الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الإخطار الأثيوبي بالملء الثاني مناورة لإجهاض التحركات المصرية بمجلس الأمن

الرئيس نيوز

استبقت أثيوبيا الجلسة المرتقبة لمجلس الأمن الخميس المُقبل، بطلب من مصر والسودان؛ لمناقشة التداعيات الخطرة جراء بناء سد النهضة المائي، وإصرار أثيوبيا على عدم توقيع أي اتفاق قانوني بشأن تشغيل وملء السد، يضمن الحقوق المائية التاريخية لدولتي المصب مصر والسودان، فضلًا عن ضمان تدفق المياه إليهما، بالإعلان رسميًا عن بدء الملء الثاني لبحيرة السد العملاقة التي من المُقرر أن تخزن كليًا نحو 70 مليار متر مكعب، فيما يقول مراقبون إن الملء الثاني من المقرر أن يكون 13.5 مليار متر مكعب مياه.
وعلى الرغم من الإعلان الأثيوبي المخالف لقانون المبادئ، والقانون الدولي الحاكم للمياه العبار للدول، إلا أن صور الأقمار الصناعية لا تزال تؤكد أن التعلية المقررة في جسد السد حتى الآن لا تسمح بتخزين الـ13.5 مليار مكعب؛ إذ أن التعلية المطلوبة للوصول إلى هذه الكمية المخزنة من المياه لا تسمح لها التصميمات الإنشائية في الوقت الحالي، وأنها لن تتمن إلا أن تصل بالتعلية حتى منسوب 573 مترًا، ومن المقرر أن يصلون إلى تلك التعلية في منتصف يوليو الجاري لذلك من المقرر ان تكون تعبئة الملء الثاني تصل إلى 3 : 5 مليار متر مكعب بدلًا من 13.5 مليار متر مكعب.

تأخر في الإنشاءات
وزير الري الأسبق، محمد نصر علام، يقول لـ"الرئيس نيوز": "أثيوبيا تعلب بالنار، وتحاول التغطية على خسارة جيشها الفادحة في إقليم التيجراي، وفي كل الأحوال الموقف المصري جراء الإعلان الأثيوبي سيتم التعرف عليه بعد جلسة الخميس المقبل في مجلس الأمن، مقلل من تفاؤله من إمكانية التوصل إلى أشياء عظيمة في المجلس"، إلا أنه استطرد قائلًا: "ننتظر حتى لا نسبق الأمور، ووقتها لكل حادث حديث".
لفت علام إلا أن رفض مصر الإخطار الأثيوبي موفق، والاجتماع السريع لوزيري خارجية مصر والسودان يشير إلى جاهزية مصر والسودان إلى ذلك الاحتمال والطريقة الأمثل للرد عليه، وتابع: " الصبر المصري بدأ ينفد ولا يمكن احتمال التلاعب بمصائر نحو 150 مليون مصري وسوداني تحت دعوات رغبة أثيوبيا في التنمية". 

بدوره قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجولوجيا والمواد المائية بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا تسابق الزمن؛ للانتهاء من تركيب بوابات الأنفاق في جسد "سد النهضة"، قبل نهاية الشهر الجاري مع التعلية حتى منسوب 573م، مضيفًا أن فتحتي التصريف تمرران كل مياه الأمطار الحالية؛ ما أدى إلى عدم وصول منسوب البحيرة إلى ما كنت عليه في أغسطس الماضي، ولفت شراقي، في تصريحات عبر صفحته الشخصية "فيسبوك" إلى تراجع حواف بحيرة سد النهضة، في أغسطس الماضي بمقدار حوالي مليار متر مكعب، ما ينفي بدء الملء الثاني حتى الآن أو عودته إلى ما كان عليه وثباته خلال الشهرين الماضيين، بحسب ما قال.
تابع خبير الموارد المائية، أن شهر يوليو يأتي بحوالي 7 مليارات متر مكعب، وبالتالي يمكن الوصول إلى منسوب 573 م في منتصف يوليو ثم يبدأ مرور الفيضان من أعلى الممر الأوسط عند ارتفاعه الجديد، مشيرًا إلى ان تراجع أثيوبيا عن ملء السد من 13.5 إلى نحو 4 مليار متر مكب في المرحلة الثانية، ليس تعاونًا مع مصر والسودان، لكنه "قيلة حيلة" لأن الأعمال الإنشائية لم تسعفها للقيام بما كانت تخطط له منذ الملء الأول الذي كان مقرر له أن يكون 18.5 مليار متر مكعب مياه، إلا أن العمال الإنشائية لم تسمح إلا بـ4 مليار متر مكعب، وأرادت في الملء الثاني أن تخزن 13.5 مليار متر مكعب إلا الأعمال الإنشائية لن تسمح إلا في حدود 4 مليار متر مكعب مياه.   

