تسجيلات صوتية نادرة.. فاطمة رشدي تروي كواليس جولاتها في الوطن العربي وكيف استقبلها الملك فيصل بعد أن تاهت في صحراء العراق لمدة يومين
بعد العرض الأولى فاطمة رشدي تتبرع بإيرادات حفل الافتتاح لمنكوبي فيضان دجلة والفرات
قصة تهريبها في حقيبة سفر بعد محاولة اختطافها في سوريا وأسرار زيارتها للمسجد الأقصى
تعد جولات فرقة فاطمة رشدي في الوطن العربي وشمال إفريقيا، مقدمة لما أسمته في مذكراتها التي ينفرد "الرئيس نيوز" بنشرها، وحدة عربية قومية مشتركة، بل أنها ترى تلك الجولات، ساهمت كثيرا في دعم الوحدة العربية ونشر الوعي الفني والثقافي في جميع الأقطار العربية، وبرغم المتاعب التي واجهتها فرقة فاطمة رشدي، إلا أنها التقت بعدد من الزعماء والملوك والأمراء، وكانت لها لقاءات عديدة مع سياسيين وأجهزة مخابرات، ترويها لنا "سارة برنار الشرق" فاطمة رشدي، خلال الحلقات التالية، وتحتوي هذه الأسرار على نوادر كوميدية وإنسانية وتفاصيل تعاونها مع المقاومة في الجزائر، وحكايات أخرى متعددة نوثقها في الحلقات بصوت اول ممثلة مصرية.
فاطمة رشدي في العراق .. من تائهة في الصحراء إلى قصر الملك فيصل الثاني
ومن أبرز النوادر التي واجهت فاطمة رشدي، ما جرى معها وفرقتها فور وصولهم إلى العراق، ولسوء الحظ لم تجد في استقبالها منظم الحفلات الذي تعاقد معها لإقامة حفلات هناك، وفوجئت الفنانة الصغيرة بأنها وفرقتها يسيروا في صحراء جرداء، ولا يعرفوا أى طريق يسلكون، ولمدة تزيد عن يومين، منهم 18 ساعة بدون طعام أو مياه، حى أنها بدأت تشعر بهلاوس سمعية وبصرية وتقول أنها تشاهد أحدا يأتي من بعيد، ويرد عليها أحد أعضاء الرقة "هذا سراب يا فاطمة .. لقد انتهينا جميعا"، وتروي فاطمة رشدي في مذكراتها قائلة عن هذه الواقعة : "أسلمت أمري وأمر فرقتي إلى الله، وإذا بأعرابي يظهر أمامنا من بعيد وكأن الأرض انشقت عنه، فأسرع إليه ستيفان روستي ممثل الفرقة، ونادى عليه بأعلى صوته ولبى الأعرابي النداء، وقادنا إلى بغداد، ووصلنا في السابعة صباحا بعد يومين تائهين في الصحراء، ونحو 18 ساعة بلا ماء ولا زاد، وعندما وصلنا إلى أكبر منزل في المدينة حجز لنا مدير الفرة أحمد مختار غرفا للاامة بها، وفي غرفتي ألقيت جسدي على السرير بعد الاستحمام بسبب الارهاق".
نامت فاطمة رشدي عدد ساعات طويل قد يصل إلى 12 ساعة متواصلة، بعد حالة الرعب والقلق والارهاق التي حاصرتها لما يقرب من ثلاثة أيام تائهة في صحراء العراق، وتروي أنها استيقظت على طرق متكرر على الباب، لتفاجأ بخادم المنزل الذي يقيموا به، يبلغها بأن قنصل مصر في العراق ينتظرها في الريسيبشن، وبالفعل نزلت لمقابلته، فرحب بها وأبلغها أم ملكة العراق تدعوها إلى القصر الملكي، وعليها أن تعد نفسها لحفلة شاي بعد ساعات قليلة.
وتقول فاطمة رشدي :"ذهبنا في الموعد المحدد ودخلنا بهو حوالي 30 متر واصطف على الجانبين عائلات الوزراء والسفراء والأسرة الحاكمة، واستقبلتني الملكة بإبتسامة جميلة واقتربت منها وصافحتها، وهنأتني بسلامة الوصول وأبدت سرورها بلقائي الذي كانت تتوق إليه منذ فترة".
