الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بيان مجلس الأمن بشأن "سد النهضة".. جهد دبلوماسي مصري وتوقعات باستمرار لتعنت الإثيوبي

الرئيس نيوز

على الرغم من مرور 9 أسابيع على جلسة مجلس الأمن التي دعت لها مصر والسودان، لحفظ الأمن والسلم الدوليين؛ نتيجة إصرار إثيوبيا على بناء سد مائي ضخم على مياه النيل الأزرق، من دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، مع دولتي المصب (مصر والسودان)، أصدر مجلس الأمن بيانًا رئاسي بالتوافق مع الدول الـ5 دائمة العضوية، بشأن السد المثير للجدل والمقلق من حيث تداعياته السلبية على مصر والسودان.
البيان الرئاسي لمجلس الأمن هو صياغة من مشروع قرار قدمته تونس بطلب من مصر والسودان، الذي كان ينطوي أيضاً على وضع إطار زمني لا يتجاوز ستة أشهر للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، ويوصي برفع تقرير للأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن تقدم المفاوضات، وهو ما تم حذفه من البيان الأخير، أي أن البيان الصادر رغم أهميته في كونه نص على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، إلا أنه لم ينص على توقيتات زمنية كما كان موجودًا في مشروع القرار.
البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن بلا شك نتاج دبلوماسية مصرية نشطة، فكثفت القاهرة من تحركاتها في أعقاب جلسة مجلس الأمن التي عقدت في النصف الأخير من نشر يوليو، وبينما كانت تحاول إثيوبيا الترويج بعدم اختصاص المجلس في نزاعات الماء، إلا أن البيان أكد أنه صدر في إطار محاولة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.  

حد أدنى
وبحسب تصريحات لرئيس وحدة مياه النيل في مركز "الاهرام" للدراسات الاستراتيجية، هاني رسلان، لموقع "إنديبندنت عربية"، فإن البيان يمثل الحد الأدنى للتوافق داخل مجلس الأمن، بخاصة بين الدول الخمس الدائمة العضوية، لكنه أقل درجة من القرار، إذ تم التوافق على إصدار "بيان رئاسي" وليس "قراراً"؛ لأن الدول الكبرى بخاصة الصين وروسيا لم تكن راغبة في تدخل مجلس الأمن في القضية حتى لا تكون سابقة، وهذا ما أظهره البند الأخير من البيان الذي يشير إلى أنه لن يكون أساساً لأي تدخل في أي قضية مماثلة. ولفت إلى أنه في سبيل التوصل إلى توافق بين أعضاء مجلس الأمن، تم حذف بعض النقاط المهمة من مشروع القرار التونسي الأول، وتحديداً ما يتعلق بالمهمة الزمنية للتوصل إلى اتفاق واستبدال عبارة "فترة زمنية معقولة" بها، وهو مصطلح "مطاط".
رجح رسلان أن تكون العودة إلى التفاوض في ظل هذا البيان الرئاسي تفيد مصر والسودان في نقطة "الإلزام"، ومع ذلك تظل العقبة الأساسية في استمرار إثيوبيا بموقفها الرافض، الذي يزداد بالنظر إلى تعامل الحكومة مع قضية السد كمسألة داخلية ونقطة لتوحيد الشعب الإثيوبي، وكنوع من الرابط الوطني في مواجهة ما تعانيه البلاد من صراعات داخلية، لذا يستبعد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن تقدم حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد على أي تنازل، بل سيقتصر الأمر على مفاوضات تلف في دائرة مفرغة في حين لم يقدم البيان أي شيء للخروج من تلك الدائرة.

بيان المجلس
قال مجلس الأمن في بيان رئاسي باتفاق الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية، الأربعاء الماضي، إن المجلس يضع نصب عينيه مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والمسؤولية الأساسية لمجلس الأمن عن صون السلم والأمن الدوليين. وأشار إلى اتفاق إعلان المبادئ بشأن مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير، المبرم بين مصر وإثيوبيا والسودان في 23 مارس 2015.
ووفقاً لنص البيان، الذي قدمت مشروعه تونس، "يشجع مجلس الأمن مصر وإثيوبيا والسودان على استئناف المفاوضات بدعوة من رئيس الاتحاد الأفريقي للانتهاء على وجه السرعة من نص اتفاق ملزم ومقبول للطرفين بشأن ملء وتشغيل السد خلال فترة زمنية معقولة". وأضاف أنه يشجع أيضاً "المراقبين، الذين تمت دعوتهم لحضور المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي وأي مراقبين آخرين تقرر مصر وإثيوبيا والسودان دعوتهم بالتوافق بشكل مشترك لمواصلة دعم المفاوضات، بهدف تسهيل حل المشكلات الفنية والقانونية المعلقة".
ودعا مجلس الأمن الدول الثلاث إلى المضي قدماً بقيادة الاتحاد الأفريقي في عملية التفاوض بطريقة بناءة وتعاونية. غير أنه أشار إلى أن هذا البيان "لا يتضمن أي مبادئ أو سابقة في أي منازعات خاصة بالمياه العابرة للحدود".

رفض إثيوبي
في حين أن صيغة البيان قوبلت بترحيب مصري وسوداني، غير أنها أثارت رفضاً من الجانب الإثيوبي، الذي أعرب عن أسفه لتدخل المجلس في مسألة "تخرج عن نطاق اختصاصه"، حسب وصف بيان صادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية. وأعرب الرد الإثيوبي عن غضب واسع تجاه تونس قائلاً "إن خطأ تونس التاريخي في دفعها نحو طلب قرار من المجلس يقوض مسؤوليتها الرسمية كعضو مناوب في مجلس الأمن الدولي على مقعد أفريقي". وأضاف أن إثيوبيا لن تعترف بأي مطالبات تثار بناء على البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن. 
وربما تنخرط إثيوبيا في مفاوضات مع مصر والسودان برعاية الاتحاد الأفريقي خلال الفترة المقبلة إلا أنه من غير المرجح أيضًا القدرة على التوصل إلى نتائج مرضية في ظل التعنت الإثيوبي. وقد أكدت القاهرة تمسكها بحصتها التاريخية في مياه النيل وأن السد لتوليد الكهرباء وفقط، وليس لأي أغراض أخرى، وهددت بحالة من عدم الاستقرار في المنطقة إذا ما تأثرت حصة مصر المائية؛ لكون قضية المياه بالنسبة لها قضية وجودية.