مناورة أثيوبية 
يؤكد شراقي أن ما تقوم به أثيوبيا مناورة، تحاول أن تستبق بها جلسة مجلس الأمن، لتؤكد أنها حريصة على تبادل المعلومات مع مصر والسودان، يضيف شراقي بنشور له على "فيسبوك": "وصل منسوب بحيرة سد النهضة يوم السبت 3 يوليو 2021 الى نفس مستوى العام الماضى بتخزين  5 مليار متر مكعب وبدأ الأحد 4 يوليو التخزين الثانى رسميا وتم نشر ذلك يوم السبت بالصور الفضائية التي اختفت فيها حواف البحيرة نتيجة تراجع المياه خلال الشهرين الماضيين".
واليوم الاثنين 5 يوليو 2021 تلقت وزارة الموارد المائية والري المصرية خطابًا رسميًا من إثيوبيا يفيد ببدء التخزين الثاني لسد النهضة. تهدف أثيوبيا من خطاب بدء التخزين الثاني توصيل رسالة الى المجتمع الدولي ومجلس الأمن أنها تتبادل المعلومات مع مصر والسودان، وقد طلبت في ابريل الماضي تعيين مندوبين لتلقى المعلومات ورفضت مصر والسودان هذه الخطوة لأنها تتعارض مع إعلان مبادئ سد النهضة الذى ينص على التعاون في الملء الأول وإدارة السد والاتفاق على قواعد الملء والتشغيل وهذا لم يحدث، وبالتالي لا يمكن تبادل معلومات غير متفق عليها من قبل، واستمراراً للتعنت الأثيوبي والانفراد باتخاذ القرار وفرض سياسة الأمر الواقع فإن اثيوبيا قررت التخزين الثاني وبدأت في تنفيذ إجراءاته منذ فتح البوابتين في منتصف ابريل الماضي ثم تجفيف الممر الأوسط وتعليته حتى منسوب 573 متر بعدما فشلت في الوصول الى منسوب 595 متر كما كانت تخطط من قبل، كما أنها لم تحدد في خطابها الأخير لوزارة الري المصرية مقدار التخزين الثاني بالتحديد لأنه يرجع لحجم الانشاءات التي تتم حاليا من صب خرسانة على الممر الأوسط. رغم محدودية التخزين هذا العام والذي سوف يقل عن 4 مليار متر مكعب فيظل الرفض المصري والسوداني لهذه الخطوة دون اتفاق بصرف النظر عن كميته.

كما رفضت مصر التخزين الثاني في خطاب رداً على الخطاب الاثيوبي بهذا الشأن وأرسلت نسخة منه لمجلس الأمن لإرفاقه مع المستندات المصرية التي أرسلتها مصر لمناقشة تطورات سد النهضة ولكي تؤكد لأعضاء المجلس على القرارات الاحادية التي تتخذها اثيوبيا سواء في التخزين الأول أو الثاني دون اتفاق.  
تلقي الخطاب
وأعلنت وزارة الري المصرية، مساء أمس الاثنين أن الوزير محمد عبد العاطي، تلقى خطابا رسميا من نظيره الإثيوبي، يفيد ببدء الملء الثاني لخزان سد النهضة، لافتة إلى أن القاهرة وجهت خطابا رسميا لإثيوبيا لإخطارها برفضها القاطع لهذا الإجراء الأحادي.
وقال بيان لوزارة الري: "الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، تلقى خطابا رسميا من نظيره الإثيوبي يفيد ببدء إثيوبيا عملية الملء للعام الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبي".

وأضافت أنه "وزير الموارد المائية والري قام بتوجيه خطاب رسمي إلى الوزير الإثيوبي لإخطاره برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يعد خرقاً صريحاً وخطيراً لاتفاق إعلان المبادئ، كما أنه يعد انتهاكا للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية، بما فيها نهر النيل الذي تنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم إثيوبيا باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الأضرار بها".
رد سوداني
في غضون ذلك، أكدت اللجنة العليا السودانية لسد النهضة، أن الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي أصبح أمرا واقعا، مشددة على أهمية استمرار الإجراءات الاحترازية لتقليل الآثار السلبية للملء الثاني.
جاء ذلك خلال اجتماعها اليوم برئاسة رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، بحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء السوداني، اليوم الاثنين.
وقال البيان إن "الاجتماع بحث تطورات العمل في تشييد سد النهضة وتأثير ذلك على الملء الثاني، الذي أصبح أمرا واقعا".
وشدد البيان على "استمرار الإجراءات الاحترازية لتقليل الآثار السالبة لعملية الملء الثاني مع مواصلة الجهود الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة".