السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

تحولات السياسة الإماراتية.. رأس حربة الشرق الأوسط الجديد عندما يلتقي بأوروبا الجديدة

الرئيس نيوز

علق خبراء في شؤون الشرق الأوسط على السياسة الخارجية "الجديدة" لدولة الإمارات العربية المتحدة،وذهب العديد منهم إلى حد وصفها بسياسة "الشرق الأوسط الجديد".
وقدم موقع New Europe تعريفًا للنهج الإماراتي الأخير من خلال سياسة خارجية أكثر حزماً وفعلاً وعدوانية - كما يتضح من التحالفات الأخيرة للإمارات مع الشركاء غير التقليديين حتى الآن، ولفت الموقع إلى أن العديد من هؤلاء الشركاء هم ما يسميه الخبراء الأوروبيون "أوروبا الجديدة" - تلك البلدان، التي يقع معظمها في شرق وجنوب شرق أوروبا، والتي في حقبة ما بعد الحرب الباردة، تتطلع هي نفسها إلى إنشاء أجندات سياسية خارجية حازمة خاصة بها.
ويتبنى تقرير New Europe تحليلاً لعلاقات الإمارات وثلاثة أعضاء مما يسمى "أوروبا الجديدة" - صربيا واليونان وإسرائيل - لمحاولة فهم هذا الاتجاه وتحديد ما إذا كان هذا مجرد تحالف مؤقت بسبب التقاء المصالح أو ما إذا كان وجهًا لبعض حقائق النظام العالمي الجديد.
تتكون الإمارات من سبع إمارات منفصلة توحدت في عام 1971 لبناء اتحاد أكثر استقرارًا وأمانًا بعد اكتشاف احتياطيات نفطية هائلة في أراضيها الصحراوية ، وقد كفل اتحاد الإمارات هذا أيضًا أن تكون قرارات السياسة الخارجية مركزية وموحدة وموجهة من العاصمة أبو ظبي.
في حين أن أجندة السياسة الخارجية الأولية لدولة الإمارات العربية المتحدة كانت مقتصرة على القضايا المحلية في مواجهة إيران على السيادة على الجزر في الخليج، والحدود البرية مع السعودية المجاورة، مقابل أن سياسة الإمارات العربية المتحدة الحالية أوسع بكثير.  
وشاركت الإمارات عسكريًا بشكل كبير ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، كما شاركت في غارات جوية في كل من ليبيا وسوريا وحتى توسطت في اتفاقات سلام بين إثيوبيا وإريتريا ، وكان الهدف المركزي للسياسة الخارجية الإماراتية هو النفور من الحركات الإسلامية وخاصة تنظيم الإخوان.
ما يعقد الصورة بالنسبة للإمارات هو وجود أنظمة سياسية إسلامية بين اثنين من الفاعلين المهيمنين تاريخياً في المنطقة: إيران وتركيا التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية، حزب أردوغان (النسخة التركية للإخوان).
كما إن العداء الإماراتي للإخوان ترك حولها عدد قليل من الأصدقاء في المنطقة، حتى قطر المجاورة وزميلة مجلس التعاون الخليجي صديقة الإخوان، كان موقف قطر سببًا جذريًا للخلاف الذي أدارته الإمارات بحنكة والمقاطعة التي أعقبت ذلك بين البلدين. وشركاء الإمارات في مقاطعة قطر حلفاء إقليميون مقربون: السعودية والبحرين ومصر.
وقادت ندرة الحلفاء المحتملين الإمارات إلى أماكن أبعد وإلى دول ذات أجندات تاريخية معادية للإسلاميين. وتحمل هذه الدول في "أوروبا الجديدة" سمات جغرافية سياسية متشابهة: تقع في شرق وجنوب شرق أوروبا.
وتعتبر حالة صربيا من النقاط الكاشفة وتنطبق نفس العوامل على اليونان، وعلى الرغم من تجنب الإغريق نوع العنف المرتبط بيوغوسلافيا السابقة، إلا أن تاريخها الطويل الممتد 400 عام من الاحتلال العثماني واستمرار اشتباكاتها مع الدولة التركية الحديثة في أماكن مثل قبرص لا تزال قائمة. 
فيما يزداد التنافس اليوناني التركي تعقيدًا بسبب الاكتشاف الأخير للغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط وتعقيدات ترسيم الحدود البحرية.
