مجلس الأمن وسد النهضة.. الأثر السياسي والقانوني للبيان الرئاسي
أصدر مجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء 15 سبتمبر 2021 بيانا رئاسيا يدعو فيه مصر والسودان وإثيوبيا إلى استئناف المفاوضات حول قضية سد النهضة، وذلك بعد أكثر من شهرين من اجتماعه بناء على طلب مصر والسودان لنظر شكواهما ضد إثيوبيا بشأن تصرفاتها المنفردة في هذا الملف بما يخالف الاتفاقات السابقة بين الدول الثلاث وأبرزها إعلان المبادئ الموقع في مارس 2015، وبما يعرض الأمن والسلم في المنطقة للخطر.
وتضمن البيان الرئاسي عدة نقاط مهمة يمكن تلخيصها في الآتي:
١- الدعوة للتفاوض بحسن نية وبصورة بنّاءة وتعاونية، بهدف الوصول إلى اتفاق ملزم ومقبول في إطار زمني معقول.
٢- تشجيع التفاوض تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وبمشاركة المراقبين الذين سبق وتابعوا المفاوضات، لدفعها وتسهيل حل المشاكل العالقة.
٣- التأكيد على أن البيان لا يرتب أي مبادئ أو سوابق لحل المنازعات بين الدول حول المياه العابرة للحدود.
وبحسب وحدة أبحاث القانون والمجتمع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، هناك فارق كبير بين البيان الرئاسي والقرار الصادر عن مجلس الأمن.
فالقرار يجب اتخاذه بعد التصويت في الجلسة، بموافقة أكثر من 9 من بين 15 عضوا، وعدم اعتراض أي من الدول التي تملك حق النقض (ڤيتو) وتكون له قوة الإلزام على الجميع، حيث تنص المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة على أن "يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق".
أما البيان الرئاسي فيعتبر البديل السياسي/غير القانوني للقرار، حال عدم توصل الأعضاء إلى توافق عام لتمرير قرار معين، مع اعترافهم بضرورة التحرك لأهمية القضية.
فيصدر البيان الرئاسي عن رئيس المجلس باسم مجلس الأمن، ويعتمد في جلسة رسمية بعد مشاوات تقتضي الإجماع المسبق بالضرورة، حيث لا يستخدم بشأنها حق النقض.
ويصدر البيان الرئاسي باعتباره وثيقة رسمية من وثائق المجلس، ويحفظ في أرشيفه. لكنه لا يتمتع بقوة إلزامية على الدول.
ويعتبر البيان الرئاسي في الحالة الراهنة لسد النهضة، من صور تدخل مجلس الأمن لحل المنازعات سلميا، بتقديم توصية أو تشجيع للدول أطراف الأزمة للتوصل إلى حل "بما يحفظ الأمن والسلم" كما أشار البيان في مقدمته.
وبالتالي فهو يصدر وفقا للفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، والمعنون "حل المنازعات بصورة سلمية" حيث التزمت مصر والسودان بتطبيق المادة 33 من الميثاق والتي تنص على أن:
1. يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها.
2. ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة ذلك.
وطالبت مصر في خطابها الأخير إلى مجلس الأمن باعتبار الخلاف الحالي حول سد النهضة مما يتطلب الفحص لمنع إثارة نزاع، منوهة إلى أن الموقف من شأنه تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر، وفقا للمادة 34 من الميثاق والتي تنص على أنه:
لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي.
ووفقا للمادة 36 من الميثاق فإن مجلس الأمن بإمكانه في أي من مراحل النزاع الحالي أن "يوصي بما يراه ملائما من الإجراءات وطرق التسوية" على أن "يراعي ما اتخذه المتنازعون من إجراءات سابقة لحل النزاع".