ياسر عبدالعزيز: الدولة ليست بحاجة لـ8 مؤسسات صحفية.. والتحول الإلكتروني "الحل الأمثل"
أرقام التوزيع في انخفاض مستمر.. ولا يمكن بناء استراتيجية على المطبوع
الظرف التاريخي يحتم على "الوطنية للصحافة" ترشيق الإعلام المملوك للدولة
الإعلانات وقود الصحافة.. ونصيب الصحف الورقية سينتهي إلى "الإلكترونية"
لسنا بحاجة لـ8 مؤسسات صحفية.. ولدينا 30 ألف عامل يثقلون كاهل الدولة
تحدث الخبير الإعلامي الدكتور ياسر عبدالعزيز باستفاضة لـ"الرئيس نيوز" حول قرار تحويل 3 إصدارات مسائية إلى إلكترونية، مؤكدا أن حال الصحافة المطبوعة في مصر واضح بشكل لا يحتمل اللبس أو التأويل، وأن هناك انخفاضا كبيرا في متوالية هندسية بالنسبة لتوزيع المطبوعات، مؤكدا أن الأسباب تتلخص في تغيير آليات التلقي نتيجة لثورة تقنية المعلومات وثورة الاتصالات.
وقال "عبدالعزيز": "قديما كان يوجد جهاز phs كنا نسمع من خلاله الشيخ الشعراوي والشيخ كشك وغيرهم، هذه الوسائط لتوزيع المحتوى هيمنت لفترة معينة، وبعد ذلك تجاوزها الزمن لتغير آليات التلقي، وهذا لا يطعن في الصحافة المطبوعة ولكنه يقوض عملها، ويقلل توزيعها ومتابعيها، وبالتالي فلا يمكن لدولة أن تبني استراتيجية اعتمادا على المطبوع".
أضاف: "بعض الصحف كانت توزع مليون نسخة يوميا مثل الأهرام وأخبار اليوم، والآن هناك نحو 500 مطبوعة قومية جميعها توزع ما بين 300 إلى 400 ألف نسخة فقط، وبعض وسائل الإعلام المطبوعة توزع بالعشرات وليس بالمئات، إذن هذا التغيير حتمي وأرى أن تلك الإصدارات سيتقلص عددها في ختام هذه المرحلة إلى 5 أو 6 مطبوعات فقط"، معتبرا أن "الصحافة المطبوعة ستحافظ على وجود (محدود ورمزي) وليس وجودا استراتيجيا".
وعن تجارب الصحافة الأجنبية، قال "عبدالعزيز": "لا يوجد في العالم بأكمله مطبوعة رسمية تضاعف توزيعها، وفي أمريكا وبريطانيا وسائط مطبوعة تحافظ على وجودها، ولكن عددهم أقل كثيرا من الوسائط التي توقفت أو غيرت نمط وآليات عملها إلى التحول الرقمي، وهناك صحف اندثرت أو غيرت نمط الخدمة، وهناك أمثلة كثيرة، وإجمالا الجمهور يتجه للوسائط الإلكترونية، وهذا اتجاه تاريخي، ولا يوجد أي مساومة على الصحافة المطبوعة في مصر".
أضاف: "وسائل الإعلام المطبوعة الموجودة ملك الدولة في 8 مؤسسات صحفية قومية تصدر عنها 52 مطبوعة، ولن يحدث أزمة لو تحولوا إلى 10 مطبوعات فقط، ومع مرور الوقت ينخفض عددها، وأرى أنه لن يحدث أي تأثير على المهنة نفسها، وأنا أرى أن تغيير نمط بعضها وتحويلها إلى إلكتروني أفضل كثيرا ومناسبا للعصر. لما 52 مطبوعة يتحولوا لـ10 فقط الناس تزعل ليه؟!".
وعن أرقام التوزيع، قال الخبير الإعلامي: "لم يكن أحد يعلن عن أرقام التوزيع مع الأخذ في الاعتبار أمثلة مثل نيويورك تايمز واندبندنت وجارديان، فالأمر مختلف تماما لأن نمط الخدمة مختلف، وهذه المؤسسات تضع جهدها الرئيسي في الأونلاين وليس المطبوع كما يروج البعض، والحديث عن محتوى جاذب قادر على دفع عجلة الصحف المطبوعة مجرد كلام مرسل، لأنه من الممكن تقديم هذا المحتوى في الإلكتروني وبما يتناسب مع العصر والظرف التاريخي".
