الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

سد النهضة.. صحيفة صينية تستبعد استئناف المفاوضات لتعنت إثيوبيا

الرئيس نيوز

نجحت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في منتصف يوليو، التي أوصى فيها المصريين بعدم القلق من أي تهديد يمثله السد  الإثيوبي للأمن المائي، في تخفيف القلق والغضب من تحرك إثيوبيا الأحادي لملء سدها المثير للجدل دون اتفاق مسبق مع مصر، وفقًا لصحيفة Global Times الصينية.

وكان السيسي، أثناء مؤتمر إطلاق مشروع حياة كريمة لتنمية الريف المصري، أكد أن "كل شيء سيكون على ما يرام. لدينا خطط جيدة ولا داعي للقلق، لم تسعى مصر أبدًا إلى التهديد أو التدخل في شؤون الدول الأخرى".

بالإضافة إلى تصريحات السيسي، التي نجحت كرسالة تهدئة بعد سلسلة من التصريحات النارية ضد إثيوبيا في وسائل الإعلام المصرية، ساد الصمت الدبلوماسي في أعقاب جلسة مجلس الأمن الدولي لمناقشة أزمة سد النهضة في 8 يوليو، والتي لم يتم خلالها اتخاذ قرار أو موقف بشأن سد النهضة. 

في غضون ذلك، توقفت مبادرة الجزائر لاستئناف المحادثات المباشرة بين مصر والسودان وإثيوبيا.

وعلى الرغم من الهدوء النسبي الذي يحيط حاليًا بقضية السد في مصر، إلا أن الملف لا يزال على أجندة السيسي خلال اجتماعاته الرسمية. 

في مؤتمر صحفي عقده في 4 سبتمبر مع نظيره القبرصي نيكوس أناستاسيادس، أشار السيسي إلى جهود مصر المستمرة لتسوية أزمة السد بطريقة عادلة واستئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، ودعا المجتمع الدولي إلى القيام بدور جاد في هذا الملف حفاظا على استقرار المنطقة.

لكن الأحداث المتقلبة والتوتر المتصاعد بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيجراي منذ نوفمبر 2020 أضافت بعدًا جديدًا للتوتر المحيط بسد النهضة. 

أصبح هذا واضحًا في الشهرين الماضيين بعد أن حقق التيجانيون مكاسب كبيرة في الإقليم من خلال الاستيلاء على مناطق رئيسية بعد انسحاب الجيش الإثيوبي.

في غضون ذلك، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد مؤخرًا المدنيين إلى الانضمام إلى الجيش والقتال ضد المتمردين في تيجراي.

من جانبه، قال اللفتنانت جنرال باشا ديبيلي، رئيس أركان جيش الدفاع الوطني الإثيوبي، في مؤتمر صحفي قبل بضعة أيام، إن الجيش تصدى لهجوم شنه متمردو جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي في منطقة بني شنقول-جوموز في أقصى غرب إثيوبيا الذين سعوا لعرقلة بناء السد. 

وتابع أن الجيش قتل 50 متسللا، ولم يذكر ما إذا كان هؤلاء المتمردين قد وصلوا بالفعل إلى موقع السد.

واتهمت إثيوبيا السودان بدعم هذا الهجوم، وهو ما نفته وزارة الخارجية السودانية في بيان، واستنكرت الخرطوم التصريحات الإثيوبية التي من الواضح أنها لها أهداف سياسية، حيث تستمر الحكومة الإثيوبية في إلقاء اللوم على السودان كلما تفاقم الوضع الداخلي في تيجراي.

هروب للأمام

ولكن تسارع التطورات الداخلية في إثيوبيا ينطوي على قدر كبير من الغموض الذي دفع الحكومة الإثيوبية للجوء إلى قوى أجنبية مثل تركيا وإسرائيل. 

وتسعى أديس أبابا للحصول على الدعم في مواجهة التوتر المتصاعد مع الولايات المتحدة، التي ترفض الظروف اللاإنسانية في منطقة تيجراي. 

