زيارة العاهل الأردني لواشنطن.. هل تسعى عمان إلى طي صفحة عهد ترامب؟
تشمل زيارة الملك عبد الله إلى واشنطن الشهر المقبل سياقًا مختلفًا تمامًا عن السياق الذي أحاط بالعلاقات بين واشنطن وعمّان خلال إدارة دونالد ترامب، عندما وصلت العلاقات الأمريكية الأردنية إلى أدنى مستوياتها، وفقًا لصحيفة The National.
تعزز زيارة الملك عبدالله الثاني في 19 يوليو الجاري، وهي الأولى لزعيم عربي إلى البيت الأبيض منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه في يناير، العلاقة الخاصة التي تربط المملكة بهذه الإدارة. وتلقى العاهل الأردني في نوفمبر أول مكالمة هاتفية من بايدن إلى قائد دولة في العالم العربي، وتعارف الاثنان على بعضهما البعض منذ ما قبل تولي الملك عبد الله العرش في عام 1999. كما سارع بايدن إلى الاتصال بالملك عبدالله الثاني وتقديم الدعم له بعد الخلاف الذي وقع في العائلة المالكة في أبريل الماضي.
الملك عبدالله في البيت الأبيض
وقالت مصادر دبلوماسية للصحيفة إنه كان من المفهوم دائمًا أن الملك عبد الله سيكون أول زعيم عربي يتلقى دعوة إلى البيت الأبيض، لكن جائحة كورونا ومراجعات السياسة أخرته. وقالت ميريسا كورما، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز وودرو ويلسون، إن الزيارة ستساعد في إعادة التوازن للعلاقة بعد التوتر الذي حدث في السنوات الأربع الماضية. وقالت كورما: "هذا مهم لأنه يبعث برسالة دعم قوية للعاهل الأردني شخصيًا، وكذلك للأردن".
تأتي مساعي توطيد العلاقات الثنائية بين عمان وواشنطن في الوقت المناسب في حين تظل المملكة الأردنية حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة في المنطقة، خاصة بعد علاقة متوترة مع البيت الأبيض السابق، الذي أثرت ما تسمى بصفقة القرن على أسس حل الدولتين التي تؤيدها عمان". و"صفقة القرن" مصطلح صاغه ترامب لمحاولته التوسط في السلام العربي الإسرائيلي.
من خلال الصفقة، تجنب الرئيس الأمريكي السابق السعي بنشاط لحل الدولتين، ونقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس وقطع المساعدات عن وكالة الأمم المتحدة للاجئين (أونروا). كما أغلق ترامب مكتب الوفد الفلسطيني في واشنطن، وشرع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وقطع المساعدة للسلطة الفلسطينية - وهي قرارات تتعارض مع الموقف التاريخي للأردن.
كانت آخر زيارة للملك عبد الله الثاني لواشنطن في عام 2018، وأبعدته هذه الخلافات عن البيت الأبيض خلال العامين الأخيرين من رئاسة ترامب. وعكست إدارة بايدن العديد من تلك القرارات، واستأنفت المساعدة للأونروا وتبنت حل الدولتين. واعتمد فريق الإدارة الأمريكية الجديدة بشدة على مصر والأردن للمساعدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة في مايو 2021.
وتابعت كورما: "بالنظر إلى التطورات الأخيرة في الساحة الفلسطينية الإسرائيلية، وحرب غزة، فضلاً عن المشاهد السياسية الداخلية الفلسطينية والإسرائيلية، من المؤكد أن هناك الكثير لمناقشته". وقالت إن عمان تعتبر الصراع قضية أمن قومي لاستثمارها في حل الدولتين ووصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وعلقت كورما قائلة: "إن من المرجح أن يكون البند الرئيسي الآخر على جدول الأعمال هو سوريا، لأن الإدارة لا تزال ترسم سياستها تجاه المشهد السوري". والأردن هو واحد من الدول القليلة التي حافظت على وجود دبلوماسي في دمشق وتستضيف أيضًا حوالي 800000 لاجئ سوري.
جبهة ثلاثية مع مصر والعراق
رأى كيرتس رايان، الأكاديمي الأمريكي الذي يدرس الأردن، سياقًا إقليميًا أكبر للزيارة. وقال رايان: "الأردن وشركاؤه يرون في التوافق أو المحور الثلاثي الجديد مع العراق ومصر مركز قوة بديل في السياسة العربية يساعد على إعادة الأصوات غير الخليجية إلى واجهة السياسة العربية". وقام الملك عبد الله والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة مشتركة لبغداد يوم الأحد.
وأضاف رايان: "عندما كان هؤلاء الثلاثة قريبين من هذا الحد، في عامي 1989 و1990، قبل حرب الخليج، عملوا كجبهة موحدة في التعامل مع الحلفاء الخليجيين بشأن المساعدات والنفط والاستثمار". ومن المتوقع أن يزور رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي البيت الأبيض في وقت لاحق من الصيف.
وقال ريان إن "الأردن مهتم للغاية بالحصول على دعم عراقي ومصري لمواقفه فيما يتعلق بالقدس، وكذلك في التعاون، خاصة في قطاع الطاقة من حيث الكهرباء والغاز وحتى خطوط أنابيب النفط".
وتعهدت إدارة بايدن بزيادة دعمها للاقتصاد الأردني الذي عانى من جائحة كوفيد -19. وتعد عمان واحدة من المستفيدين الإقليميين لمبادرة إدارة بايدن العالمية لتوزيع 80 مليون جرعة من إمدادات اللقاح. وكانت الولايات المتحدة أكبر المانحين للمساعدات للأردن منذ أن وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1994. وأرسلت واشنطن أكثر من 1.5 مليار دولار في عام 2020، بما في ذلك 425 مليون دولار كمساعدات عسكرية.