أزمة سد النهضة.. هل يكون مجلس الأمن المحطة الأخيرة للدبلوماسية؟
تتابع مصر العمل حتى الآن في ملف نزاع السد الإثيوبي المثير للجدل بشكل مباشر من خلال القنوات الدبلوماسية، حيث سعت إلى حل عبر التفاوض عبر الوساطة، والعمل مع ومن خلال شركاء ومؤسسات موثوقين مثل الولايات المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأفريقي.
وتعتمد مصر على نهر النيل، الذي ينشأ في إثيوبيا، في أكثر من 90٪ من احتياجاتها المائية، إلا أن قرار إثيوبيا المنفرد بالمضي قدمًا في الملء الثاني للسد الإثيوبي هذا الشهر، دون اتفاق بشأن إدارة تدفق مياه النيل، يمكن أن يقلل من تدفق المياه إلى كل من مصر والسودان. وتشترك إحدى عشرة دولة في المياه من حوض النيل. ولكن الأزمة الحالية لا تتعلق فقط بملء السد للمرة الثانية خلال الشهر الجاري، والذي قد يكون أقل تأثيرًا مما كان متوقعًا، لأن سد النهضة لا يزال قيد التطوير.
مياه النيل أمن قومي
بالنسبة للقاهرة والخرطوم التي تعتمد على النيل، هذه مسألة أمن قومي من الدرجة الأولى ومسألة وجودية فبدون اتفاق على إداة السد خاصة أثناء فترات الجفاف، تتوقع مصر والسودان دورة لا نهاية لها من الشكوك بشأن تدفق مياه النيل الحيوية إلى بلديهما.وسلط موقعAfrica Reports الإخباري الضوء على خطاب سفير مصر لدى الولايات المتحدة معتز زهران في أبريل الذي أكد أن "مستقبل النيل على المحك، شريان الحياة لملايين المصريين والسودانيين"، مضيفًا أن "سد النهضة يمكن أن يلحق ضررًا اجتماعيًا واقتصاديًا وبيئيًا لا يُحصى في مصر والسودان".ورفض رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد حلاً بوساطة حتى الآن، بما في ذلك إعلان المبادئ التوجيهية التي تفاوض عليها وسطاء من الولايات المتحدة والبنك الدولي العام الماضي مع مصر والسودان ومسؤولين إثيوبيين.
وواصل أبي حتى الآن اتباع نهج قومي متشدد تجاه السد، قائلاً إنه حتى التوصيات الفنية هي انتهاكات غير مرغوب فيها للسيادة الإثيوبية. في غضون ذلك، تقاتل الحكومة تمردًا في تيجراي، ويمثل سد النهضة تحولاً محتملاً للتنمية الإثيوبية، مع احتمال أن تصبح أديس أبابا قوة إقليمية عظمى في إنتاج وتصدير الطاقة الكهرومائية، وهو الطموح الذي يلهب خيال أبي.
طريق مسدود
قال وزير المالية ، محمد معيط، في الأول من يوليو الجاري، إن مصر لا تعارض السد أو أي سد آخر، لكنها تسعى إلى توجيهات ملزمة قانونًا لإدارة تدفق مياه النيل إلى مصر ودول الحوض الأخرى. واستمرت إثيوبيا في التشدق بالعملية التي توسط فيها الاتحاد الأفريقي، لكن يبدو أن هذا الجهد وصل إلى طريق مسدود. ودعمت مصر والسودان مشاركة الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في العملية، إلى جانب مشاركة الاتحاد الأفريقي.وحاولت إثيوبيا، عبر الاتحاد الأفريقي، إشراك السودان في نوع من الاتفاق المؤقت، ربما كان الغرض منه إغراء السودان بعيدًا عن المعسكر المصري، لكن التناقض بين البلدين خلال الأسابيع الماضية انتهى دون اتفاق. وكتب وزير الخارجية المصري سامح شكري، في رسالة إلى مجلس الأمن، أن "عملية التفاوض التي يقودها الاتحاد الأفريقي أثبتت حتى الآن عدم جدواها. ... بعد ثمانية أشهر من المفاوضات، لم نقترب من توقيع اتفاق".
مجلس الأمن للمرة الثانية
والآن رفعت الحكومة المصرية الرهانات الدبلوماسية، وأخذت الأمر مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي، الذي من المرجح أن يجتمع حول سد النهضة الأسبوع المقبل. ودعم السودان مصر في الاقتراب من مجلس الأمن، كما دعمت جامعة الدول العربية مبادرتها.ستكون هذه هي المرة الثانية خلال عامين التي يتبنى فيها مجلس الأمن سد النهضة. ولا يهدد المسؤولون المصريون باستخدام القوة العسكرية، لكنها أصبحت بشكل متزايد جزءًا من الرواية التي تتابعها وسائل الإعلام العالمية حول الأزمة المتصاعدة، حيث تصل الدبلوماسية إلى طريق مسدود تلو الآخر.
وتستند دعوة مصر إلى مجلس الأمن إلى المادة 34 لمجلس الأمن لتحديد ما إذا كان النزاع يمكن أن "يعرض للخطر الحفاظ على السلم والأمن الدوليين".
وكتب شكري في رسالته إلى مجلس الأمن: "إذا لم نتوصل إلى اتفاق بعد كل هذه الجهود، نكون قد استنفدنا كافة الوسائل السلمية ومدى التعنت وغياب الإرادة السياسية من الجانب الإثيوبي وكذلك. وسيظهر مدى مرونة مصر والسودان أمام المجتمع الدولي".
حلول بديلة
بالعودة إلى أبريل الماضي، بعد انهيار الجولة الأخيرة من محادثات الاتحاد الأفريقي، قال الرئيس السيسي: "دعونا لا نصل إلى النقطة التي تمس فيها إثيوبيا قطرة من مياه مصر، لأن جميع الخيارات مفتوحة". وتعمل مصر على إيجاد خيارات لتقاسم المياه، فضلاً عن الدعم الدبلوماسي لموقفها من سد النهضة، في جميع أنحاء شرق إفريقيا، بما في ذلك جنوب السودان وتنزانيا.ومن جانبها، تسعى القاهرة للتخفيف من حدة الأزمة المحتملة من خلال إشراك جنوب السودان في مشاريع التنمية وتقاسم المياه، كل ذلك أثناء السعي للحصول على دعم دبلوماسي من جوبا في التعامل مع إثيوبيا.