السودان: سننفذ خياراتنا بشأن سد النهضة بعد كلمة مجلس الأمن
أكد السفير عمر الفاروق كامل، المتحدث الرسمي باسم فريق التفاوض السوداني لسد النهضة، أن بلاده لديها خياراتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية للتعامل مع قضية سد النهضة، في حال أصرت إثيوبيا على المضي قدما في الإجراءات الأحادية، لافتا إلى أن السودان سيبدأ في تنفيذ تلك الخيارات، التي انتهت اللجان المعنية من تحديدها، بعدما نرى ما ستسفر عنه نتائج جلسة مجلس الأمن، التي عقدت يوم الخميس الماضي.
وقال كامل، في حوار مع فضائية "سودانية 24"، إن المواقف الأحادية الإثيوبية تُمثل تهورا إزاء علاقتها مع السودان، والتكلفة إذا ما ذهبت في هذا الاتجاه ستكون عالية بالنسبة لإثيوبيا، لأنها ستفقد علاقاتها المتميزة مع السودان، معربا عن التطلع إلى تفهم مطالب السودان العادلة والموضوعية فيما يتعلق بموضوع سد النهضة.
وأضاف: "هناك تحليل يقول إن القيادة الإثيوبية تستعمل موضوع سد النهضة كمحور تماسك إزاء الأزمة التي تمر بها في تيجراي، وهذا شأن داخلي لا نتحدث عنه، فإثيوبيا دولة جارة وراشدة تستطيع أن تقيم شكل علاقاتها المستقبلية مع السودان".
وأوضح أن السودان ذهب إلى مجلس الأمن للمرة الثانية كي يضطلع بمسؤولياته فيما يتعلق بهذه القضية كونها قضية يمكن أن تؤثر على السلم والأمن الإقليمي، ويجب على المجلس أن يناقش القضية في إطار ما يعرف بالدبلوماسية الوقائية.
وأكد أن عقد جلسة مجلس الأمن نجاح للدبلوماسية السودانية، حيث استشعر المجلس أن هناك خطرا من هذه المسألة، لافتا إلى أن السودان طلب أن يتخذ المجلس التدابير التي تمنع الأطراف الثلاثة من اتخاذ إجراءات أحادية تضر بمصالح أي من الدول الأخرى، إضافة إلى تعزيز المفاوضات الراهنة تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، وطرحنا الرباعية الدولية، فالسودان اقترح الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ومصر اقترحت أمريكا، وإثيوبيا اقترحت جنوب إفريقيا، على أن تعمل هذه الرباعية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، وبالتالي نحن لم نخترع مسارا جديدا للمفاوضات، ولكننا متمسكون برعاية الاتحاد الإفريقي لها.
وبخصوص التحرك لدى مجلس الأمن، قال: "قيمة هذه الجولة أن نضع مجلس الأمن أمام مسؤولياته، فالمرة الأولى ذهبنا للمجلس في جلسة استماع فقط، والآن المجلس أمامه مشروع قرار لمناقشة هذا الوضع، وأصبح معلوما لديه حجم المخاطر الاقتصادية والبيئية والاستراتيجية وعدم الاستقرار في الإقليم التي يمكن أن يتسبب فيها عدم الوصول لاتفاق بخصوص ملء وتشغيل السد بدون اتفاق، إذا ذهبت إثيوبيا في الإجراءات الأحادية".
وأشار إلى أن السودان تضرر من الملء الأول، وظلت الخرطوم لعدة أيام بدون إمدادات مائية، وفي حالة عطش بعد خروج المحطات من الخدمة، والآن إثيوبيا تعيد نفس الكرة للعام الثاني على التوالي.
وشدد على أنه لا يمكن تصور ألا يتم مد السودان بمعلومات تفصيلية وبيانات يومية من الجانب الإثيوبي عن حجم ومناسيب المياه المتدفقة، حيث إن هذه المعلومات ضرورة لسلامة السدود السودانية.
وقال: "سد الروصيرص سعته 7 مليارات متر مكعب، وسد النهضة 74 مليارا، وإذا لم يكن لدينا معلومات يومية عن حجم التدفقات اليومية لن نستطيع تشغيل سد الروصيرص، لأن مناسيب المياه إذا ارتفعت ستحدث مشكلة وإذا انخفضت ستحدث مشكلة، ولن نستطيع تشغيل توربينات إنتاج الكهرباء، كما أننا معتمدون على سد الروصيرص في إنتاج 80% من الكهرباء، وهو سد أساسي لري مشروع الجزيرة"، لافتا إلى أن سد النهضة يؤثر على حياة 20 مليون سوداني مهددين بتغيير نمط العيش، حيث يعتمدن على الري الفيضي.
وأضاف: "لا يمكن أن تخطرنا إثيوبيا بخطاب بأنها ستملأ السد، وحتى المعلومات التي وردت في هذا الخطاب مبتسرة وبسيطة"، مشددا على ضرورة الاتفاق على كيفية الملء، لأن هذه هي المشكلة الأساسية، وإثيوبيا تمتنع عن إعطاء أية معلومات مفصلة، تُعتبر ضرورة لتخطيط الزراعة والري والكهرباء في السودان.
وأكد أن السودان الآن يواجه خطرا داهما ووشيكا بخصوص ملء سد النهضة بدون اتفاق، لافتا إلى أن السودان يتفق مع مصر في ضرورة الوصول لاتفاق قانوني وملزم، والسودان له انشغالاته ومصر لها انشغالاتها.
وأوضح أن السودان يُنسق مع مصر للوصول إلى هذه الاتفاقية الملزمة لحفظ حقوق كافة الأطراف، مؤكدا أن السودان مطمئن تماما لمستوى التنسيق مع مصر في هذا الصدد.
وأعرب عن التطلع إلى أن يكون الجانب الإثيوبي قريبا إلى مفاوضات تفضي إلى الوصول لتوافق وتنسيق عام لتجنيب المنطقة الأزمات والتوتر وعدم الاستقرار.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق على 90% من المسائل الفنية، والباقي مسائل سياسية، وقال: "إثيوبيا تفتقد إلى الرغبة السياسية في الوصول إلى اتفاق نهائي في هذا الموضوع، إثيوبيا لديها أغراضها الداخلية واستراتيجيتها الداخلية التي تمنعها ربما من الوصول إلى هذه الاتفاقية".
وأكد السفير عمر الفاروق كامل، أن السودان لديه كثير من الخيارات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، لكن ليس الإعلام مجالا لطرحها، وسيعلن عنها في حينها.
وقال: "هناك لجان عملت على وضع هذه الخيارات، وانتهت من وضعها وهي جاهزة وسيعلن عنها في حينها"، مضيفا: "الآن هناك مشاورات في مجلس الأمن بخصوص مشروع القرار التونسي، وسنبدأ في تنفيذ خياراتنا بعد أن نرى ماذا سيسفر عنه اجتماع مجلس الأمن، هل سيصدر قرارا أو بيانا رئاسيا، وهل النتائج تُلبي مطالبنا أم لا؟".