية الثلاثة لإثيوبيا - تيجراي وأمهرة وعفر.
وفي حين أن القيود المفروضة بسبب عدم الوصول إلى مناطق الصراع تطمس الصورة الكاملة، أكد أن منظمات حقوق الإنسان تمكنت من التحقق من سلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل جميع المتحاربين.
وقال إن قلبه يعتصر بصفة خاصة كلما فكر في ضحايا تلك السجلات التاريخية للوحشية والانتهاكات من الأطفال والنساء ويثول: "لقد ذرفت الدموع بالفعل، ووقعت مع الكثيرين على الالتماسات، وأيدت المسيرات، ولكن يبدو أنه لا جدوى من كل ذلك وأن أعداد الضحايا مرشحة للارتفاع".
وأعرب عن أسفه على تلك الأيام الخوالي التي قال عنها: " قبل أن نفقد تعاطفنا، أتذكر وقتًا كنا نصلي فيه جنبًا إلى جنب، عندما قاتلنا تحت نفس العلم، عندما ضحكنا وبكينا معًا، عندما كنا نفرح وأكلنا حصادنا بلا تمييز، عندما كنا نذهب لتهنئة بعضنا البعض في حفلات الزفاف وعندما كنا نهمس بأسرارنا وأحلام لبعضنا البعض".
ولفت إسكندر نيجا إلى أنه الوقت الحالي، نحن نصر على التحديق والضحك والاستهزاء وإنكار المعاناة على الجانب الآخر. وقلة قليلة ستفوت فرصة لالتقاط صورة سيلفي مع ضحية أو حتى جثة على الجانب الآخر. وقال: "لقد أصبحنا مشهدًا صادمًا للعالم لافتقارنا إلى التعاطف مع محنة إخواننا المواطنين، إخواننا البشر. يجب أن نتغير. يجب أن نتغير من أجلنا قبل أن يكون ذلك من أجل الآخرين".
وانتقد السجين الإثيوبي كل من يعتقدون أن النصر الحقيقي ينحصر في جبهة القتال وحدها. لأن هناك جبهات متعددة. هناك نصر للتراث والأخلاق ونصر في القصص التي نرويها لأطفالنا، ونصر فيما يجدر به أن يدون في صفحات التاريخ، ونصر أكيد يجب أن يظل في أعماق ضمائرنا، ونصر أهم أمام الخالق الذي يسمع ويرى كل شيء، ومن يعرف اتساع وعمق رغباتنا وأفكارنا وأعمالنا جهرًا وسرًا.