الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"لغز المشير": "الإخوان مش هيشكلوا الحكومة ولو جابوا 1000 مليار" (3)

الرئيس نيوز

المشير رفض التدخل في القضاء إبان قضية التمويل الأجنبي: "الأمريكان يهددوننا لكننا لن نخالف قناعاتنا"
عنان توقع انحسار المنافسة بين مرسي وأبو الفتوح في الرئاسة.. وطنطاوي رد: "أستبعد فوز أي منهما"

في ديسمبر 2011، فتحت النيابة المصرية ملف التمويل الأجنبي، الذي استمر عدة أشهر تالية وصلت إلى ذروة بسفر 17 متهما منهم 9 أمريكيين بعد رفع أسماء من حظر السفر.

شغلت القضية الرأي العام بشدة، وكان المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوي في مرمى الانتقاد والهجوم، إذ اعتبره البعض مسئولا عن السماح للمتهمين بالسفر.

هذا الاتهام ينفيه مصطفى بكري عن المشير، ويسرد تفاصيل يؤكد بها أن القرار كان ملك القضاء فقط، ويكشف تفاصيل لقاء بين المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم، رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، وبين المشير طنطاوي حضره أيضا كل من الفريق سامي عنان رئيس الأركان واللواء ممدوح شاهين مسؤول الشئون الدستورية والقانونية بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة.



ويكشف المؤلف أن المشير طنطاوي قال في هذه المقابلة: "نحن نعتز بقضائنا، ورغم جميع الضغوط التي تمارس والتهديد بمنع قطع الغيار، وزيارة رئيس الأركان الأمريكي وغيره، لكننا نرفض أي تدخل في شئونه، ولا نسمح لأنفسنا أبدا بأي مواقف مناقضة لقناعاتنا، والمجلس العسكري أخذ على نفسه عهدا بعدم التدخل في شئون القضاء".

ملف آخر يتناوله المؤلف، على هامش الشد والجذب الذي كان مستمرا بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان.

يقول مطصفى بكري إنه التلقى صباح 19 أبريل 2012، المشير طنطاوي، في وجود الفريق سامي عنان، وكان هذا الحوار، الذي كشف عن توقعات كل منهم للانتخابات الرئاسية المقبلة، آنذاك.

"قال المشير: بعد موقف الإخوان، هل ترى ضرورة بعقد لقاء 21 أبريل للأحزاب مع المجلس العسكري؟!

قلت: الموقف في مجلس الشعب أوضح كل شيء، الحقيقة الإخوان لا يريدون دستورا على الإطلاق. وبعد استبعاد خيرت الشاطر من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية أصبحوا في مأزق شديد، ولا أظن أن لديهم أملا في الفوز، الناس يسمون محمد مرسي "الاستبن" ويتهكمون عليه، وكل استطلاعات الرأي تؤكد أنه في مركز متأخر بين المرشحين.

سامي عنان: وأنا هفكرك، المسألة محصورة فقط في اثنين، محمد مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح، أحدهما سوف يفوز في انتخابات الرئاسة.

المشير طنطاوي: أستبعد فوز أحدهما.

قلت له: ولماذا لا يدعم المجلس العسكري أحمد شفيق أو عمرو موسى؟!

قال: الشعب هو اللي يختار، نحن سنقف على الحياد".

نأتي إلى مرحلة مفصلية في العلاقة بين المجلس والجماعة،بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب، الأمر الذي تلاه حل المجلس في يونيو 2012.

يروي المؤلف أنه في ذلك الوقت طلب وفد مكون من خيرت الشاطر ومحمد مرسي الالتقاء بالمشير طنطاوي ووافق المشير على اللقاء، واستقبلهما في حضور عدد من أعضاء المجلسش العسكري.



يحكي "بكري": "كان محمد مرسي هو أول المتحدثين قائلا: "لقد جئنا إليك يا سيادة المشير باحثين عن حل للأزمة الاقتصادية الراهنة، نحن نعرف أن معدلات النمو قد تراجعت، وأن الجيش قد دعم الدولة بالمليارات، ولكن استمرار الأحوال بهذه الطريقة سيؤدي إلى انهيار اقتصادي كبير، ويدفع الناس إلى التمرد وإحراق البلد".