ويعتمد البعض على احتمال أن تؤدي التطورات في إثيوبيا إلى فقدان الحكومة الإثيوبية السيطرة على منطقة بني شنقول-جوموز حيث يتم بناء السد، أو أن الأزمة الاقتصادية ستتسبب في توقف أعمال البناء. 

وهناك العديد من الفرص التي يمكن لمصر اغتنامها في المستقبل القريب، خاصة وأن الظروف الحالية في صالح القاهرة.

ومن غير المرجح أن تستأنف الدول المتنازعة (مصر والسودان وإثيوبيا) مفاوضات سد النهضة في المستقبل القريب وأي محاولات لاستئناف المفاوضات التي من شأنها أن تؤدي إلى حل سياسي لن تنجح لأن الحكومة الإثيوبية لن تغير مواقفها على الأرجح، خاصة مع تدهور الوضع السياسي الداخلي.

انهارت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا في 4 أبريل خلال اجتماع وزراء المياه والشؤون الخارجية للدول في كينشاسا، لأن إثيوبيا رفضت طلب السودان للوساطة الدولية وأصرت على إبقاء المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي. 

في غضون ذلك، لم يتم إحراز أي تقدم ملموس خلال المفاوضات التي رعاها الاتحاد الأفريقي في العامين الماضيين، حيث تمكنت إثيوبيا من تخزين ما يقرب من 7 مليارات متر مكعب من المياه في خزان سد النهضة على الرغم من معارضة مصر والسودان.

وتصر مصر على ثوابت فنية محددة وواضحة تتعلق باتفاقية ملء السد وتشغيله خلال فترات الجفاف، لكن الفريق المصري منفتح دائمًا على أي مفاوضات حول النقاط القانونية الأخرى في الاتفاقية، مثل آلية حل النزاعات. 

ولا يزال الفريق المصري ينتظر مبادرة واضحة للمناقشة بعد الخلاف الفني والقانوني والدبلوماسي المستمر منذ السنوات الماضية، وأشارت الصحيفة الصينية إلى أن المشكلة الجوهية لا تكمن في التأثير الفني لكميات المياه المحتجزة أثناء الملء، ولكن في الإجراء الأحادي لإثيوبيا في غياب أي استشارة أو اتفاق بشأن أي إجراءات وبشأن اتفاقية قانونية ملزمة. 

فالأثر السلبي المحتمل للجفاف الممتد لا يقتصر على مراحل الملء، ولكن أيضًا على السنوات التي تم فيها ملء السد وتشغيله، مما تسبب في خلاف خلال جولات المفاوضات السابقة حول من سيكون له أولوية الملء وكيف لتوزيع حصص المياه بعد فترات الجفاف.

في غضون ذلك، يجري فريق بحث مصري دراسة حول الكفاءة الحقيقية لسد النهضة وأسباب عدم تمكن إثيوبيا من جمع 13.5 مليار متر مكعب مخطط لها في السد حيث اكتفت بثلاثة مليارات متر مكعب خلال المرحلة الثانية.

ونقل موقع المونيتو الأميكي عن هشام العسكري، أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظام الأرض في جامعة تشابمان بالولايات المتحدة، قوله: "نحاول تقديم إجابة علمية لأسباب فشل إثيوبيا في إكمال المرحلة الثانية من التعبئة بغض النظر عن التصريحات السياسية التي تم تداولها".

وأضاف: "نسعى لتقديم دراسات علمية تختبر سلامة السد والتغيرات في هيكل السد، في وقت لم تقدم إثيوبيا دراسات تقدم إجابات علمية على الأسئلة المتعلقة بالمشكلات الفنية للسد". 

وتنتظر مصر لترى كيف ستتكشف التطورات المتلاحقة على الساحة السياسية في إثيوبيا قبل اتخاذ أي خطوات تنطوي على حوار مع الحكومة الإثيوبية.