صحيفة أمريكية تخاطب الديمقراطيين: "دعم مصر واجب وليس العكس"
علقت صحيفة The Hill السياسية التي تصدر في واشنطن على الدعاية السلبية التي تمارسها إدارة بايدن وحلفاؤها اليساريون في الكونجرس والتي يشارك فيها الإعلام النيوليبرالي بأداء مسرحي مبالغ فيه حول إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان على الاعتبارات الأمنية الأخرى فيما يتعلق بالعلاقات مع العديد من الشركاء الرئيسيين لواشنطن، بما في ذلك مصر.
ووصفت الصحيفة السناتور كريستوفر مورفي (كونيتيكت) بأنه واحد أعلى الأصوات بين الديموقراطيين معارضةً لاستمرار المساعدة الأمنية لمصر، وهو دائم التشكيك في عدد من الشراكات الراسخة التي تدعم أهداف الولايات المتحدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
في الأسابيع الماضية، تم الكشف عن الكثير من الحقائق المؤلمة المترتبة على تخلي الإدارة الأمريكية المروع عن مواطني الولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان.
إذا كان تعزيز حقوق الإنسان هو الاعتبار الأساسي، فلن تدعم إدارة بايدن حركة طالبان - وهي منظمة إرهابية مصنفة تحت إشراف الأمم المتحدة ووزارة الخزانة الأمريكية، وهنا يكمن أحد أبرز تناقضات الديمقراطيين.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في ظل هذا الواقع الجديد، يجدر بأمريكا أن تحذر من اتباع هذا النهج الخطير للعلاقة مع مصر، حيث يجب طرح بعض الأسئلة الصعبة على الديمقراطيين الذين يدعون إلى وقف المساعدة الأمنية الهامة.
تواجه مصر تحديات أمنية متعددة وتتطلب مساعدة عاجلة من أجل الاستمرار في توفير القيادة في قضايا الأمن الإقليمي. ونبهت الصحيفة إلى أن الشعب المصري ورئيسه، عبد الفتاح السيسي، حصن حاسم ضد تنظيم الإخوان الإرهابي والجماعات الإسلامية المتطرفة الأخرى.
من الواضح أنه إذا لم يتم تقديم المساعدة الأمنية من قبل الولايات المتحدة، فسوف تسعى مصر للحصول عليها في مكان آخر، على الأرجح مع روسيا أو منافسين استراتيجيين آخرين لواشنطن.
أقر مجلس النواب قانون المساعدات الخارجية لعام 2022 الذي يقترح حجب 150 مليون دولار عن مصر - وهو مبلغ أكبر من السنوات السابقة - ولا يشمل ذلك التنازل القياسي للأمن القومي عن جزء من تلك المساعدة المحجوبة.
بسبب المشاكل المالية الطويلة الأمد، والتي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19، تعاني القاهرة كما يعاني العالم أجمع من ضائقة مالية فرضتها الجائحة.
وأكدت الصحيفة أن مصالح أمريكا ستتضرر كثيرًا إذا لم تكون مصر شريكًا رئيسيًا لواشنطن، إذ حاربت مصر التكفيريين في سيناء وأعلنت البلاد حالة الطوارئ منذ أبريل 2017، عندما أسفر تفجيران انتحاريان تبناهما داعش في كنائس في الإسكندرية وطنطا عن مقتل 45 شخصًا على الأقل.
وبجانب شبه جزيرة سيناء، ساعد السيسي في التوسط للسلام - على الأقل في الوقت الحالي - في غزة بين إسرائيل وحماس، وعلى الرغم من أن مصر لعبت تاريخيًا دورًا مهمًا في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، فقد فوجئ الكثيرون بهذا التطور الذي يعد مؤشرًا لا يمكن لواشنطن تجاهله إذ يسلط الضوء على القيادة الإقليمية الحاسمة التي يمكن للقاهرة توفيرها في المنطقة.
تواجه مصر تحديًا استراتيجيًا على حدودها الغربية من الحرب الأهلية التي دامت عدة سنوات في ليبيا والتهديدات الأمنية الهامة ذات الصلة.
وتشعر القاهرة بالقلق من أن المرتزقة السوريين الذين ترعاهم تركيا، إلى جانب دعم أردوغان للإخوان يمكن أن يشكلوا حكومة ذات توجه إسلامي في طرابلس، بينما تم توقيع وقف إطلاق النار في عام 2020، لا تزال ليبيا متقلبة وغير آمنة.
وبناءً على العلاقات الأمنية الاستراتيجية الأمريكية مع مصر، تشارك القيادة المركزية حاليًا في مناورة عسكرية إقليمية ضخمة تسمى النجم الساطع.
وأوضحت السفارة الأمريكية بالقاهرة في بيانها حول التمرينات أن الشراكة الأمنية الأمريكية المصرية "تلعب دورًا رائدًا في الأمن الإقليمي وجهودًا لمكافحة انتشار التطرف".
لتوضيح حجم ونطاق هذه المناورة، تشمل الدول الأخرى المشاركة: المملكة المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والأردن والعراق والبحرين والسودان والمغرب والكويت والإمارات العربية المتحدة وتونس وكينيا ونيجيريا وتنزانيا وكذلك قبرص وإيطاليا وإسبانيا واليونان وباكستان.
وتأتي المناورة بالإضافة إلى التدريب على مكافحة الإرهاب الذي جرى في وقت سابق من العام.
يواجه أمن القاهرة أيضًا تحديات من الجنوب، حيث يتدفق نهر النيل عبر السودان من إثيوبيا. وتعتمد مصر على نهر النيل لتلبية 95 بالمائة من احتياجاتها المائية.
إثيوبيا، التي تعتمد أيضًا على نهر النيل للمياه، قامت ببناء وملء سد النهضة على الرغم من اعتراضات كل من مصر والسودان، ويقول كلا البلدين أنه بمجرد ملء هذا السد، سيزيد من عدم استقرار الموارد المائية؛ وهي مشكلة خطيرة بشكل خاص لمصر حيث تنمو مدنها الرئيسية بشكل كبير.
بحثًا عن حلول مستدامة لأزمة المياه الناشئة، طلبت مصر المساعدة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والأصدقاء والحلفاء للوصول إلى تقارب مع إثيوبيا ومن الطبيعي ألا تتخلى أمريكا عن مصر إذا كانت واشنطن تمل في تجنب المواجهة العسكرية.
تواجه مصر تحديات أمنية هائلة - داخليًا وخارجيًا. تحتاج الولايات المتحدة إلى أن تستمر مصر كقائد إقليمي رئيسي في الحفاظ على السلام والاستقرار، وكلاهما يصب في مصلحة أمريكا على المدى الطويل.
وختمت الصحيفة تقريرها قائلة: "يجب على الديمقراطيين في الكونجرس التخلي عن خطابهم المعادي لمصر والتركيز على توفير المساعدة الأمنية اللازمة لضمان حماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة بقوة".
وأضافت: "لقد قامت القاهرة بدور قيادي في معالجة عدد من التحديات الأمنية الإقليمية المهمة ويجب تشجيعها ودعمها وليس معاقبتها".