قال المشير: وما هي مقرتحاتكم؟

قال مرسي: لقد اتفقنا على توفير مبلغ 200 مليار دولار كاستثمارات من الخارج، تضخ إلى الخزانة المصرية على الفور، وستنعش الاقتصاد، وتحسن مستوى دل المصريين وتحدث طفرة كبيرة في البلاد.

قال المشير: والله ده اقتراح رائع، وإيه المانع؟

قال محمد مرسي: هذا لن يتم إلا بتولي المهندس خيرت الشاطر رئاسة الحكومة، وإعادة تشكيلها من رجال متخصصين.

قال المشير: يعني حكومة من الإخوان؟!

هنا تدخل خيرت الشاطر وقال: "القضية ليست إخوان أو غير يا سيادة المشير، البلد على حافة الانهيار، ونحن نبحث عن حلول ناجحة، ليس معقولا أن نستجلب من الخارج مليارات ثم تبددها حكومة الجنزوري التي لا نثق في أدائها".

واجه المشير القيادي الإخواني قائلا: "لقد كنتم من أنصارها حتى وقت قريب، بل أنتم أيدتم ترشيح الجنزوري لرئاسة الحكومة من البداية".



فرد مرسي: "كنا نظن بها حسنا، ولكن مع الأسف الممارسات كشفت عن الكثير من أوجه القصور، نحن على ثقة من أن تشكيل حكومة جديدة برئاسة المهندس خيرت الشاطر سيؤدي إلى تحقيق إنجازات كبرى، ومبلغ الـ200 مليار دولار جاهز يا سيادة المشير، ولكن لا أحد يريد أن يستثمر في ظل وجود هذه الحكومة".

في النهاية كان رد المشير المبدئي على العرض كالتالي: "طالما أنتم جادين في هذا العرض فأنا لا أستطيع أن أرفضه، ولكن قرار تشكيل حكومة برئاسة خيرت الشاطر هو قرار خطير سيكون له ردود فعل عديدة، ولذلك أنا لا أستطيع أن أتخذ هذا القرار وحدي، أنا سأشكل لجنة من تسعة من أعضاء المجلس العسكري للاجتماع مساء اليوم لمناقشة العرض وإبلغكم بالقرار الذي سيجري الاتفاق عليه".

ماذا حدث بعد ذلك؟ يروي المؤلف: "في مساء اليوم ذاته اجتمع أعضاء اللجنة المكلفة، وظلوا مستمرين في اجتماعهم حتى وقت متأخر من المساء، وكل منهم أدلى برأيه وفي نهاية الاجتماع تم التصويت على القرار".

ويكمل: "في صباح اليوم التالي وقبل أن يصعد المشير إلى مكتبه، قام بالمرور على مكتب اللواء ممدوح عبد الحق، عضو المجلس وأحد أعضاء اللجنة.

سأله: ماذا فعلتم؟

قال اللواء ممدوح: ناقشنا العرض حتى وقت متأخر من المساء.

سأل المشير: والنتيجة إيه؟

قال اللواء ممدوح: خمسة وافقوا على تولي الشاطر تشكيل ورئاسة الحكومة الجديدة، وأربعة رفضوا العرض.

أبدى المشير دهشته وقال: وأنا صوتي بكام؟!



قال اللواء ممدوح: سيادتك المرجح لأي قرار".

هنا تحدث المشير بحدة وحسم: "لا زم يعرف الجميع، طول ما أنا موجود على رأس المجلس العسكري أنني لن أسمح للإخوان بتشكيل الحكومة، أو حتى أن يكون لهم وجود داخلها، هذا العرض مرفوض، والقوات المسلحة لن تسمح بانهيار البلد، ونحن لن نقبل بتشكيل الإخوان للحكومة ولو كان المقابل ألف مليار وليس مائتي مليار".

يشير "بكري" إلى أن المشير صعد إلى مكتبه، وكان غاضبا، وطلب إبلاغ محمد مرسي برفض المجلس العسكري للعرض الإخوان، وإعلاق هذا الملف نهائيا، وعندها أدرك الإخوان أن المشير يقف عقبة أمام تشكيلهم الحكومة.