رصاصات المسافة صفر.. نتنياهو ورفاقه يهاجمون بينيت على حساب جيش إسرائيل
اشتعلت معركة شديدة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت وسلفه بنيامين نتنياهو في أعقاب إصابة قناص يعمل ضمن فرق شرطة حرس الحدود برصاصة من مسافة قريبة خلال احتجاجات شغب فلسطينية على السياج الحدودي مع قطاع غزة.
في 21 أغسطس أصيب الرقيب "باريل حضرية شمويلي" من الدرجة الأولى، وفي 30 أغسطس، توفي متأثرا بجراحه.
وأثار الحادث جدلاً عامًا في إسرائيل حول جدوى ومخاطر نشر جنود بالقرب من السياج في غزة وحول تعليمات إطلاق النار.
والأكثر من ذلك، بث الحادث الرعب بين جنود جيش الاحتلال، ووفقًا لصحيفة واشنطن إكزامينر الأمريكية عمل الحادث على زعزعة الجيش الإسرائيلي وتسبب في توترات عدة على المستوى السياسي في إسرائيل.
وعلق موقع المونيتور الأمريكي على الحادث قائلاً: "يمكن للمرء أن يقول أن الحصن الأخير للإسرائيليين قد انهار.
وفي أعقاب مقتل شمولي، استهدف اليمين السياسي وخاصة أتباع رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو آخر بقرة مقدسة متبقية من الروح الإسرائيلية، ويبدو أن نتنياهو عازم على مواصلة الصراع السياسي ضد غريمه بينيت حتى ولو على حساب الجيش الإسرائيلي.
يعكس هذا الهجوم العلني الذي يدو جزء كبير منه على وسائل التواصل الاجتماعي المحاولات المستمرة لنتنياهو وأنصاره للتشكيك في شرعية جميع المؤسسات الإسرائيلية الرسمية.
الهدف واضح للغاية: تقويض الشرعية الهشة بالفعل لرئيس الوزراء نفتالي بينيت وحكومته.
وكان العديد من المراقبين يعتقدون أن هذا الهجوم الضاي الذي لا هوادة فيه من قبل شركاء نتنياهو سيتوقف قبل أن يصطدم بالجيش، والذي ما زال العديد من الإسرائيليين يعتبرونه رمزًا للإجماع الوطني.
ولكن ثبت أنه مجرد اعتقاد خاطئ، فحتى بينما كان يقضي إجازته في هاواي، لم يكن لدى نتنياهو أي مانع من استغلال حادث مقتل الرقيب شمولي في خدمة أغراضه السياسية.
ووقع إطلاق النار بينما كان الفلسطينيون يستعدون لمسيرة احتجاجية كبيرة على طول الحدود في شمال غزة. تم نشر القوات الإسرائيلية بأعداد كبيرة، ولكن بسبب المعلومات الاستخبارية الخاطئة، فشل قادة القوة في توقع اقتحام الجماهير الفلسطينية للسياج.
وخلال الاشتباك الذي أعقب ذلك، أخرج أحد الفلسطينيين مسدسًا وأدخله من خلال فتحة صغيرة في الجدار المحصن كان القناصة الإسرائيليون يستخدمونها لمواجهة المظاهرات، وأطلق عدة رصاصات أصابت شمولي في رأسه.
وأثار مشهد فلسطيني يطلق النار على جندي إسرائيلي من المسافة صفر، تم التقاطه مباشرة من الكاميرات، عاصفة غضب واستياء عارمة هزت الجيش الإسرائيلي، وتحولت بسرعة من ساحة المعركة العسكرية إلى ساحة المعركة السياسية.
ولم يكن أول من أثار الجدل سوى زعيم المعارضة نتنياهو، الذي كان يقضي إجازة في جزيرة لاناي في هاواي المملوكة للملياردير مؤسس شركة أوراكل لاري إليسون. وشوهد الاثنان وهما يتناولان العشاء في مطعم على الجزيرة.
عندما اتصل بينيت بعائلة الرقيب شمولي بعد وقت قصير من إصابته للاستفسار عن ابنهم الجريح وتقديم الدعم له، أخطأ أثناء المكالمة ودعا الجندي باسم والده (يوسي).
لم يضيع نتنياهو وقتا في الانقضاض على هذه الزلة، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان "عار!" كانت هذه إشارة لمؤيدي نتنياهو الذين نظموا مظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تروج لنظرية يريدها زعيمهم، استنادًا إلى حد كبير إلى أخبار مزيفة، بأن المستويات السياسية قد أصدرت تعليمات للجيش الإسرائيلي بتجنب فتح النار على الفلسطينيين حتى يتمكن بينيت من قضاء يومه في البيت الأبيض وصورته التي طال انتظارها في 27 أغسطس مع الرئيس جو بايدن.
أصبح لدى مؤيدي نتنياهو واليمين المتطف كل ما يحتاجون إليه لإشعال الغضب وتنافست دعوات وشعارات مثل "بينيت خائن" مع ملصقات تظهر بينيت وهو يلوح بذراعيه ملطختين بالدماء.
لكن هذه المرة، وعلى غير العادة، لم تتوقف حملة التشهير عند السياسيين. انتقلت بسرعة إلى رتب الجيش، مع التركيز على قائد القيادة الجنوبية والمساعد العسكري السابق لنتنياهو، الميجور جنرال اليعازر توليدانو، وكذلك ضباط وقادة فرقة غزة. ظهرت حركة احتجاجية لجنود الاحتياط المقاتلين على الإنترنت، حيث ادعى البعض أن الجيش يقيّد أيدي مقاتليه، ويحد من حريتهم في إطلاق النار على العدو، وبذلك يتركهم لمصيرهم بأوامر من السياسيين.
وأصدر الجيش الإسرائيلي منذ ذلك الحين تقرير تحقيق أولي حول الحادث. لكن الحقائق التي خلص إليها التحقيق مختلفة تمامًا عن الوصف الصادم على وسائل التواصل الاجتماعي للأحداث التي وقعت في ذلك اليوم على طول الحدود.
لم يُعط الجيش الإسرائيلي أي أمر لكبح جماح قواته، وظلت قواعد إطلاق النار دون تغيير كما يتضح من 43 رصاصة أطلقها قناصون من الجيش تجاه الفلسطينيين الذين اقتحموا السياج.
وخلص التحقيق في الحادث إلى أن عدد الرصاصات كان في الواقع أعلى من العدد المعتاد في ظل هذه الظروف، وأن شمولي نفسه تمكن من إطلاق خمس رصاصات على الفلسطينيين قبل أن يُسقط.
وخلص التحقيق إلى أن قادة القوة ارتكبوا خطأ تكتيكيًا بالفشل في تأمين أنفسهم والتقهقر إلى مواقع إطلاق النار المحمية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لمنع أي شخص يحاول التسلل عبر السياج.
قال ضابط عسكري كبير لموقع المونيتور، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "إن ضباط فرقة غزة محبطون، وهناك تحكات ممنهجة لتأليب المقاتلين ضد قادتهم، لتقويض الروح المعنوية وتقويض شرعيتنا".
عندما سأله "المونيتور" عمن وراء هذه المحاولة، اختار عدم الإجابة. قال: "يمكنك أن ترى ما يجري مثلما أرى".