وأضاف: "هذا تحول تاريخي ونسير معه والبعض يتحدث دون دراية، وهذا أمر واقع وواجب علينا أن نواكبه، وبعض من لديهم مصالح خاصة في الإبقاء على المؤسسات بوضعها الحالي يحاولون وقف مسيرة هذا التحول، ولكني أثق بأن هذا التحول التاريخي سيحدث ولن يعطله شئ".
وتطرق الخبير الإعلامي إلى ما يثار حول أزمة الحريات، وقال: "هذا كلام مرسل ولا أساس علمي له، وأرى أن تغيير آليات التلقي هو السبب الرئيسي في أزمة الصحافة المطبوعة، وأعتقد أن المطبوعات الجيدة ستحافظ على وجود زهيد ورمزي ولكن لا تبنى عليها استراتيجية على الإطلاق".
وأضاف: "نجد أن الإعلانات في الصحافة المطبوعة تدر ربحا أكبر من المواقع في الوقت الحالي، ولكن هذا لن يستمر طويلا، وستتحول وتيرة زيادة الإعلانات وتتزايد فى المواقع بمتوالية هندسية وتتراجع باضطراب فى الصحافة المطبوعة، ووقود الصناعة هي العوائد الإعلانية، وبعد 3 أو 4 سنوات ستنتقل كل الإعلانات إلى الإلكتروني".
وعن تدريب وتأهيل العاملين في المؤسسات القومية، قال: "لا يوجد صحيفة مطبوعة مستواها ارتفع في مصر في آخر 10 سنوات، ولا يوجد تدريب أو تأهيل، والهيئة الوطنية للصحافة مطالبة بترشيق وتنظيف الإعلام المملوك للدولة، أسوة بدور الهيئة الوطنية للإعلام المطالبة بنفس الدور، وجعلها أكثر قدرة على خدمة الأهداف، وهذا لا يتحقق بامتلاك 52 مطبوعة أو 20 قناة تليفزيون، المسألة ليست بالكم، ولكن الأهم هو جعلها أكثر تركيزا وفاعلية".
وعن العاملين بتلك المؤسسات، قال الخبير الإعلامي: "يجب مراعاة تغير آليات التلقي واحترام المراكز الأدبية والمعنوية للمؤسسات وللعاملين فيها، وألا نأتي على حقوق العاملين، وهذا الأمر يمكن أن يحدث من خلال التدريب والتأهيل والإدارة التكاملية وعمليات الخروج الطبيعي للمعاش، خاصة أن التعيينات متوقفة منذ سنوات وخروج معاش مبكر مغري وعادل، وسنصل في النهاية إلى ترشيق وتنحيف وسنكون أكثر تركيزا وفاعلية".
واستنكر "عبدالعزيز" وجود 8 مؤسسات قومية في مصر، وقال: "بعض الدول تحافظ على امتلاك عدد من المؤسسات القومية صحافة وتليفزيون، ولكن هذه الدول مثل كوريا الشمالية وسوريا، وجميعها لا تقع ضمن الدول المتقدمة أو الديموقراطية، ولا يوجد دول متقدمة تمتلك وسائل إعلام مطبوعة، ولكن هناك مرئية وإلكترونية، والمطبوع موجود في دول أنماط الحكم فيها على درجة من عدم الانفتاح، وهذا حدث في مصر قديما، ولكن الآن لا نحتاج لهذا الأمر والدولة ليست بحاجة لامتلاك 8 مؤسسات".
وختم الخبير الإعلامي بالإشارة إلى كتابه الصادر عام 2011 "ثورة 25 يناير.. قراءة أولية وروح مستقبلية"، حين طالب المؤسسات بتركيز عملها على عدد إصدارات أقل، خاصة أنها تعمل بآليات تلقي تغيرت في العالم بأكمله، وهناك ما يقرب من 30 ألف عامل في مهن لم تعد موجودة ولسنا في حاجة إليها، مثل عمال الطباعة والموزعين وغيرها من المهن".