النائب محمود سامي رئيس "برلمانية المصري الديمقراطي": السياسة في مصر تمت شيطنتها.. والإفراج عن المحبوسين يجنبنا الابتزاز الخارجي (حوار)
"الشيوخ" لم يجر حوارات مجتمعية.. وصلاحيات واختصاصات المجلس ضعيفة
طموحات الحكومة كبيرة جدا.. والمشكلة تكمن في التمويل والاقتراض
لا بد أن نتجاوز الاقتصاد الريعي القائم على الاقتراض وفرض الضرائب والرسوم
يرى النائب محمود سامي، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي في مجلس الشيوخ، أن السياسة في مصر بات ينظر إليها وكأنها عمل شيطاني، وأن الانفراجة التي يتحدث عنها البعض لا تحدث إلا على استحياء، داعيا إلى إجراء حوار بين الأحزاب بعضها البعض، ومن ثم عقد لقاء بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والأحزاب السياسية.
"الرئيس نيوز" تحدث مع النائب محمود سامي حول مجلس الشيوخ واختصاصاته وسياسات الحكومة الاقتصادية والحياة السياسية وجهود الإفراج عن المحبوسين احتياطيا وغيرها من الأمور. وإلى نص الحوار:
ما التشريعات التي ناقشها وأقرها المجلس وكانت تمس المواطنين بشكل مباشر؟
نتفق مع الكثيرين فى أن صلاحيات واختصاصات مجلس الشيوخ ضعيفة ومحدودة للغاية، وتحدثت بشأنها في أول لقاء لي بالصحفيين في البرلمان بأن هذه الصلاحيات والاختصاصات بحاجة إلي تعديل وهذا أمر بلا شك متوقف علي الدستور، حتى يتم الاستفادة الأكبر من نواب المجلس، أو أن يتم زيادة التكليفات التى يتم عرضها على المجلس من جانب مجلس النواب ورئيس الجمهورية، بعيدا عن تعديل الاختصاصات، والجزء الثاني هو ما تم تفعيله بشكل كبير وتم إحالة العديد من التكليفات والتشريعات علي مجلس الشيوخ وساهم مع مجلس النواب فى إصدارها، منها قانون الصكوك الإسلامية وقانون المالية العامة الموحد، وبذل فيه مجهود كبير جدا سواء على مستوي اللجنة النوعية أو الجلسات العامة.
هذا الدور يوفر الوقت على مجلس النواب خاصة أن جدولهم دائما ما يكون مكدس بالعمل وملئ بالتشريعات الجديدة والاقتراحات والشكاوي وغيرها من المهام الرقابية الأخري، وهذه فلسفة تم تطبيقها بإحالة العديد من التشريعات لمجلس الشيوخ من أجل دراستها ومناقشتها ومن ثم تخفف العبء علي النواب أثناء نظرها لهم، وأقدر أقول إن مجلس الشيوخ لعب دور استشاري تشريعي بعمق.
اختصاصات "الشيوخ" تشمل إجراء حوارات مجتمعية.. هل استغلت مناقشات المجلس هذا الاختصاص؟
لم يتم التطرق لهذا الاختصاص بشكل فعال، وهو أمر يؤكد أن المجلس غير مستغل بالصورة المثلى ويمكن استغلاله بصورة مختلفة في هذا الإطار، ولكن لا بد أن ندرك أن التجربة لا زالت جديدة والصورة ليست بالوضوح الكافي بشأن أعمال المجلس، والحركة لا تزال بطيئة ونحن فى لجنة الشئون المالية والاقتصادية أجرينا جزءا من الحوارات والنقاشات فيما يخص بيئة الاستثمار، ولكن لم يتم إجراء حوارات مجتمعية كبيرة، وأتصور أن هذا الجزء سيكون له النصيب الأكبر بدور الانعقاد الثاني، ولكن فى المجمل ما جرى في دور الانعقاد الأول فاق توقعاتي خاصة أنني كنت أتوقع أنه لن بفعل أي شيئ.
على مستوى التشريعات، هل يأخذ مجلس النواب بتعليقات وملاحظات أعضاء الشيوخ؟
جزء كبير من التشريعات التى تمت إحالتها لمجلس الشيوخ كان اقتصاديا، ومن ثم تم إحالتها للجنة المالية والإقتصادية وأنا أحد أعضائها، ومنها قانون الصكوك الإسلامية والوقف الخيري والمالية الموحد، فضلا عن التشريعات الاجتماعية مثل عقوبة الختان وقانون التعليم الذي تم رفضه من المجلس وتم سحبه من الحكومة، ومعظم الملاحظات التى أبداها مجلس الشيوخ على التشريعات تم التجاوب بشأنها من قبل مجلس النواب.
