الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الدلالات السياسية لقرار إثيوبيا تعليق عمل سفارتها في مصر

الرئيس نيوز

بينما تحاول المؤسسات الدولية والإقليمية، دفع عملية التفاوض من جديد بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، بخصوص "سد النهضة" الذي تبنيه أديس أبابا على مياه النيل الأزرق، وترفض إبرام أي اتفاق قانوني ملزم بشأن الملء والتشغيل مع دولتي المصب، أعلن السفير الإثيوبي في القاهرة، ماركوس تكلي، مساء أمس الأحد، تعليق أعمال سفارة بلاده في مصر، بشكل مؤقت، لأسباب اقتصادية، مؤكدًا أنه لا علاقة بأزمة سد النهضة بقرار تعليق عمل السفارة.
وعلى الرغم من أن القرار الإثيوبي، جاء متسقًا مع قرارات مشابهة أعلنتها الحكومة الإثيوبية، برئاسة أبي أحمد، بإغلاق سفارات عدة في مناطق مختلفة، منها دول عربية وأوروبية؛ لتوفير النفقات، على وقع أزمة اقتصادية طاحنة، نتيجة الحروب الدموية المندلعة بين عدد من العرقيات الإثيوبية، فضلًا عن الحرب بين أديس أبابا والحركة الشعبية لتحرير التيجراي، التي كلفت الدولة نحو مليار دولار، إلا ان مراقبين يؤكدون أن للقرار دلالات سياسية، خاصة أن قرارات التعليق تأتي للدول من الدرجة الثانية من حيث الأهمية بالنسبة لإثيوبيا، وليست لدول محورية مثل مصر لها تشابكات كبيرة مع إثيوبيا.  

السفير الإثيوبي في القاهرة، قال في تصريحات مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن بلاده قررت تعليق أعمال السفارة في القاهرة لمدة قد تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، تبدأ من أكتوبر المقبل لأسباب مالية واقتصادية تتعلق بخفض تكاليف إدارة السفارة، وأكد أن قرار الإغلاق لا يرتبط بأزمة سد النهضة بين البلدين في الوقت الحالي، وأن مفوض السفارة هو من سيتولى إدارتها ورعاية المصالح الإثيوبية في القاهرة خلال هذه الفترة.
توضيح إثيوبي
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أوضحت وزارة الخارجية الإثيوبية، أن التقارير حول إغلاق سفاراتها لدى عدد من الدول، بما في ذلك الجزائر والمغرب والكويت، غير دقيقة، مشيرة إلى أنها تصحح عمل بعثاتها الدبلوماسية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، دينا مفتي، خلال مؤتمر صحفي عقده مطلع الشهر الجاري، "لا نسمي ذلك إغلاق السفارات بل تقليل عدد السفارات وتعديل طريقة العمل... يمكن الاحتفاظ بدبلوماسيتنا دون إقامة سفارة".
لفت دينا إلى أن إثيوبيا لديها 60 سفارة في دول مختلفة ورغم أن لها علاقات دبلوماسية مع أكثر من 200 دولة في العالم، وتابع: "وجود حوالي 60 سفارة لا يعني أن إثيوبيا تعترف بـ60 دولة فقط في العالم. هناك فرقًا كبيرًا بين إغلاق السفارات وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدان".

دلالات سياسية
الباحث في مركز "الاهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد سيد أحمد، قال لـ"الرئيس نيوز": "القرار يحمل بلا شك دلالات سياسية، رغم أن بيان السفير الإثيوبي في القاهرة، والخارجية، أكدا أنه ليس له علاقة بسد النهضة، وأن التعليق مدة قصيرة قد تصل إلى 6 أشهر، في سياق توفير النفقات". مضيفًا: "تبريرات ليست كافية؛ خاصة أنك تتحدث عن دولة بحجم مصر لها تشابكات عديدة مع إثيوبيا في أكثر من ملف، وعلى رأسه ملف سد النهضة، وأن مثل هذه القرارات يتم اتخاذها مع الدول التي تأتي في المرحلة الثانية من حيث الأهمية". 
تابع الباحث في السياسة الدولية: "بينما تحتاج المرحلة الحالية مزيدًا من الاتصال، في ظل محاولات إعادة إحياء المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) بعد بيان مجلس الامن الدولي، وبيان دولة الكونغو الديموقراطية الذي تقدم بمبادرة جديدة لإحياء التفاوض، تقرر إثيوبيا تعليق عمل سفارتها بحجة ترشيد النفقات"ّ، موضحًا أن المرحلة الحالية تتطلب وجود قنوات دبلوماسية، وهذا لا يتوفر إلا بوجود هذه السفارات.
يتابع الباحث في مركز الاهرام: "قرار التعليق مع مصر يثير علامات استفهام، ويُنبئ عن نية إثيوبيا تجاه المفاوضات المقبلة مع مصر. ظني أن أديس أبابا ستتجه خلال الفترة المقبلة نحو المزيد من المراوغة والتعنت تجاه المفاوضات مع مصر، وستتخذ مواقف أكثر تشددًا مع دولتي المصب"، مؤكدًا أن إثيوبيا تريد إرسال رسالة بأنه لا حوارات، ولا اتصال، خلال الفترة المقبلة.

وحول إمكانية اتخاذ إثيوبيا للقرار ذاته مع السودان، يقول د. أحمد سيد أحمد: "ربما تتخذه إثيوبيا لاحقًا، وإن كانت أديس أبابا تريد أن تفكك الوحدة والتنسيق بين مصر والسودان؛ بالتوصل إلى اتفاق أحادي مع الخرطوم، تحت قاعدة أن للسد فوائد كبيرة للسودان، لكنها لن تنجح في ذلك خاصة أن المكونين المدني والعسكري في السودان أدركا تمامًا مدى خطورة السد في ظل التعنت الإثيوبي المتمثل في رفض إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن الملء والتشغيل، فضلًا عن غياب معامل الأمان، وتداول أديس أبابا معلومات خاطئة بشأن السد".