الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

سد النهضة.. هل تتدخل الصين لحل الأزمة والوصول لاتفاق؟

الرئيس نيوز

سلطت صحيفة Washington Examiner الأمريكية الضوء على مباحثات وزير الخارجية السفير سامح شكري الأخيرة مع نظيره الصيني، وانج يي، التي أطلع فيها شكري الأخير على آخر تطورات أزمة السد الإثيوبي المثير للجدل، ولفتت الصحيفة إلى أن المباحثات تضمنت "محادثة طويلة ومتعمقة حول سد النهضة على جميع المستويات".

ويأتي تورط الصين في قضية السد في أعقاب رسالة شكري في 12 يونيو التي وجهها إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي اعترض فيها على إعلان إثيوبيا أنها ستشرع في الملء الثاني لخزان السد خلال موسم الفيضانات في يوليو.

في كلمة ألقاها في 31 مايو خلال الندوة الافتراضية التي عقدتها السفارة الصينية بالقاهرة بمناسبة الذكرى 64 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وبكين، دعا النائب عمر صميدة رئيس حزب المؤتمر ورئيس المجلس البرلماني للحزب في مجلس الشيوخ، الصين إلى "ممارسة المزيد من الضغط الدبلوماسي على الحكومة الإثيوبية في محاولة لتجنيب المنطقة بأكملها أي خطر من عدم الاستقرار وتوقيع اتفاقية ملزمة قانونًا مع دولتي المصب؛ السودان ومصر".

ووفقًا لعلي الحفني، نائب وزير الخارجية السابق والسفير المصري السابق في بكين، فإن "الصين كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، من الطبيعي أن تنسق مصر معها وأن تحرص الخارجية على توضيح موقف القاهرة لها في مواجهة أزمة السد. كما أكدت مصر أنها تواصل السعي للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومتوازن يحقق مصالح الأطراف الثلاثة.

يمكن للصين أن تلعب دورًا جيدًا في إقناع إثيوبيا بالتخلي عن مواقفها المتعنتة وإبداء مزيد من المرونة في محادثات سد النهضة مع السودان ومصر تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، في إطار علاقات بكين ومصالحها الرئيسية مع أديس أبابا، وتعد الصين من أكبر المساهمين في مشاريع التنمية والاستثمار في إثيوبيا.

وتأمل القاهرة أن تلعب بكين دورًا في المفاوضات التي من المتوقع إجراؤها في الفترة المقبلة في مجلس الأمن لبحث أزمة السد، في محاولة لدفع إثيوبيا لتوقيع اتفاق ينظم الملء والتشغيل بطريقة تضمن طمأنة دولتي المصب فيما يتعلق بمصالحهما المستقبلية في مياه نهر النيل.

وتحتفظ القاهرة بعلاقات قوية مع بكين، والتي تطورت بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة. ويشترك البلدان في شبكة من المصالح المشتركة، وهو ما ينعكس في عدد المشاريع المشتركة التي تنفذها الشركات الصينية في مصر. ناهيك بأن السوق الصيني مفتوح أمام الصادرات المصرية والعكس صحيح وهو ما زاد في السنوات القليلة الماضية.

وقال السفير الصيني بالقاهرة لياو لي تشيانج في مؤتمر صحفي يوم 27 مايو إن الصين هي الشريك التجاري الرئيسي لمصر للعام الثامن على التوالي بعد أن تجاوز حجم التجارة بين البلدين 14.5 مليار دولار في عام 2020.

وأضاف لي تشيانج أن حجم الاستثمارات الجديدة عن العام الماضي بلغ 190 مليون دولار، ليصل الإجمالي إلى أكثر من 1.2 مليار دولار.

وتعد الأطراف الثلاثة في أزمة السد حلفاء للصين، وسيسمح ذلك لبكين بتوظيف نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي للمساعدة في إيجاد حل لقضية سد النهضة وتخفيف التوترات التي كانت تتصاعد منذ عدة سنوات حتى الآن، فضلاً عن لعب دور رئيسي في المحادثات التي يتوسط فيها الاتحاد الأفريقي. 

ولدى بكين بالفعل عدة أوراق ضغط على أديس أبابا لإقناعها بالتوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان، كما أن لدى بكين العديد من المشاريع الضخمة في إثيوبيا وقد منحت بالفعل أديس أبابا قروضًا لبناء السد.

ووفقًا لتقرير صادر عن صحيفة آسيا تايمز الصينية في 19 يناير، تمتلك بكين "حصة كبيرة في المشروع من خلال تمديد تسهيل ائتماني بقيمة 1.2 مليار دولار لتمويل خطوط نقل السد"، وهو جزء من "قروض صينية تبلغ حوالي 16 مليار دولار" إلى إثيوبيا.

ومع ذلك، تشعر الصين بالقلق من التدخل في الأزمة لأنها تحتفظ باستثمارات في البلدان الثلاثة المعنية. كذلك، لم يطلب أي طرف رسميًا أن تتوسط بكين. 

ورأى السودان أن وساطة الاتحاد الأفريقي لم تسفر عن أي نتائج، مما دفع الخرطوم للبحث عن مزيد من الوسطاء، لكن الخرطوم لم تذكر الصين صراحةً.  

الأهم من ذلك، تعتقد الصين أن استثماراتها في الدول الثلاث يمكن أن تتعرض للخطر إذا تصاعدت الأمور إلى نزاع مسلح - وهو الأمر الذي قد يعيق هذه الدول عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه بكين.

وتعتمد مصر على أدوار القوى الكبرى مثل الصين التي لديها استثمارات كبيرة في إثيوبيا ولديها علاقات جيدة مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، لإقناع أديس أبابا بالتمسك بالمفاوضات واحترام القانون الدولي باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى حل مرض لجميع الأطراف المعنية. 

ولكن سيكون من الصعب على الصين التأثير على موقف إثيوبيا أو دفعها لإظهار المزيد من المرونة في المحادثات. 

المواجهة بين أديس أبابا والقاهرة مستمرة منذ 10 سنوات، وحتى الآن، لم تبذل بكين جهودًا واضحة لجمع وجهات النظر في إطا توافقي، لتظل الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد الذي يمكنه تحقيق اختراق في الأزمة الراهنة.

وقالت الصحيفة الأمريكية: "قد تعتقد الصين أن طرح مبادرة لحل الأزمة يمكن أن يقوض سياستها في اتخاذ نفس الموقف تجاه جميع الأطراف المعنية أو يهدد استثماراتها.