الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

وسط تفاقم صراع تيجراي.. طريق إثيوبيا إلى السلام يزداد وعورة

الرئيس نيوز

"لكل حرب نهاية"، حقيقة تاريخية تنطبق على الصراع الدائر الآن في إقليم تيجراي الإثيوبي، ولكن متى وكيف سيأتي السلام، وهل سيصمد؟ 

سؤال طرحته صحيفة The Africa Report، مؤكدة على ضرورة التعلم من تجارب الحرب والسلام الأخرى في القارة السمراء بل وخارجها.

يشير التاريخ إلى أنه في حين أن هناك العديد من الطرق للحرب، فإن هناك طريقة واحدة لتحقيق السلام؛ فلا سلام إلا عن طريق التفاوض. لكن هذا الحل في الحالة الإثيوبية هو صلب المشكلة، فالحوار لن يكون فعالاً إلا عندما يرغب أحد الطرفين في تقديم تنازلات معينة أو عندما يتعثر الطرفان، ثم تصبح ساحة الصراع جاهزة والطريق إلى الحل معبدًا. 

وحتى تحين تلك اللحظة، لن تتمتع الدبلوماسية الخارجية بتأثير يذكر، فالتدخل الأجنبي، مثل التدخل العسكري أو العقوبات الاقتصادية يأتي عادة بنتائج مرغوبة وأخرى غير مرغوبة، وقد يقلب الموازين على المدى القصير، لكنه عادة ما يطيل الصراع بشكل عام.

ولا يزال للسلام في إثيوبيا بعيد المنال حتى الآن. وتشي كافة العوامل المحلية والجيوسياسية أن لهذا الصراع ما يكفي من الوقود ليظل مشتعلاً لبعض الوقت، ولا توجد وسائل سهلة لإطفائه في متناول اليد.

ولفتت الصحيفة إلى أن الشروط الأساسية للسلام، أي النصر العسكري لطرف واحد، أو تغيير القيادة من جانب واحد أو كلا الجانبين غير مرجح في المستقبل القريب. 

في الواقع، من المحتمل أن يشتد الصراع ليصبح أكثر شراسة بينما يعيد الطرفان تجميع مقاتليهما، ويحشدان قوات إضافية، ويجددان مخزونهما الحربي.

إنهاء الحروب صعب

استشهدت الصحيفة بالحالة السورية، فكلما طال مسارها، زادت صعوبة صنع السلام. وذلك لأن فرصة ارتكاب الأعمال الوحشية المروعة تزداد، عن قصد أو عن طريق الخطأ. نظرًا لأن طريقة شن الحرب تحدد جودة السلام الناجح، فإن الصراعات الشرسة التي تشوبها المذابح والجرائم البشعة تجعل من الصعب العودة إلى الوضع الطبيعي، كما أن سيكولوجية القادة والمجموعات المتحاربة أمر حيوي في صنع السلام.

تقدم العديد من النزاعات الأفريقية أفكارًا واقعية حول كيفية انتهاء الحروب، قتلت الحرب الأهلية النيجيرية الشرسة أكثر من مليون شخص ولم تنته إلا عندما استسلمت بيافرا، تاركة ورائها إرثًا مثيرًا للانقسام لا يزال يتكشف. 

واستمرت الحرب الأهلية في موزمبيق لمدة 15 عامًا، ولم تنته إلا عندما انهار الاتحاد السوفيتي ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. كما استمرت الحرب الأهلية التي أعقبت الاستعمار في أنغولا 27 عامًا، ولم تقترب من النهاية إلا باغتيال بطل الرواية الرئيسي، جوناس سافيمبي.

يحمل السودان الرقم القياسي الأفريقي لأطول صراع أهلي. منذ الاستقلال في عام 1955، مرت 60 عامًا من الحرب الأهلية بسبب انفصال جنوب السودان وتورطت الأمة الجديدة نفسها في صراع مستمر لاحق.

الحفاظ على السلام أصعب

بما أن السلام يصنع في نهاية المطاف في القلوب والعقول، فإن أولئك الذين يعانون كثيرًا يحتاجون إلى العزاء من خلال إيجاد معنى لآلامهم وخسارتهم. إذا لم يتم التخلص من الصدمة، فإنهم يصبحون نواة للصراع في المستقبل. لذلك، يجب استرضاء دماء ودموع كل الضحايا في أي نزاع طال أمده من خلال العدالة والتعويضات. 

وللأسف، لا توجد طريقة ذهبية للقيام بذلك حيث يجب أن تجد كل بيئة وثقافة طريقها الخاص إلى السلام. لذلك، تتنوع الطرق عدد تنوع البيئات. ومن الأمثلة على ذلك محكمة سيراليون الخاصة، ولجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا، ومحاكم غاكاكا في رواندا. لم يكن أي منها مثاليًا ولكن أعظم فضيلتهم كانت تقريب العدالة من مجتمعات كل من الناجين والجناة.

التداعيات على إثيوبيا

كيف ينطبق كل هذا على الصراع الإثيوبي في تيجراي؟ على الرغم من صراع صغير عمره أقل من عام، فقد تسبب بالفعل في خسائر بشرية هائلة مع ما يقرب من 6 ملايين في حاجة ماسة للإمدادات الغذائية المنقذة للحياة.

على هذا النحو، فإن الطبيعة الأساسية للصراع الجاري أصبحت أكثر إثارة للقلق. 

وارتكبت جرائم حرب وفظائع جماعية وانتهاكات صارخة للقوانين الإنسانية بوسائل وتقنيات مطورة مثل الطائرات بدون طيار والدبابات. 

وتم اغتصاب الآلاف وحدث عدد لا يحصى من عمليات الإعدام خارج القانون،  علاوة على تدمير سبل العيش عمداً.

إيجاد تطالب سيلفا كير بالتوسط

طلبت منظمة إيجاد الأفريقية من رئيس جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، التوسط في الصراع الدائر في إثيوبيا. وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، وهو أيضا رئيس إيجاد إن رئيس جنوب السودان هو الشخص المناسب لإنجاز هذه المهمة.

طلب رئيس المنظمة الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) من الرئيس كير أن يتواصل مع إثيوبيا باعتباره الشخص المناسب للتوسط من اجل تسوية الصراع الإثيوبي. 

وقال وزير الإعلام بجنوب السودان، مايكل ماكوي، "قال حمدوك إن كير هو الشخص المناسب للتوسط في المحادثات بين أديس أبابا والحكومة الإقليمية في تيجراي". 

وقال ردًا على ذلك، لقد لبى الرئيس سيلفا كير هذا النداء. وأضاف ان "الرئيس وافق على الطلب وجاري الان الاستعدادات لبدء عملية الوساطة".

كان الرئيس كير في إثيوبيا، الخميس الماضي، في زيارة رسمية حيث التقى برئيس الوزراء أبي أحمد في العاصمة أديس أبابا.