تقرير: موقف تركيا من فاروشا القبرصية قد يعصف بالتقارب مع مصر
أثارت الخطة التركية لإعادة فتح بلدة فاروشا، الواقعة على الجانب الشرقي من قبرص والتي غادرها سكانها القبارصة اليونانيون الأصليون منذ ما يقرب من نصف قرن، انتقادات في مصر، وقالت وزارة الخارجية إن الخطوة التركية انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
ويشير الموقف المصري إلى استمرار التوتر بين القاهرة وأنقرة رغم الجهود الدبلوماسية لإصلاح العلاقات الثنائية، وقالت الوزارة إن مصر تجدد دعوتها لتركيا للالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن، والامتناع عن أي إجراءات أحادية من شأنها أن تعقد الأمور وتزيد من حدة التوتر، وعلى تركيا أن تلتزم التزامًا تامًا بالتسوية الشاملة للنزاع القبرصي، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
منذ الغزو التركي عام 1974، وردا على الانقلاب العسكري اليوناني، تم تقسيم قبرص إلى جزء شمالي يديره القبارصة الأتراك وجزء جنوبي يديره القبارصة اليونانيون. ومنذ ذلك الحين فر ما يقدر بنحو 17000 قبرصي يوناني من مدينة فاروشا الساحلية، وتحولت بلدة الأشباح، المحاطة بالأسلاك الشائكة، إلى منطقة عسكرية تحت السيطرة المباشرة للجيش التركي.
وتعد تركيا الدولة الوحيدة التي تعترف بشمال قبرص كدولة ذات سيادة وليس لها علاقات دبلوماسية مع حكومة قبرص المعترف بها دوليًا في نيقوسيا، والتي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004. وأعلن زعيم القبارصة الأتراك إرسين تاتار، بدعم من أردوغان، إعادة الافتتاح الجزئي لمرس، وهو الاسم التركي لفاروشا، الأمر الذي أثار إدانة دولية واسعة النطاق.
وقال تاتار إن مساحة 3.5 كيلومتر مربع (1.3 ميل مربع) من فاروشا ستنتقل من السيطرة العسكرية إلى السيطرة المدنية. جاء ذلك قبل إقامة عرض عسكري بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لغزو بلاده، حضره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. مثل هذه الخطوة هي خط أحمر بالنسبة للقبارصة اليونانيين.
وفقًا لقرار مجلس الأمن 550، فإن أي محاولات لتوطين أي جزء من فاروشا من قبل أشخاص بخلاف سكانها من القبارصة اليونانيين غير مقبولة. يطالب القرار بنقل تلك المدينة إلى إدارة الأمم المتحدة.
توقفت المفاوضات بشأن إعادة التوحيد بين الأجزاء الشمالية والجنوبية من الجزيرة منذ عام 2017. يرفض كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حل الدولتين لتسوية الصراع، بينما يضغط أردوغان من أجل حل الدولتين لقبرص في حين يعتقد المراقبون أن خطط أنقرة بشأن فاروشا ستؤدي إلى تفاقم النزاع القائم حول الحقوق الإقليمية في شرق البحر المتوسط الغني بالطاقة بين تركيا من جهة، وقبرص واليونان من جهة أخرى.
تتمتع مصر بعلاقات وثيقة مع قبرص واليونان منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014. وعقدت الدول الثلاث عدة مؤتمرات قمة ثلاثية حول الطاقة والتنقيب عن الغاز ومكافحة الإرهاب وترسيم الحدود، وغالبًا ما كانت تنتقد سياسات أنقرة في شرق البحر المتوسط.
وقعت مصر مع قبرص اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في ديسمبر 2013، واتفاقية مماثلة مع اليونان في أغسطس 2020. وترى أنقرة أن الأخيرة تقع في منطقة الجرف القاري لتركيا.
قال محمد سليمان، أحد كبار المساعدين لدى شركة McLarty Associates، وهي شركة استشارية استراتيجية مقرها في واشنطن، لموقع المونيتور الأمريكي إن القاهرة ملتزمة باتحاد ثنائي المناطق وثنائي الطائفتين في قبرص وترفض أي دعوات أو محاولات لإنشاء دولتين. وأضاف سليمان: "مصر تنظر إلى إعادة فتح فاروشا الجزئي كخطوة تركية جديدة لاختبار حدود القوى الإقليمية في البحر المتوسط".
وتعد مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية من بين أعضاء منتدى غاز شرق المتوسط ومقره القاهرة، والذي تم إنشاؤه في يناير 2019 لإنشاء سوق غاز إقليمي. وزادت هذه الخطوة من الشعور التركي بالعزلة في منطقة شرق البحر المتوسط.
وأقيم المنتدى بعد مطالبة تركيا بحقوقها في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وأعقب ذلك زيادة عمليات الحفر في المياه القبرصية المعترف بها دوليًا.