الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد 10 سنوات من قتل القذافي.. كيف أصبحت ليبيا أخطر طريق هجرة في العالم؟

الرئيس نيوز

بعد 10 سنوات من الفوضى، نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز عن مراقبين قولهم إن العواقب غير المقصودة للإطاحة بالقذافي، الذي امتد حكمه 42 عامًا، يمكن رؤيتها خارج ليبيا وملاحظة أثرها بسهولة في ملف المهاجرين والوفيات في قوارب الموت عبر البحر الأبيض المتوسط، ومعسكرات الرقيق وبيوت الدعارة القسرية على الأرض، وفي الانهيار الأمني عبر منطقة الساحل الغربي الذي أودى بحياة الآلاف وشرد الملايين وأغرق فرنسا فيما يعتبره البعض حربها "الأبدية".

يقول ماتياس هونكبي، رئيس مكتب مالي لمبادرة المجتمع المفتوح لغرب إفريقيا: "أصبحت ليبيا نقطة ضعف لجميع البلدان المجاورة بما في ذلك مالي والنيجر وتشاد، وكل هذه البلدان إلى حد ما تواجه مشاكل لأننا عدمنا الاستقرار في ليبيا."

في ليبيا، كان التأثير مدمرًا وقد عصف العنف والفوضى بالبلاد منذ الانتخابات المتنازع عليها في 2014 حيث قسمت الفصائل المتناحرة البلاد إلى إقطاعيات، بينما استغلت الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية ومهربو البشر ضعف الدولة. 

في مارس 2021، أدت حكومة وحدة وطنية اليمين في إطار عملية تدعمها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع الأهلي المستمر منذ عامين والذي استقطب قوى إقليمية ومرتزقة أجانب من أمثال تشاد وروسيا وسوريا والسودان، ومن المفترض أن تقود الإدارة الجديدة البلاد إلى انتخابات في ديسمبر.

في عام 2017، تلقت الفتاة النيجيرية بريشس اتصالاً من سيدة تقيم بنفس الحي الذي تعيش فيه، وعرضت عليها فرصة رائعة من الصعب رفضها، واعتقدنت الفتاة أنها أمام فرصة عمل خاج نيجيريا، وأن عملها الجديد سيكون في إيطاليا، حيث يمكنها العمل كخياطة وإرسال الأموال إلى عائلتها. 

رأت الفتاة النيجيرية من قبل أشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي يعيشون على ما يبدو حياة راقية في أوروبا وشاهدت ما فعلته الأموال التي أرسلوها إلى الوطن لعائلاتهم، وأكدت لها المرأة أن الرحلة ستكون سهلة، وبعد ذلك يمكنها مساعدة أسرتها.

تقول بريشوس التي تحدثت للصحيفة البريطانية في مدينة بنين، رابع أكبر مدن نيجيريا ومركز رئيسي للاتجار بالبشر والهجرة إلى أوروبا: "لقد خدعتني وعانيت أشد المعاناة". 

لم تكن الرحلة سهلة على الإطلاق، تم نقل بريشوس، التي تبلغ من العمر الآن 22 عامًا من وسيط إلى وسيط في نيجيريا، ثم في النيجر، وأمرها تجار البشر بالجلوس في مؤخرة شاحنة تويوتا "هاي لوكس" مكدسة تحمل 25 شخصًا وظلت في السيارة لمدة 3 أيام في الصحراء الكبرى. 

تعرضت للضرب والتجويع، ومات آخرون من رفاقها في الرحلة ولكن بدأت معاناتها الحقيقية عندما وصلت الشاحنة إلى الحدود مع ليبيا.

لأكثر من عام، تم احتجاز بريشوس في بيت سري لمماسة الدعارة القسرية مع عشرات النساء الأخريات من جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. 

لم يُسمح لها بالخروج وتعرضت لسوء المعاملة والتجويع، وتقول بريشوس، التي تمكنت من الفرار في عام 2019 وعادت إلى وطنها على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة: "ليبيا مكان سيء، لا توجد قوانين هناك، ويقولون أنه منذ وفاة القذافي تغير كل شيء".

كان معمر القذافي يعمل على السماح بتدفقات الهجرة وإيقافها كوسيلة لانتزاع الامتيازات من الاتحاد الأوروبي وإيطاليا، لكن عندما قُتل عام 2011، بدأ المهربون والميليشيات يملأون الفراغ ويفعلون كل ما يحلو لهم.

ورصدت فاينانشيال تايمز آلاف القصص الوحشية والانتهاكات بين مئات الآلاف من الأشخاص الذين مروا عبر ليبيا في العقد الذي أعقب الإطاحة بالقذافي وانزلاق الدولة الغنية بالنفط في شمال إفريقيا إلى الفوضى والصراع. 

لطالما كانت ليبيا مركزًا تجاريًا للمهاجرين المتجهين شمالًا، لكن بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالقذافي، ارتفعت أعدادهم حيث أصبحت أهم قناة للأفارقة الذين يسعون للوصول إلى أوروبا. 

وتقول الصحيفة إن أكثر من 700 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل حاليًا في ليبيا، وفقًا للجنة الإنقاذ الدولية، التي تصف الرحلة التي سلكتها الفتاة بريشوس ومثيلاتها بأنها "أخطر طريق هجرة في العالم".