وعلى الرغم من أن إسرائيل ليست في جنوب شرق أوروبا من الناحية الفنية، إلا أنها قريبة جغرافيًا وثقافيًا بدرجة كافية، الى جانب أن قضايا اسرائيل مع جيرانها العرب معروفة، وكان اندلاع أعمال العنف في مايو 2021 في القدس وغزة آخر مظاهره.
لم تمنع هذه العوامل الإمارات من سعيها لتوثيق العلاقات مع كل من الدول المذكورة أعلاه. جاءت الإشارات الأولى لهذا المحور الجديد للسياسة الخارجية في وقت مبكر من عام 2013 عندما وقعت شركة الطيران الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، الاتحاد للطيران، اتفاقية شراكة استراتيجية مع الخطوط الجوية الصربية، والتي تضمنت حصول الأولى على حصة 49٪ في الأخيرة.
تم تعزيز العلاقات مع حكومة صربيا في عام 2014 عندما تم الإعلان عن قيام شركة استثمارية مقرها أبو ظبي بتطوير مشروع "بلجراد ووترفرونت" في قلب العاصمة الصربية. يتضمن المشروع بناء ناطحة سحاب جديدة متعددة الاستخدامات مكونة من 40 طابقًا تُعرف باسم "برج بلجراد". كان المشروع مثيرًا للجدل منذ البداية، حيث احتج العديد من سكان بلجراد على المشروع، من بين أمور أخرى، طبيعته الخلفية المتصورة وتورط شريك أجنبي غامض (مثل الإمارات). وشملت الصفقات الأخرى التي أبرمت بين الإمارات العربية المتحدة وصربيا قرضًا يقدر بنحو 1.5 مليار دولار لصربيا واستثمارات كبيرة في الصناعات الدفاعية وأشباه الموصلات في صربيا من قبل الإمارات العربية المتحدة.
تم تعزيز العلاقات بين الإمارات واليونان مؤخرًا، حيث يشترك كلا البلدين في العداء المتبادل مع تركيا، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة. لم تمنع هذه الخلافات اليونان والإمارات من إبرام اتفاق سياسي ودفاعي، في نوفمبر 2020، فيما أطلق عليه "شراكة استراتيجية". يأتي ذلك في أعقاب أحداث مايو 2020 عندما أصدرت اليونان والإمارات وقبرص ومصر وفرنسا بيانًا مشتركًا يدين استكشاف تركيا للطاقة في شرق البحر المتوسط. وردت تركيا منتقدة هذا التحالف بشدة.
في يناير من هذا العام، أشارت تقارير إلى أن الإمارات ستشارك قريبًا في مناورات عسكرية مشتركة مع اليونان. ومن بين المشاركين الآخرين في هذه التدريبات المشتركة، الولايات المتحدة وقبرص وإسرائيل.
حظيت اتفاقيات إبراهام التي وقعتها الإمارات مع إسرائيل بأكبر قدر من الاهتمام بين المراقبين. كان قرار الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يحظى بشعبية في "الشارع العربي"، لكن تمت الإشادة به على نطاق واسع في الغرب. تتجاوز الاتفاقات التطبيع حيث تم منح الإسرائيليين شيئًا يشبه "الوضع التفضيلي" في الإمارات فيما يتعلق بالسفر والتجارة والاستثمارات. تعتبر صناعة الدفاع الإسرائيلية المعروفة عاملاً رئيسيًا في التقريب بين البلدين، ولكن تم أيضًا توقيع اتفاقيات في المجالات الطبية والثقافية والعلمية.
تم الكشف عن الطبيعة المثيرة للجدل للصفقة قبل أن يجف الحبر المستخدم لتوقيع الاتفاقات عندما نشأ الصراع بين إسرائيل وفلسطين في مايو. لقد كان الاختبار الأول للتحالف الإماراتي الإسرائيلي الجديد ويبدو أنه مر دون عوائق تذكر.
هل ستصمد هذه التحالفات بين ما يسمى بـ "الشرق الأوسط الجديد" و"أوروبا الجديدة"؟
إن أي تغيير في الوضع العام في الشرق الأوسط، حتى لو كان طفيفًا، يمكن أن يغير الصورة الكاملة، وتتغير التحالفات في الشرق الأوسط بقدر تحرك رمال المنطقة. لن يفاجئ المحللين في الشرق الأوسط من الأنباء الأخيرة عن تمزق في أي من تحالفات الإمارات بسبب الخلافات حول حصص إنتاج النفط، كما حذر المحللون في أوروبا وخاصة في "أوروبا الجديدة".