الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عبدالله السناوي: لازلنا في «جمهورية السادات».. ومصطلح «الجمهورية الجديدة» لن يصمد أمام اختبارات الزمن

الرئيس نيوز


- لم نشهد ما يمكن اعتباره تغيير في سياسات ومقومات الدولة.. والتعبير محمل بالعواطف أكثر من الحقائق

منذ نحو أسبوعين، تردد على الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي مصطلح "الجمهورية الجديدة" في محاولة لعكس الطفرة التي شهدتها الدولة مع بداية حكم الرئيس السيسي.

 لكن في المقابل رأت بعض القوى السياسية ضرورة الفصل بين ما تحقق فعليًا على الأرض من إنجازات، وإمكانية وصلاحية صك مصطلح جديد للإشارة إلى ما تم إنجازه خلال مرحلة جديدة في التاريخ المصري المعاصر.

الكاتب الصحفي والقيادي الناصري، عبد الله السناوي، بادرنا في بداية حديثه معنا هاتفيًا بالقول: "التعبير محمل بالعواطف أكثر من الحقائق. نعم محمل بالعواطف؛ لأنه يعكس رغبة في الإشارة إلى الوضع الجديد الذي تم إنجاز الكثير فيه، أو أنه يعكس الرغبة في الإشارة إلى تأسيس دولة جديدة. لكن مسألة مثل هذه لا تتعلق برغبة الأشخاص بقدر ما تتعلق بالتغييرات العميقة في بنية الدولة".

يضيف السناوي على حديثه السابق: "الدولة بالمقومات التي استقرت منذ السبعينات وحتى الآن، وهي على نفس الأوضاع وبالتالي لا مجال للتسمية الجديدة. فضلًا عن أن المصطلح يضر أكثر مما ينفع ولا فائدة ترجى منه".

جمهوريتان مصريتان

القيادي الناصري يقول: "في مصر كان هناك جمهوريتان، الأولى جمهورية جمال عبد الناصر، بتوجهاتها الاشتراكية في بنية المجتمع، والأخرى الجمهورية التي أسسها الرئيس الراحل أنور السادات.. وأظن أن هذه الأسس التي وضعها السادات لا يزال معمول بها إلى الآن، فداخليًا لا تزال تعتمد الدولة سياسة الانفتاح الاقتصادي، وفي خيار التوجه للنظام الرأس مالي، وخارجيًا الدولة تحافظ على المساحة التي بينها وبين أمريكا، فضلًا عن الموقف من إسرائيل، فكل هذه المقومات لا يزال معمول بها في الدولة حتى الآن، لذلك نقول إن الدولة مستمرة على ذات سياسات السبعينيات".

يضيف السناوي: "حدوث إنجازات وتقدم في الدولة أمر في غاية الأهمية، وإن كان من الطبيعي أن تحدث هذه التغييرات كل من حين وآخر، لكن الأمور حتى الآن لم تشهد ما يمكن اعتباره تغيير في سياسات ومقومات الدولة يمكن أن يكون فيها استخدام مصطلح الجمهورية الجديدة صحيح".

"في كل الأحوال لا يمكن اعتبار أن من يرفض المصطلح كمصطلح هو ينكر ما حدث من إنجازات خلال الفترة الماضية، فرفض المصطلح جاء لأنه تم استخدام توصيف خطأ للوضع الراهن. لابد من تسمية الأمور بمسمياتها الصحيحة حتى يثبت المصطلح أمام التاريخ ويمكن تقيمه بشكل جيد".. هكذا أكد السناوي. 

الجمهورية الخامسة في فرنسا

لكن في فرنسا هناك مصطلحات مثل الجمهورية الأولى وحتى الخامسة. هنا يوضح القيادي الناصري عبدالله السناوي: "صحيح، لكن هذه المصطلحات لها ما يبرر ظهورها على الأرض؛ فإذا بحثت في الأمر تجد أن هذه التسمية تعكس تعديلات دستورية غيرت من شكل الحكم، فهناك معاير موضوعية في مثل هذه الأمور، ولا يمكن أن تطلق أو تُصك المصطلحات مثل هكذا". 