ملف قانون التعليم وتعديلات الثانوية العامة تم رفضه بمجلس الشيوخ، والأمر متعلق بمادة واحده فقط، وتم الرفض بتوافق كبير من الأعضاء، وكنت أنا شخصيا أرى به بعض الإيجابيات ولكن الملف شعبوي والثانوية العامة تهم كل بيت مصري، والدكتور طارق شوقي يحاول أن يطور، ولكن كل محاولات التطوير متعثرة وينتج عنها ببعض الأحيان صرف مبالغ طائلة ولا تستخدم بالشكل الأفضل.
العديد من التشريعات التى تعرض علينا فى مجلس الشيوخ تبدو للوهلة الأولى وكأنها اجتهاد وزارة بعينها دون النظر لارتباط الوزارات الأخري بها، والجميع يعمل من أجل رؤيته فقط، مثل قانون المالية الموحد وحالة المناقشات الكبيرة التى تمت بين المالية والتخطيط والجهاز المركزي للمحاسبات ، وجهدنا فى اللجنة يكون من أجل توفيق الأوضاع، وقانون الصكوك السيادية أيضا.
طموحات الحكومة كبيرة جدا.. والمشكلة تكمن في التمويل والاقتراض
هناك شكاوى عديدة من سياسات الاقتراض والتوسع في فرض الضرائب والرسوم والاعتماد على الاقتصاد الريعي، كيف ترى هذه الإجراءات؟
تعثرنا فترات كبيرة جدا قبل عام 2011، والمنطق كان "علي أد لحافك مد رجليك"، فتأخرنا فى أمور كثيرة علي مستوي البنية التحتية وكساد وبطالة وجاءت الثورة تسبب فى هزة أكبر للاقتصاد، والوضع أصبح شديد الصعوبة، وبالتالي الحكومة تعمل على تصحيح هذه الأوضاع ولكن من خلال طموحات كبيرة لا نعرف من أين سيتم تمويلها، وبالتالي يتم الاتجاه لفرض الرسوم والضرائب من أجل توفير الاعتمادات المالية، هذه هي المشكلة أننا بنحط طموحاتنا وأفكارنا ولا ندرك من أين سيتم التمويل، ومثلا حياة كريمة نحن كحزب معارض مؤيد لها جدا ولكن حتى الآن لا نعرف من أين سيتم التمويل، وكان لي جولات ونقاشات مع وزيرة التخطيط بشأن هذا الأمر، خاصة عن مناقشة خطة التنمية التى تعرض على مجلس الشيوخ، ودائما سؤوالي لهم: "التمويل هيجي منين"؟
ما موقف الحزب من برامج الحماية الاجتماعية؟ وكيف تنظر إلى مشروعات مبادرة "حياة كريمة"؟
نحن حزب معارض ولكن الطريقة مختلفة عن الماضي، لدينا هيئة برلمانية مشتركة وبينها تكامل كبير، ومن ثم يرلا كل منا الآخر داخل الهيئة المشتركة من الشيوخ والنواب، ونحن مؤمنين أن مظلة الحماية الاجتماعية مختلفة ومميزة وتهم الريف الذي كان مهملا لسنوات طويلة، وكانت لدينا ملاحظات كثيرة على خطة التنمية مثل منظومة النقل التى ينفق عليها الكثير ونرى أن الأولوية في الصحة والتعليم، ويكون الرد بأن منظومة النقل مهملة منذ سنوات، ورغم اختلافنا مع الحكومة في العديد من النقاط إلا أننا نري أن مظلة الحماية الاجتماعية فى مصر جيدة ومختلفة.
أود أيضا التأكيد على أن "حياة كريمة" تحظى بدعمنا، ولكن الاعتراض على الأولويات فقط سواء فيما يتعلق بمنظومة النقل على حساب الصحة والتعليم، وأيضا الإنشاءات، هي أمور جيدة ولكن لا تحقق التنمية المستدامة المطلوبة، وأنا متعاطف مع وزير المالية جدا ولكن الظروف صعبة.
في ضوء الرسوم والضرائب، هل ترى أن ضريبة الحماية الاجتماعية يتم دفعها من جيب المواطن؟
مصادر التمويل في مصر الضرائب والرسوم والاقتراض، هذا كان محور نقاش مع وزيرة التخطيط وسؤالي كان لها واضحا كما ذكرت سالفا: "ما هو توجه الاقتصاد المصري؟ يمين أم يسار؟ رأسمالي أم اشتراكي؟ وردها كان واضحا في أنه لا يوجد توجه للاقتصاد في مصر، والخطة هي الحق في التنمية، وهكذا تكون التنمية "باليسار شوية وباليمين شوية.. المهم في النهاية تتحقق التنمية.
واجهت وزيرة التخطيط بالقطاع الخاص في خطة التنمية، وأنه سيحتضر بهذا الشكل، واقترحت عليها مقترحين متناقضين: الأول هو أننا نشجع القطاع الخاص ونفتح له السوق ونعيد له دوره، والثاني أنه لا يوجد مانع في أن نعيد القطاع العام مرة أخرى وهو أمر يقترب من توجهاتنا، ويكون بشكل ورؤية مختلفة ، ويكون قطاع عام جاد وحقيقي.
نحن في مرحلة انتقالية، ولا بد أن تنتهي هذا العام وننتقل من مرحلة الاقتصاد الريعي إلى التنمية المستدامة الحقيقية، والاقتصاد الحقيقي لا بد أن يقوم في المرحلة المقبلة على الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، وقلت لوزيرة التخطيط إن خطة التنمية لهذا العام لا تعكس الاقتصاد الحقيقي الذي يعتمد في الأساس على الزراعة والصناعة والتكنولوجيا، والذي يضمن معدلات تشغيل مختلفة وتقليل البطالة وغيرها من الضوابط التى تدعم الاقتصاد بشكل مختلف.
حديث الحكومة عن المؤشرات الاقتصادية والبطالة وغيرها يظهر دائما أن الوضع بات أفضل مقارنة بـ2010.. ما رأيك؟
الحديث صحيح جدا، ولكن أين موقف الدين؟ وزيرة التخطيط ووزير المالية فلسفتهما أنه لا أحد ينظر إلى حجم الدين، مهما كان الرقم ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي، هو يقول "ما دمنا بنقلل الدين مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي يبقي مش مهم هو اد إيه؟"، هذا بالتأكيد أحد اعتراضاتي وتعليقاتي على الموازنة وقانون المالية العامة الموحد، الدين ليس موجودا بشكل سليم، وأنا أعتقد أننا وصلنا لـ110% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني 8 تريليون تقريبا، وطبعا الدين يحدث نموا وفرص عمل ومشروعات قومية وهذا أحد الحلول ولكن خدمة الدين تمثل ثلث الموازنة.
لا بد أن نتجاوز الاقتصاد الريعي القائم على الاقتراض وفرض الضرائب والرسوم
ما تقييمك للحياة السياسية في مصر؟ وكيف ترى جهود الإفراج عن المحبوسين احتياطيا؟
يشهد الشارع السياسي المصري، إلى حد ما، انفراجة سياسية، بدأت بالتحالف الانتخابي مرورا بما يحدث فى البرلمان بغرفتيه وإعطاء المساحة الكافية للمعارضة للتعبير عن رؤيتها بشكل كامل ومنها ما يتم الأخذ به في التشريعات المعروضة، وفي الشارع أيضا نحصل على المساحة الكاملة فيما يتعلق بالجانب الخدمي، ولكن أي حديث بشأن السياسة في الشارع يكون منبوذ، خاصة - وسأكون صريحا هنا- أن السياسة في مصر تم شيطنتها خلال الفترة الأخيرة، أي كلام في السياسة بات ينظر إليه وكأنه كلام سيطاني، والجمهور نفسه تشبع بهذا المنطق، ولو أنا موجود في مركز شباب وتحدثت أي كلام سياسي يكون هناك رد فعل بالانسحاب، لأنه فعلا توجد حالة من الشيطنة لكل من يتحدث في السياسة، هذا أمر يحتاج لوقت ومجهود، وأنا أقول دايما أن السياسة لا تزال في القاهرة والجيزة، واستقبالنا في وسائل الإعلام المختلفة يكون على استحياء، الأبواب تفتح على استحياء، أي أنها انفراجة على استحياء، وهناك تخوف من أن نتحدث في إطار معارض، ولكن نحن حديثنا دائما متزن وليس من أجل الشو، وهذا منطق يجعلنا لا نكسب الشارع إطلاقا.
وفيما يتعلق بملف المحبوسين، فنحن نشارك فى كل تحركات النائب محمد أنور السادات، ورئيس الحزب دائما في كل هذه التحركات، ولكن نحن لا يشغلنا من يتصدر المشهد بقدر ما يهمنا أن يخرج الشباب من السجون، ولكن يوجد جزء آخر لا يزال جهدنا به متواصل وهو متعلق بزياد العليمي وحسام مؤنس، ونحاول بقدر الإمكان أننا ننتهى من هذا الأمر.
نحن نقول أيضا إن النظام العالمي تغير، ذهب ترامب وجاء بايدن، ومصالح النظام العالمي الجديد تقوم على ابتزاز الدول بملف حقوق الإنسان، وأنا دائما أقول إن مثل هذه المبادرات الداخلية تقطع الطريق على كل صور الابتزاز الخارجي.
