بعد الحديث عن هبوط بأرض "سد النهضة".. السودان يحذر من تداعيات كارثية
بعد أقل من أسبوع من صدور دراسة أعدها باحثين مصريين وأمريكان، وكشفت عن هبوط في الأرض المقام عليها "سد النهضة"، عاد السودان ليحذر من التداعيات السلبية للسد الذي تبنيه إثيوبيا على مياه النيل الأزرق، وترفض إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، مع دولتي المصب (مصر والسودان)، إذ أكد وزير الري السوداني ياسر عباس، أن بلاده تتأثر مباشرة من السد، خاصة مع الاستمرار في اتخاذ قرارات الملء الأحادية للعام الثاني على التوالي، لافتاً إلى أن تواصل عمليات بناء السد الإثيوبي في ظل عدم وجود اتفاق قانوني ملزم، يشكل تهديداً مباشراً للسودان.
حديث عباس جاء خلال لقائه السفير الأسترالي لدى السودان، غلين مايلز، حيث تم بحث سير مفاوضات سد النهضة، وفرص الاستثمار المحتملة في مجال المياه مع الشركات الأسترالية.، وشدد الوزير السوداني على تمسك بلاده بالتوصل لـ"اتفاق قانونيّ ملزم، لضمان تبادل البيانات والمعلومات التي تؤمن سلامة سد الروصيرص، وحياة الملايين على ضفاف النيل الأزرق.
وشهدت أزمة سد النهضة بين إثيوبيا من جهة ومصر والسودان من جهة ثانية، تطورات جديدة في الآونة الأخيرة، وذلك بعدما دعا بيان مجلس الأمن الدولي إلى استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة، والمضيّ قدماً في عملية التفاوض التي يقودها الاتحاد الإفريقي، "بطريقة بناءة وتعاونية"، كما أعلنت دولة الكونغو الرئيسة الحالية للاتحاد الأفريقي طرح مبادرة لاستئناف المباحثات بين الدول الثلاث.
وتتوقف جولات التفاوض، التي كان يقودها الاتحاد الإفريقي منذ أبريل الماضي، بسبب خلافات عميقة بين بلدي المصب (مصر والسودان) مع إثيوبيا، بشأن قواعد ملء السد.
ويدور نزاع إقليمي حول مشروع سد النهضة منذ أن باشرت إثيوبيا أعمال بنائه في عام 2011، إذ ترى الخرطوم والقاهرة أنه يمثّل مصدر تهديد لهما نظراً إلى اعتمادهما على مياه النيل، بينما تعتبره إثيوبيا أساسياً لتنميتها ومصدراً للطاقة. وقد أكدت مصر أنها لن تفرط في نقطة مياه واحدة من مياه النيل، وأن رد فعلها سيكون قوي على ذلك، ودعت المجتمع الدولي للتدخل للحيلولة دون حدوث إضرابات في السلم والامن الدوليين في الإقليم.
وتشكو مصر والسودان من غياب معامل الأمان في السد، في ظل تعنت إثيوبيا وضبابية في تبادل المعلومات، بل وإخفائها، وأكد أعلنت مصر والسودان أن إثيوبيا تبادلت معهم معلومات خاطئة عن السد.
دراسة خطيرة
كانت دراسة علمية حديثة شارك فيها خبراء مصريون وأميركيون، بينهم وزير الري الدكتور محمد عبد العاطي، وخبراء من جامعات أميركية ومصرية وهيئات دولية وجود هبوط أرضي بموقع سد النهضة الإثيوبي، ومشاهد وصورا كثيرة تكشف عن إخلال جسيم بعوامل أمان السد، وتؤكد أنه غير آمن نهائيا.
وحللت الدراسة 109 صور ومشاهد في الفترة من ديسمبر في العام 2016 إلى يوليو 2021، باستخدام تقنية الأشعة الرادارية، وكلها تشير لعوامل إزاحة وتحرك مختلفة الاتجاهات في أقسام مختلفة من السد الخرساني وهو الرئيسي وكذلك السد الركامي وهو المساعد، ما ينذر بخطورة كبيرة، وسط توقعات بانهيار السد وتأثير ذلك على دولتي المصب.
وفق الدراسة فإن تحليل البيانات في موقع السد يكشف وبوضوح وجود هبوط غير متناسق في أطراف السد الرئيسي، وخاصة الجانب الغربي حيث سجل حالات نزوح متفاوتة يتراوح مداها بين 10 مم و90 مم في أعلى السد، موضحة أن ملء السد كان يجري بشكل سريع ودون دراسة أو تحليل بيانات وهو ما يؤثر على جسم السد فنيا، ويؤثر هيدرولوجيا على حوض النيل الأزرق، كما كشفت أن هناك إزاحة رأسية غير متساوية في قطاعات مختلفة من السدَّين الرئيسي والمساعد.
كان خبير المياه، عباس شراقي، قال إن ما ذكرته الدراسة ليس جديدا، فقد سبقتها دراسات أخرى حذرت من هبوط أرضي في موقع سد النهضة ووجود مخاطر جيولوجية في الهضبة الإثيوبية بشكل عام، وتكشف ذلك عندما انهار سد تاكيزي الإثيوبي وكان ضحيته 47 عاملا بينهم 3 من الشركة الصينية التي كانت تنفذ المشروع، كما حدث انهيار في مشروع جيبي 2 على نهر أومو.
أكد أن إثيوبيا من أكثر الدول معاناة من شدة انجراف التربة، فضلا عن أن مياه النيل الأزرق تنحدر بشدة من 1800متر عند بحيرة تانا إلى 500 متر عند سد النهضة، مما يشكل فيضانات كبيرة، مشيرا إلى انتشار ظاهرة الانزلاقات الأرضية وتساقط الصخور بفعل التشققات والأمطار الغزيرة وقوة اندفاع المياه والطمي.
شدد شراقي على أن "سد النهضة" قريب من أكبر فالق على سطح الأرض وهو الأخدود الإفريقي العظيم والذى يقسم إثيوبيا لنصفين، ويتواجد السد والبحيرة على فوالق من العصر الكمبري، بالإضافة إلى أن صخور منطقة السد "جرانيتية" وشديدة التحلل.. والتشقق وتسرب المياه داخل التشققات يزيد من النشاط الزلزالي، بالإضافة إلى تدفق مياه النيل الأزرق من قمم الجبال البركانية البازلتية محملة بكميات كبيرة من الطمى ما يهدد المشروعات المائية.