بينها ضربة عسكرية.. ثلاثة سيناريوهات عقابية تجهز لها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا ضد إيران
أعاد هجومان مسلحان أحدهما على سفينة إسرائيلية قرابة خليج عمان، وآخر على ناقلة نفط، قرب سواحل الإمارات، الأذهان مجددًا إلى حرب الناقلات في مياه الخليج، التي تأجّجت في الربع الأول من العام الجاري، وتحديدًا فبراير الماضي، فيما تترقب المنطقة ردود الفعل العقابية من قبل (أمريكا وبريطانيا وإسرائيل) ضد إيران؛ بعدما وُجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى طهران التي تولى رئاستها حاليًا إبراهيم رئيسي، أحد صقور التيار المحافظ وواحد من المقربين للمرشد الإيراني علي خامنئي.
طهران من جانبها ترفض الاتهامات جملة وتفصيلًا، وتقول إن الاتهامات جزء من مخطط يحاول استهدافها من قبل أمريكا، وحذرت في ذات الوقت من أي ردود فعل عنيفة ضدها، وتوعدت برد قاسي حال تعرضها لأي هجوم أو ضربة تستهدف مصالحها في المنطقة، فيما يقول وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إن المسؤول عن استهداف السفينة الإسرائيلية في بحر عمان يدعى سعيد أقاجاني هو قائد سلاح الطائرات المسيرة الإيرانية.
مزاعم إسرائيلية
غانتس زعم خلال لقاء، عقده مع سفراء دول أعضاء مجلس الأمن، أمس الأربعاء، بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، أن الشخص المسؤول المباشر عن استهداف ناقلة النفط "ميرسر ستريت" التي تديرها شركة "زودياك ماريتايم" المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر، في خليج عمان، هو مسؤول إطلاق الطائرات المسيرة الانتحارية، الإيراني سعيد أقاجاني، وهو قائد الطائرات المسيرة في الحرس الثوري الإيراني.
وأعلنت الشركة المشغلة للسفينة الإسرائيلية، "زودياك ماريتايم" مقتل اثنين من طاقمها في الهجوم، هما بريطاني وروماني. فيما قالت ثلاثة مصادر أمنية بحرية إنه يُعتقد أن قوات مدعومة من إيران استولت على ناقلة نفط في الخليج قبالة ساحل الإمارات، كما ذكرت هيئة التجارة البحرية البريطانية في وقت سابق أن "حادث خطف محتملاً" وقع قبالة ساحل الفجيرة الإماراتية، أمس الأول الثلاثاء، كما أظهرت بيانات بحرية، أن ثلاث سفن في خليج عُمان "خارجة عن السيطرة" بعد أنباء عن حادث "غير معروف"، في حين ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن مسلحين صعدوا على متن السفينة "أسفلت برينسس" في خليج عمان واختطفوها. وكشفت مصادر روسية أن مسلحين يحتجزون طاقم سفينة "أسفلت برينسس" المختطفة في خليج عمان كرهائن.
توتر في الخليج
ويتصاعد التوتر في منطقة الخليج منذ إرسال الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية العام قبل الماضي على خلفية وقوع هجوم استهدف ناقلتي نفط في بحر عُمان، إضافة إلى إسقاط طائرة استطلاع أمريكية حديثة بصاروخ إيراني فوق مضيق هرمز، وهجوم على منشآت شركة النفط السعودية (أرامكو) جنوب شرقي البلاد، وهي الحوادث التي اتهمت إيران بتدبيرها.
كما دعت واشنطن إلى تشكيل تحالف دولي لحماية الملاحة الدولية في مياه الخليج ومضيق هرمز، وهو المقترح الذي رفضته طهران في عدة مناسبات، وأكدت أن تأمين الملاحة في الخليج مسؤوليتها، ومسؤولية دول المنطقة، وأن وجود قوات أجنبية في المنطقة سيزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
سيناريوهات الأزمة
يرى الباحث المُتخصص في الشؤون الإيرانية، علي رجب، أنه على الرغم من اشتعال الأوضاع في المنطقة من أفغانستان شرقا إلى لبنان غربا، إلا أن هناك نية قوية من قبل إسرائيل وبريطانيا وأمريكا، إلى التحرك ضد طهران؛ للجم طموحاتها في ظل وصول رئيس من المحافظين هو إبراهيم رئيسي.
أما بشأن سيناريوهات العقوبات المتوقعة ضد إيران، فيقول رجب: "ربما تتجنب أمريكا وإسرائيل المواجهة المباشرة مع إيران؛ لأنهما يدركان مدى تداعياتها على المنطقة، ويكون الاكتفاء باستهداف الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا ولبنان، وربما يكون استهداف مواقع في لبنان من قبل إسرائيل بداية لذلك السيناريو".
استطرد الباحث في الشؤون الإيرانية حديثه بالقول: "سيناريو العراق 2003 قد يلوح في الأفق عبر الذهاب إلى مجلس الأمن، وإصدار قرار بتوجيه ضربات عسكرية إلى طهران، أو تشكيل تحالف يضم إسرائيل وأمريكا وبريطانيا؛ تكون مهمته ردع طهران عن تماديها في سياساتها العدوانية في مياه الخليج والمنطقة"، لافتًا على أن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية أفيف كوخافي، وقائد القوات المسلحة البريطانية نيك كارتر، ناقشا التصعيد الإيراني، وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن كبار مسؤولي الدفاع الإسرائيليين والبريطانيين اتفقوا خلال المحادثات على التعاون في الجهود الاستخباراتية وتنسيق الرد على إيران.
ضربات نوعية
سيناريو ثالث للأزمة أشار إليه الباحث علي رجب، بالقول: "ّربما توجه أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ضربات لمناطق استراتيجية إيرانية، بينها منشآت نووية، وعسكرية تابعة للحرس الثوري، وأيضا مقر خاتم الأنبياء، وربما تكون هناك هجمات سيبرانية دقيقة تتسبب في ضربات موجعة لإيران، وربما تكون هناك عقوبات اقتصادية خاصة في مجال النفط".
يوضح الباحث في الشؤون الإيرانية أن الأطراف المتصارعة في الوقت الحالي يستكشفون قدرات بعضهم البعض سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو الاقتصادي.
التفرغ لإيران
ربط رجب بين عملية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والتفرغ لإيران، فيقول: "ربما يكون الانسحاب الأمريكي من أفغانستان جزء في عملية التفرغ والتصعيد والضغط على نظام طهران".
لفت الباحث في الشؤون الإيرانية إلى أن الوقت الحالي يشهد تنسيقًا عاليًا بين العواصم الغربية وشخصيات من المعارضة الايرانية في الداخل والخارج، وهي ورقة أخرى ربما تلجأ إليها الدول الغربية في زعزعة استقرار النظام الإيراني.
استبعد رجب أن تكون الظروف في الوقت الحالي تسمح بإسقاط النظام الإيراني، وقال: "عملية صعبة ومعقدة؛ إلا أنها ليست مستحيلة، وتتوقف على مدى نجاح الاحتجاجات في الداخل، وقدرة النظام على التغلب على صراع العائلات، ومدى قدرة الوريث مجتبى خامنئي، الذي يدير الأمور في طهران على التغلب على العدوات التي صنعها في دوائر الحكم بإبعاد عائلات قوية في النظام السياسي كعائلات لاريجاني وهاشمي رفسنجاني والخميني وغيرهم".
سلسلة هجمات
وبالعودة إلى الفصل الجديد من حرب الناقلات، فإن المواجهات اندلعت في 25 فبراير الماضي عندما تعرضت سفينة "أم في هيليوس راي" الإسرائيلية لانفجار قبالة سلطنة عمان، بحسب شركة "درياد غلوبال" المتخصصة في الأمن البحري.
بعد ذلك في الأول من مارس الماضي، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو إيران بالوقوف وراء تفجير السفينة. لكن طهران رفضت هذه الاتهامات ووجهت تحذيراً لإسرائيل.
وفي العاشر من مارس، استهدفت سفينة الشحن "شهر كورد" التابعة لشركة الملاحة الوطنية الإيرانية "إيريس" بانفجار عبوة ناسفة أثناء إبحارها في البحر الأبيض المتوسط، وفقاً لوسائل إعلام إيرانية عدة.
وفي اليوم التالي، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تقريراً، نقلاً عن مسؤولين أميركيين ومن الشرق الأوسط، أن إسرائيل بدأت تستخدم منذ نهاية 2019 أنواعاً مختلفة من الأسلحة، بما فيها الألغام البحرية، مستهدفة ما لا يقل عن عشر سفن إيرانية خلال توجهها إلى سوريا محملة بالنفط الإيراني.
وفي 15 من الشهر نفسه، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده أن طهران "ستستخدم كل الخيارات للدفاع عن حقوقها" مضيفاً "نظراً إلى الموقع الجغرافي الذي تعرضت فيه السفينة الإيرانية للهجوم، فإن كل شيء يشير إلى أن نظام الاحتلال هو الذي يقف وراء هذه العملية".
وفي السادس من أبريل تعرضت سفينة تجارية إيرانية لأضرار طفيفة في البحر الأحمر قرب ساحل جيبوتي بسبب انفجار "والتحقيقات الفنية جارية لمعرفة ظروف الحادث ومصدره" وفق الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية.
في 13 من أبريل من هذا العام، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن سفينة تابعة لشركة إسرائيلية تعرضت لهجوم قرب ساحل الإمارات العربية المتحدة قبالة إيران. ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر أمنية فضلت عدم الكشف عن هويتها أن السفينة "هايبريون راي" قد "تعرضت لضرر طفيف" بنيران من المحتمل أن تكون إيرانية قرب ميناء الفجيرة الإماراتي.
في 29 يوليو كان آخر هجوم حتى الآن تتعرض له سفينة تابعة لإحدى الدولتين، ولكن الهجوم على ناقلة النفط "ميرسر ستريت" التي تشغلها شركة يملكها ملياردير إسرائيلي أسفر عنه مقتل شخصين.