السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عبدالله السناوي: إغلاق صحف المساء قرار "متعجل".. والوطنية للصحافة تعاملت بمنطق إغلاق "الحديد والصلب"

الرئيس نيوز

إذا استمر العمل بالمؤسسات القومية بنفس السياسات فـ"إغلاقها أفضل"

"خايب المطبوع خايب الإلكتروني".. والمواقع المأمولة ستولد مشوهة

تقليل الخسائر حجة قوية.. والشجاعة تقتضي أن تكون "المجزرة جماعية"

الأولى من الإغلاق هو التحقيق المهني والجنائي في إنشاء جرائد بلا قيمة

يرى الكاتب الصحفي عبد الله السناوى أن إغلاق الصحف المسائية وتحويلها إلى إلكترونية "قرار متعجل"، معتبرا أن "هذه الظاهرة كانت تحتاج إلى نقاش جاد وموضوعي قبل اتخاذ القرار، ولكن الهيئة الوطنية للصحافة تعاملت بنفس المنطق في إغلاق مصنع الحديد والصلب".

يقول "السناوي" لـ"الرئيس نيوز": "الهيئة تناست أن هناك أمور لها قيمة معنوية وتاريخية ولا يصح معها اتخاذ القرارات المتعجلة، المساء جريدة لها تاريخ فهي أهم جريدة في تاريخ مصر الحديث، ولعبت دورا كبيرا في كشف المواهب الأدبية والشعرية والروائية في ملحقها الثقافي الذي كان يتولى الإشراف عليه عبدالفتاح الجمل".

يضيف: "في المساء جرى اكتشاف جمال الغيطاني وعبدالرحمن الأبنودي وأمل دنقل وغيرهم الكثيرين، ولن تجد قيمة فكرية لها وزن من أدباء الستينات إلا وكان ظهورها وانطلاقها الأول من جريدة المساء. هناك تجارب لها تاريخ كان لها انتشار ونمو في مرحلة معينة، وخفتت في مراحل أخرى وهذا لا يعني بالضرورة إغلاقها".

وبدلا من قرار إغلاق الإصدارات المسائية، يرى "السناوي" أن "الأولى بمتخذ القرار أن يفتح تحقيقا سياسيا ومهنيا وجنائيا فيما جرى من إنشاء جرائد ومجلات وشراء مطابع بملايين الدولارات لم يكن هناك داع لها من الأساس، ولم تفضِ إلى زيادة التوزيع ولا تحسين مستوى الأداء، بل تسببت في زيادة عدد العمالة بالمجاملات، وبعض الصحف القومية كانت أقرب إلى الجراج ودفعت التجارب الجادة والناجحة ثمن هذا الاستهتار والعمل غير المدروس".

وعن حجة "تقليل الخسائر"، أكد "السناوي" قناعته بهذا الرأي، وقال: "تقليص النفقات وتخفيض الخسائر حجة قوية جدا، ولكن إذا كانت الهيئة الوطنية للصحافة شجاعة فهذه القرارات يجب أن تسري أيضا على مؤسسات كبيرة أخرى مثل الأهرام والأخبار والجمهورية وغيرها، ويجب أن تشمل هذا الجميع، خاصة أن أرقام التوزيع لهذه الصحف الكبرى أصبحت غير مجدية بالمرة، وإذا كانت معدلات التوزيع هي المعيار الأول فيجب أن تطبق على الجميع وكل الصحف والمجلات المصرية بأعدادها المتضخمة لا توزع ولا تقدم رسالة، وهذا يحدث منذ عام 2011".

واستطرد "السناوي" قائلا: "منذ 10 سنوات جميع المجلات والصحف المطبوعة القومية توزع أقل من جريدة واحدة خاصة، ويجب أن نبحث عن الأسباب الحقيقية لتراجع التوزيع. صحيح أن التليفزيون والعصر الإلكتروني أثر بالسلب على المطبوعات، ولكن هناك أسباب أخرى أهم منها مستوى التدريب المهني والكفاءة المهنية وانخفاض سقف الحريات العامة، كل هذا أثر بشكل أكبر وهو الأساس".

وعن توقعاته لتجربة التحول الإلكتروني، قال "السناوي": "هناك تعبير مصري يقول (خايب الصيف خايب الشتا)، أي أن (خايب الصحافة الورقية خايب الصحافة الإلكترونية)، وهذا يعني أن نفس الفشل سينتقل للتجارب الجديدة وستولد مشوهه لأنها ستدار بنفس الأليات وتتبع نفس السياسات وعلى رأسها نفس العقليات".

أضاف: "إذا نظرنا للمستوى المهني الحالي بغض النظر عن تأثير التحول الإلكتروني على المطبوع، فحقيقة ليس هناك ما يقرأ في الصحف الورقية باستثناء بعض التغطيات المحدودة، فلا يوجد ما يستحق القراءة ولا أن يدفع القارئ 5 جنيهات (وهو مبلغ زهيد بمعايير اليوم) في جريدة ورقية لأنه ليس هناك ما يستحق، إضافة إلى أن هامش الحريات يمثل عائقا في تقديم محتوى جاذب ويؤثر على حرية الإبداع".

وطالب "السناوي" بدارسة بعض التجارب الدولية التي انتعشت وزاد توزيعها وتأثيرها، مؤكدا أن "من يتولون شأن الصحافة المصرية هم ذاتهم بكتاباتهم وآرائهم سبب في الأزمة، وإذا استمر الوضع كما هو وبنفس المستوى، فعلينا أن نغلق جميع الصحف ولا داعي لصدورها.

وعن عصر التحول الرقمي، قال "السناوي": "نحن فعلا في عصر التحول الرقمي ولكن هذا لا يعني بالضرورة انتهاء عصر المطبوع، وستجد أن الكتاب المطبوع لازال له رونقه، وما نحتاجه هو إعادة نظر في المحتوى والتدريب والتأهيل مع هامش حريات والابتعاد عن التغطية الخبرية".

ومضى يقول: "أرى أننا فى احتياج حقيقي للصحافة الورقية إلى الآن ولكن ليس بشكلها الحالي، واذا استمر الوضع كما هو فلا داعي لوجودها ، فما نقرأه ليس صحفا حقيقية ولا يوجد لديهم ما يصنعوه أو يقدموه للقارئ وجميعها أصبح يعمل بسيادة منطق (الدعائيات الغليظة) وليست صحفا بالمعنى الحقيقي".

وختم "السناوي" حديثة قائلا: "المهنة واحدة وتعبر عن نفسها بتغير العصور ولكن نظريات الإعلام اختلفت بسبب اختلاف طرق التلقي والتقديم ونظرية الهرم المقلوب. الصحافة كمهنة موجودة وباقية وقائمة ولكنها تحتاج إلى تطوير وآفاق واسعة وانفتاح وارتقاء بالمستوى وتطوير الأداء، وليس هناك وسيلة للنجاح سوى فتح حوار جاد وبحث وتدقيق ومناقشة حقيقية لأسباب ما وصلت إليه الصحافة وإلا فعلينا إغلاق جميع الصحف".