الثلاثاء 04 مارس 2025 الموافق 04 رمضان 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

حيثيات تأييد الإعدام في فض رابعة: نية قتل رجال الشرطة توافرت في كل المشاركين بالتجمهر

الرئيس نيوز

أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها الصادرفي 14 يونيو الجاري بتأييد إعدام 12 من قيادات وعناصر جماعة الإخوان من بينهم عبد الرحمن البر وصفوت حجازي ومحمد البلتاجي وأسامة ياسين وأحمد عارف، لإدانتهم بقضية فض اعتصام رابعة العدوية التي تعود وقائعها إلى أغسطس 2013.

وتضمن حكم النقض تخفيف حكم الجنايات الصادر بإعدام 31 متهما من قيادات وعناصر الجماعة إلى السجن المؤبد؛ لإدانتهم بالقضية ذاتها، وتأييد أحكام السجن لـ277 متهمًا آخرين تراوحت ما بين السجن المشدد 5 سنوات وحتى المؤبد، من بينهم تأييد حكم المؤبد لمرشد جماعة الإخوان محمد بديع، والقيادي ورئيس مجلس الشعب السابق، محمد سعد الكتاتني، والقيادي بحزب الوسط عصام سلطان.

كما تضمن تأييد حكم السجن المشدد 10 سنوات لأسامة محمد مرسي، ابن الرئيس الراحل محمد مرسي، والمشدد 5 سنوات للصحفي محمود أبوزيد شوكان الذي انقضت فترة عقوبته، كما شمل الحكم تأييد العقوبات التبعية الموقعة من محكمة الجنايات على جميع المتهمين الطاعنين البالغ عددهم 320 متهمًا.

وذكرت النقض فى حيثيات حكمها أن حكم الجنايات انتهى صائبا إلى إدانة المتهمين بالجمهر باعتبارهم شركاء في الجرائم التي دانهم بها تطبيقا لقانون التجمهر، فلا محل لجدل المتهمين الطاعنين من اضطراب الحكم في شأن اعتبارهم فاعلين أصليين أو شركاء تطبيقا لمبادئ الاشتراك العادية، موضحة أنه من المقرر أن عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، والبين من حكم الجنايات أنه أثبت توافر كافة أركان جريمة الاشتراك في التجمهر.

وأشارت النقض إلى أنه لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك - متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع – وأن محكمة الجنايات ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره - بل لها أن تجزئه، وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها.

ولفتت النفض إلى أن حكم الجنايات استظهر في قضائه أن الإقرار الذي أخذ به المتهمين ورد نصا في الإقرار بالجريمة، واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا يغير من إنتاجه عدم اشتماله على توافر الجرائم التي دانهم بها، ذلك أنه لا يلزم أن يرد الإقرار على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ فيه الحكم، منوهة إلى أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للإقرار، وهو الاكتفاء به وحده، بل بنت معتقدها كذلك على أدلة أخرى عددته.

وأشارت النقض أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكًون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، متابعة أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم الانضمام للجماعات الإرهابية طريقا خاصا غير طرق الاستدلال العامة بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم حسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها.

وتابعت النقض أن قاضي الجنايات اقتنع من الأدلة المطروحة والوقائع التي ثبتت لدية والقرائن التي استخلصها، أن المتهمين انضموا إلى جماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون واشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم استعراض القوة والعنف المقترن بجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد، مشددة على أن ما أورده حكم الجنايات في هذا الشأن يعد كافيا وسائغا في تدليله على توافر الجرائم بأركانها المادية والمعنوية.

وذكرت محكمة النقض أن قصد القتل خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام المحكمة موكول لقاضي محكمة الموضوع في حدود سلطته التقديرية.

وأشارت النقض إلى أن ما أورده حكم الجنايات في معرض بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأقوال شهود الإثبات واستظهاره لنية القتل من إطلاق بعض المتهمين للأعيرة النارية صوب المجني عليهم بكثافة وبطريقة عشوائية في مقتل من أجسادهم بقصد إزهاق الروح، كافيا وسائغا في التدليل على توافر نية القتل في حق أحد المشتركين في جريمة التجمهر غير المشروع، مما ينعطف حكمه على كل من اشترك في هذا التجمهر مع علمه بالغرض منه بصرف النظر عن مقارفته هذا الفعل بالذات أو عدم مقارفته، ما دام الحكم دلل تدليلا سليما على توافر أركان جريمة التجمهر في حق المتجمهرين جميعًا.

واستطردت النقض أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة، فلا يستطيع أحد أن يشهد به مباشرة وليست العبرة في توافره بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، قائلة إن مادام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة، كان ظرف سبق الإصرار متوافرا، أما ظرف الترصد فيكفي لتحققه مجرد تربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أم قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه، والبحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب هذه العناصر وتلك الظروف لا يتنافر عقلا ذلك الاستنتاج.

ولفتت النقض إلى أن حكم الجنايات عرض هذين الطرفين وكشف توافرهما وساق لإثباتهما من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققهما طبقا للقانون ويحق مساءلة الطاعنين عنهما، وحكم ظرف سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر، وإثبات سبق الإصرار على المتهمين يرتب في صحيح القانون تضامنا بينهم في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولا عن جريمة القتل تنفيذا لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات، وأن ما أثبته حكم الجنايات بحق المتهمين كاف بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على قتل المجني عليهم من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم، وصدور الجريمة عن باعث واحد، واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها، وأن كلا منهم قصد ضد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه.

وشرحت محكمة النقض في حيثياتها إنه لما كان ذلك، وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايات القتل والشروع فيه وتخريب الأملاك العامة والحريق العمد وتعطيل وسائل النقل واستعمال القوة والعنف مع رجال الشرطة الحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء أعمالهم، ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه من توافر ظرف الاقتران.

وتابعت محكمة النقض أن قضاءها مستقر على أنه يكفي لتحقق جريمة إحراز سلاح ناري دون ترخيص مجرد الحيازة المادية طالت أم قصرت وأيا كان الباعث عليها ولو كان الأمر عارض أو طارئ لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري دون ترخيص عن علم وإدراك، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن أحمد رمضان محمد أحرز وحاز بواسطة غيره أسلحة نارية وأطلق منها أعيرة نارية على قوات الشرطة وثبت صلاحية الأسلحة للاستعمال من واقع دليل فني، فإن ما أورده الحكم يكون كافية للدلالة على قيام الجرائم التي دان بها الطاعن المذكور بأركانها القانونية، ومن ثم يضحى منعاه في هذا الشأن غير سديد.

وأضافت المحكمة أن تقدير قيام رابطة السببية بين الفعل والنتيجة من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع ومتي فصلت في شأنها إثباته ونفية فلا رقابة لمحكمة النقض عليها، مادامت أقامت قضاءها في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استظهر إصابات المجني عليهم وعلاقة السببية بين الإصابات التي أوردها تفصيلا ولا يدعي الطاعنون أن ثمة سببا آخر قد كشفت عنه الوقائع أحدث إصابات المجني عليهم، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن.