مجلة نيتشر: مصر قد تلجأ لاستيراد المياه بسبب النمو السكاني والاقتصاد
توقعت دراسة نشرتها مجلة "نيتشر" أن تلجأ مصر لاستيراد المياه وبعض التقنيات الأخرى لتدبير احتياجاتها المائية بما يزيد على ما يتم الحصول عليه من نهر النيل، إذا استمر النمو السكاني والاقتصاد كما هو متوقع.
وتوضح الدراسة التي أجراها قسم الهندسة المدنية والبيئية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، رصدًا تاريخيًا للأماكن التي تسير فيها إمدادات المياه في مصر في ظل ظروف النمو السكاني والاقتصاد المتنامي.
وقدم فريق البحث المشارك في إعداد الدراسة أيضًا توصيات حول الطرق التي يمكن لمصر من خلالها الحفاظ على إمدادات المياه والاستفادة منها من أجل مستقبل أكثر استدامة.
تعد الزراعة قطاعا هاما في الاقتصاد المصري وعلى مدار آلاف السنين كان نهر النيل يزود مصر بمياه أكثر مما تحتاجه، ويذهب ما يقرب من 90٪ من مياه النيل إلى الإنتاج الزراعي في مصر، ولكن مع نمو السكان وتوسع الاقتصاد زاد الطلب على المياه أيضًا.
وتقول الدكتورة كاثرين نيكيل، عضو فريق البحث: "عندما يكون لديك المزيد من السكان، فإنك تحتاج إلى المزيد من الطعام، ولكن أيضًا مع تحسن الاقتصاد وتحسن العلاقات التجارية، تتغير أيضًا طبيعة النظم الغذائية للناس، فلديك أشخاص قد يبدأون في استهلاك المزيد من اللحوم واستهلاك أشياء مختلفة عما كانوا يفعلون في الماضي، مما يؤثر على أنماط الزراعة".
سمحت إعادة البناء التاريخية للباحثين بإلقاء نظرة دقيقة على اتجاهات الاستهلاك السابقة والمستقبلية لمعرفة أين يتزايد الطلب على المياه، ابتداءً من السبعينيات، بمجرد أن بدأت مصر في استخدام كل المياه التي يمكن أن يوفرها لها النيل، بدأ استيراد المزيد من الغذاء.
نسبة كبيرة من المحاصيل من القمح والذرة تستهلك كميات كبيرة من المياه للنمو، وتحتاج إلى مساحات زراعية كبيرة، ويتمثل أكبر التحديات في توفير ودعم أساليب الري الفعالة، وبدأت مصر في النهاية في استيراد نفس القدر من الذرة والقمح بما يعادل الكميات المنزرعة محليًا.
وبدأ الباحثون بعد ذلك في معرفة مقدار ما تستورده مصر مقابل الكمية التي يستخدمه السكان لتوقع أنه في غضون عقد من الزمن، سيتم استيراد كمية المياه الافتراضية – في صورة منتجات ومحاصيل ولحوم – بكميات أكبر مما يوفره نهر النيل.
وتقول الدكتورة نيكيل: "نحن نعلم أن الواردات تتزايد بسرعة، لذا عند أي نقطة يتغير هذا التوازن، حيث يعتمد المصريون في الواقع على المياه الخارجية المخزنة في اللحوم والمحاصيل أكثر من اعتمادهم على المياه الداخلية".
قدم الباحثون أيضًا توصيات حول كيف يمكن لمصر الاستفادة من الموارد المائية من خلال تحويل الإنتاج من المحاصيل ذات التكلفة العالية التي تستخدم المياه عالية التكلفة مثل الذرة والقمح إلى المحاصيل ذات الاحتياجات المائية الأقل مثل الفواكه والخضروات، والتي تعتبر مربحة للغاية في السوق ومناسبة بشكل أفضل لطرق الري عالية الكفاءة وبيع هذه المنتجات من أجل الأرباح لاستيراد الذرة والقمح، وأضافت نيكيل: "يمكن أن يغير هذا الأسلوب أنماط استهلاك المياه في مصر".
يوضح الباحثون أن مستقبل المياه في مصر يعتمد على التعاون الخارجي مع جيرانها وقدرتها على إدارة الطلب الداخلي واستخدام المياه على النحو الأمثل.
تختم الدراسة بالقول: "التكيفات تصب في نهاية المطاف في مصلحة مصر، لأنها تتيح استمرار النمو والازدهار من خلال إدارة أكثر حذرًا للموارد. ولدى مصر فرصة لتكون مثالاً للدول النامية الأخرى التي تعاني من ندرة المياه، ورائدة في حوض النيل. إذا لم يتم إجراء تغييرات، فسيكون قريبًا بمثابة حكاية بيئية تحذيرية لها آثار على المنطقة بأكملها".