"أدعو إلى عدم الاستعانة بمثل هذه التوصيفات أو التسميات؛ لأنها لن تصمد كثيرًا أمام محاكم التاريخ، ولن يتذكرها أحد، فعلى سبيل المثال: قناة السويس الجديدة، كتبت حينها أنها "لا قناة ثانية ولا جديدة"، لكنها هي أكبر توسعة في تاريخ القنال، وإنجاز ملموس.. سؤالي للضمائر: هل هناك في مراكز صنع القرار، وفي الأجهزة الأمنية، وفي الأجهزة السياسية، وحتى في المعارضةّ، هل هناك من يقول قناة السويس الجديدة؟ فقط يتم الاكتفاء بالقول بقناة السويس". 

يؤكد السناوي على أن الحقائق أكبر من التسميات، ويتابع: "إن التسميات الحقيقية هي الأبقى في التاريخ وهي التي تظل، فضلًا عن كونها تبعث على مزيد من الاحترام والتقدير أمام الأخرين خاصة في الخارج الذين يتابعون ويقيمون كل ما يتم تحقيقه في مصر". 

ويحذر الكاتب الصحفي من اللجوء إلى التوصيفات المبالغ فيها: "نتائجها عكسية، وسيتناثر الإنجاز، والتاريخ لن يقف عنده كثيرًا؛ لأن الأمر تحمل أكثر من قدره. فبمعاير التاريخ سقطت التسمية، وتم إهدار الإنجاز؛ لأنه لم يأخذ حقه في التوصيف الدقيق".. موضحا: "مستعد من الآن وبموضوعية كاملة القول بأنه لا داعي لاستخدام مثل هذه الألفاظ، لأنها تُسيئ إلى أي إنجاز ممكن، وأي أستاذ في العلوم السياسية لن يقر بمثل هذه الأمور، لأن تسمية الأمور بمسمياتها ستصمد أكثر أمام التاريخ، وأدعى كذلك إلى احترام الآخرين لك".

العاصمة الإدارية 

وبسؤال السناوي عن ارتباط التسمية بالمشاريع التي يتم العمل فيها حاليًا بالعاصمة الإدارية الجديدة، أكد أن المشروع أصبح أمرًا واقعًا، والحكومة مطالبة بتوضيح أسباب إنشاء تلك العاصمة، وحقيقي أنه كان هناك اعتراض عليها في البداية من حيث كونها ليست من الأولويات، لكن أما وإنها أصبحت أمر واقع، لابد  من الحديث عن تكلفتها ومن أين نشأت؟ وكيف سيتم سداد هذه التكلفة؟
يضيف الكاتب الصحفي: "إذا ما تمكنت الحكومة من تبرير فجوة الأولويات في الدولةفي الوقت الحالي، وهي مشكلة لا تزال قائمة حتى الآن، سيصبح الإنجاز معتد به".

بنية غامضة

يسطرد السناوي: "حتى بنية المصطلح "الجمهورية الجديدة" غامضة، فإذا سلمنا به على سبيل الجدال، فما هي حدود هذه الجمهورية من الناحية الزمنية؟، ومتى انتهت الجمهورية القديمة؟ ظني أن الإجابة على هذه الأسئلة لن تكون مقنعة ولا مرضية ولا قابلة للبقاء، لذلك من الأولى عدم الإسراع في إصدارها".
واختتم الكاتب الصحفي حديثه قائلا: "أتصور أن المصطلح يحدث ربكة في الفضائيات، وأعترض عليه من الناحية الشكلية والموضوعية؛ لأنه من المؤكد أنها ستحمل تساؤلات لا إجابات عليها.. خاصة مع أبجديات العلوم السياسية في مراحل التاريخ، فضلًا عن كون المصطلح لن يصمد أما اختبارات الزمن؛ فسيُجرى استهلاكه لكنه لن يصمد كثيرًا، فهو للاستهلاك الإعلامي السريع، وهذا ليس مطلوبًا".