هل تقتصر المبادرات التى يشارك فيها الحزب المصري الديمقراطي على المطالبة بالإفراج عن المحبوسين؟
المبادرات تشمل كل الاتجاهات، خاصة التشريعات ذات الصلة، وما ندعوا له مؤخرا بشكل جدي هو الحوار الوطني بين الأحزاب، في الماضي كانت القيادة السياسية تقول "اقعدوا مع بعض"، في إشارة للأحزاب، وكانت كل المحاولات للحوار لا تنجح بسبب الخلافات الأيديولوجية، وبالتالي خلال الفترة الأخيرة نبحث بشكل حقيقي حالة الحوار الجدي بين الأحزاب وبعضها البعض من أجل المستقبل.
يحظى الحزب المصري الديمقراطي بعلاقة طيبة مع أحزاب الموالاة، هل تشمل أجندة الحوار تقريب وجهات النظر مثل الكرامة والتحالف الشعبي؟
السياسة هو أن تتحدث مع أي أحد، لا يجوز في السياسة رفض الحوار مع أي طرف، ومن ثم نحن نحاول أن نصيغ مبادرة، بحيث تجلس الأحزاب مع بعضها البعض، ومن محاسن الصدف أن رئيس مجلس الشيوخ هو رئيس حزب مستقبل وطن، وأنا تحدثت معه في هذا الملف، وأولويات هذه المبادرة ستكون متمثلة في الإنفراج السياسي وضروة أن يتم بشكل منظم ومحدد مع الإيمان بأنه لا يوجد عصا سحرية للوصل إلي نتائج بشكل سريع، وأن يتم وضع ملف المحبوسين بالمناقشات والتغلب على ما تكونت بشأنه من صورة ذهنية ذات صلة بشيطنة السياسة، ثم تحدث انفراجة تدريجية بمختلف المجالات، والانفراجة السياسية من شأنها أن تقوي الجبهة الداخلية بلا شك، والابتزاز الخارجي لن يكون له مكان.
دائما أقول إن الدول القوية 3 أنواع: الأول هي الدول التى تملك السلاح، ومن ثم لا يهمها شئ، والدول القوية اقتصاديا مثل الصين ومن ثم لا أحد يستطيع مواجهتها اقتصاديا، والدول القوية من الداخل اي بالديمقراطية وهذا ما أراه في الدول الأوربية الغربية مثل السويد، ومن ثم نحن في مرحلة التواصل الآن بشأن هذه المبادرة مع رئيس مجلس الشيوخ ولم نصل لرد منه حتى الآن، ونتواصل مع أحزاب وجهات أخري ذات صلة من أجل إنجاح هذه المبادرة وتحقيق حوار حقيقي بين الأحزاب من أجل انفراجة سياسية حقيقة.
البعض كان يبدي ملاحظات على غياب اللقاءات بين الأحزاب والرئيس السيسي.. كيف ترى ذلك؟
بكل تأكيد لقاءات الرئيس مع الأحزاب السياسية من شأنها أن تتغلب على الصورة الذهنية التى أصبحت تنظر للسياسة وكأنها شيطان، والسياسة مش هتكون شيطان، أنا أتفهم أننا فى فترة ما بعد الثورة كان هناك حالة من السيولة وبالتالي كان لا بد من الضبط ولكن الوقت تغير والوضع تغير أيضا وأصبحنا أمام تحسن مختلف ومن ثم لا بد من نظرة أخري تجاه السياسة بعد تطور أوضاع الإقتصاد والأمن، والدولة المستقرة ديمقراطيا واقتصاديا هي التى يكون بها حياة سياسية وأحزاب حقيقة.
أنشئ مؤخرا اتحاد شباب الجمهورية الجديدة، وأصبحنا أمام كيانات متعددة من جانب الموالاة أمام حالة صفرية لدى المعارضة.. كيف تقيم ذلك؟
كنت أتحدث منذ أيام عن حالة الإفراجات التى تمت للشباب من السجون، والكثير منهم أعرفهم بشكل شخصي وأدرك نزاهتهم ولا يمكن أن أقول عليهم أن أي منهم ممول من الخارج أو عميل، ومن ثم وبمناسبة تدشين مثل هذه الكيانات لا بد أن ندرك أن المؤيدين بينهم كفاءات كثيرة ولكن لا يعول عليهم، ولنا في الحزب الوطني عبرة كبيرة بالـ3 ملايين كارنيه، هذه كلها كيانات لا يعول عليها بالشكل المطلوب، ولا بد أن نعي أن الأحزاب تنشأ من المنبع وباسترتيجات سياسية واقتصادية واجتماعية ولا تنشأ فوقية.