شاعر العراق الأول يلقي قصيدة في حب فاطمة رشدي .. وتعلن تبرعها بإيرادات حفل الإفتتاح لمنكوبي فيضان دجلة والفرات
بدأت فرقة فاطمة رشدي في عرض مسرحية "السلطان عبدالحميد"، وعندما انتهى العرض أشاد بها الملك فيصل أخر ملوك العراق، ودهش من أدائها وأثنى عليها، ثم دعاها للدخول إلى قاعة كبيرة وهي قاعة العرش، وجلست بها لتشرب الشاي، ودار بينهم حوار عن الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، وبعد الحديث قررت فاطمة رشدي تقديم العرض المسرحي للجمهور، وفوجئت بزحف جماهيري كبير جدا لحضور المسرحية، واحتل الجمهور الممرات والمقاعد، وهو ما لم تتوقعه في أول عرض جماهيري لفرقتها، وتقول :"الجمهور حطم أسوار المسرح من أجل الحضور ولم نحلم بذلك"، ثم صعد بين فصول المسرحية شاعر العراق الأول جميل سندي الزهاوي، وألقى قصيدة في محبة فاطمة رشدي وقال :
ما شاهدت عيني ممثلا كفاطمة الشهيرة .. ابدت جلاء الفن حتى فى مواقفه الخطيرة
جاءت تداعب دجله حتى أبان ثورته الأخيرة .. جمعت إلى الفن الجميل جمال طلعتها المنيرة
وجه صبيح ذو رواء مثل زمبقة نظيرة .. الصورة الحسناء رامزة الى حسن السريرة
بالله انتي وبالبراعة من ممثلة خطيرة
وتروي في مذكراتها قائلة :"في أثناء الإدلاء بالقصيدة قال لي عزيزعيد وهو متأثر بالحفاوة التي استقبلنا بها (يجب أن تقابلي هذا الشاعر العظيم، ويجب أن تتبرعي بإيراد حفلة الإفتتاح لمواجهة أزمة الفيضان بالعراق)، فقبلته شاكرة، وأعلنت تبرع الفرقة لمنكوبي فيضان دجلة والفرات، واستقبل الجمهور الخبر بحفاوة شديدة وتصفيق جاد وهتافات من أهل العراق، ثم كانت الإنطلاة في العراق بتقديم 6 حفلات يوميا من أجل الجمهور".
وتضيف فاطمة رشدي قائلة :"في مره أخرى دعاني الملك فيصل الأول إلى حفلة شاي أخرى أنا وعزيز عيد فقط، وفي مساء اليوم نفسه مثلنا على مسرح أقيم خصيصا فى حديقة القصر الملكي، ولم يحضر سوى السفراء والوزراء وكبار المسؤلين والأمراء، ومثلنا رواية "سميراميس"، وكان واجبا علينا أن نجتهد أمام هؤلاء العظام.
انتهت جولة فاطمة رشدي وفرقتها في العراق، بعد أن أقيمت لهم عدة حفلات تكريم حتى أن السفارة البريطانية نفسها أقامت لهم حفل تكريم، واختتمت بحفلة تكريم في القنصلية المصرية، ثم رحلت إلى دمشق.
دمشق وفلسطين .. محاولة خطب وتهريبها في حقيبة سفر وزيارة للمسجد الأقصى
ومن النوادر التي واجهت فاطمة رشدي أثناء جولاتها في الوطن العربي ما جرى معها في دمشق، وتقول في مذكراتها :"لم يكن استقبالنا في دمشق أقل حماسة من العراق، واستقبلنا الجمهور بترحاب شديد، ومثلنا في احدى القرى الكبيرة، ثم انتقلنا إلى قرية صغيرة جسدنا بها "مصرع كليوباترا"، وكان عزيز عيد جالسا بين الحضور، وفور انتهاء العرض قال لاستيفان روستي (في ناس هنا بيدينوا بديانة غريبة وبيعبدوا الستات وعايزين يخطفوا فاطمة رشدي)، ودخلوا إلى غرفتها وأبلغوها، واتقفوا على وضعها في شنطة كبيرة حتى يغادروا الحدود، وبالفعل وضعوها في الحقيبة الكبيرة، وتقول فاطمة رشدي :" وضعوني فى الحقيبة، وكدت أموت من الاختناق، وكلما مرت السيارة بمطب أشعر بألم شديد، حتى وصلنا لحدد المدينة".
وانتقلت فاطمة رشدي بفرقتها إلى فلسطين، وزاروا المسجد الأقصى، ثم عادوا إلى القاهرة للكفاح في زمن الفن، وتقول فاطمة رشدي :"بالطبع إقبال الجماهير على عروضنا في الوطن العربي كان يدر ربحا كبيرا، ولكن رواتب الفرقة والدعاية وتكاليف السفر والمعدات مكلفة جدا أيضا ولا نحصد شئ من هذه الرحلات، ولكني دائما أتذكر كلام عزيز عيد حينما يقول (لكل انسان في الحياة رسالة يجب أن يؤديها، وأمضيت الصيف كله في رحلات عربية، واستغرقت هذه الرحلة 3 أشهر متواصلة خارج مصر.
الحلقة القادمة ..
كواليس جولات فاطمة رشدي في الوطن العربي .. العراق ودمشق وفلسطين
ضابط فرنسي يسمح لفاطمة رشدي وفرقتها بدخول تونس بعد رفض المخابرات التونسية
علاقتها بالمقاومة الجزائرية وقصة حبها مع زعيم المقاومة
تفاصيل تحقيق المخابرات الفرنسية معها وترحيلها إلى مصر