وثقتها هواتف جنود إثيوبيين.. تحقيق يكشف حقائق لـ "مذبحة" تيجراي
قتل جنود إثيوبيون عددا غير محدود من الأشخاص في إقليم تيجراي بطريقة "وحشية"، ومنهم من وثق جريمته عن طريق هاتفه المحمول، وفق تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية بالتعاون مع منظمة العفو الدولية.
وقالت الشبكة الأمريكية إنها حقّقت قبل شهرين في مقاطع فيديو تعود للمذبحة التي شهدتها تيجراي في يناير الفائت، وخلُصت إلى أن تلك المقاطع صوّرت من قِبل الجنود مُرتكبي المجزرة.
وبيّنت الشبكة أنها استخدمت تقنيات تحديد المواقع الجغرافية (جي بي إس) للتحقق من مناطق تصوير مقاطع الفيديو، التي تبيّن أنها كانت على حافة جبلية بالقرب من منطقةماهيبير ديجو، حيث وقعت مجزرة يناير 2021. وكشف التحقيق وقتذاك عن إعدام ما لا يقل عن 11 رجلاً أعزل، و39 آخرين في عداد المفقودين.
وذكرت السي إن إن أنها تلقت المقاطع المصورة المروعة في مارس الماضي، من قبل منظمة "تيجراي ميديا هاوس" الإعلامية.
ووفق "تيجراي ميديا هاوس"، فإن جنود من الجيش الإثيوبي صوّروا مقاطع مروعة لعمليات القتل على هواتفهم المحمولة.
وشاركت المنظمة الموالية لأهل تيجراي مقطع فيديو آخر أطول للمجزرة مع "سي إن إن"، حيث تم كشف تفاصيل جديدة حول الفظائع والجنود الذين يقفون وراءها.
وتم التعرف على أن الصوت في المقطع يعود للجندي الإثيوبي الذي صور بنفسه الفيديو والذي كان يُنادى بلقب "فافي".
وكان الجندي الإثيوبي "فافي"، كشف خلال حديثه في الفيديو عن لوائه وانتمائه العسكري.
توثيق "وقِح"
وفي الفيديو الذي نقلت السي إن إن مضمونة، يتبادل "فافي" الهاتف مع جندي آخر، ويأخذ البندقية ويطلق النار، ثم يتم تبادل الهاتف مرة أخرى، بينما يسارع آخرون لتصوير إعدام الأسرى، وتوثيق الجريمة بوقاحة- على حد وصف الشبكة الأمريكية.
ومع ذلك، رفض مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، نتائج التحقيق الذي أجرته سي إن إن، بدعوى أنه "لا يمكن اعتبار منشورات ومزاعم وسائل التواصل الاجتماعي دليلًا" على ارتكاب جرائم في تيجراي.
وبعد 6 أشهر من الهجوم، قال شخصان في ماهيبير ديجو، حيث وقعت المجزرة، للشبكة الأمريكية، إنهما جمعا بطاقات الهوية الوطنية لـ36 شخصا لقوا مصرعهم، فيما لا يزال 37 شخصا آخرين في عداد المفقودين، مما يشير إلى أن حصيلة المذبحة قد تكون أكثر من ضعف ما تم الإبلاغ عنه في البداية.
وتواصلت السي إن إن مع الحكومة الإثيوبية للتعليق على هذه المعلومات، لكنها لم ترد على الاستفسارات.
يأتي ذلك فيما تتعرض إثيوبيا لضغوط دولية متزايدة بسبب عدد من الفظائع المبلغ عنها في منطقة تيجراي الشمالية التي مزقتها الحرب، والتي قد ترقى إلى جرائم حرب.
ويُعتقد أن آلاف المدنيين قتلوا منذ أوائل نوفمبر 2020، عندما شن آبي أحمد، عملية عسكرية كبيرة ضد جبهة تحرير شعب تيجراي الحاكمة، وأرسل قوات عسكرية ومقاتلين من الميليشيات من منطقة أمهرة الإثيوبية.
وفي وقت سابق، جمعت السي إن إن شهادات كثيرة لشهود عيان تُفيد بارتكاب جنود إثيوبيين وإريتريين مذابح وأعمال قتل خارج نطاق القضاء وعنفا جنسيا وانتهاكات أخرى في المنطقة.
ومنذ يناير، تقول عائلات الضحايا في ماهيبير ديجو إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى التلال بسبب استمرار وجود القوات الإثيوبية في المنطقة - مما تركهم من دون وسيلة لدفن أحبائهم.
والقوات الإريترية المتخفية في زي الجيش الإثيوبي تمنع وصول المساعدات الضرورية، وفق الشبكة الأمريكية، بينما يقول الأطباء إن الاغتصاب يستخدم كسلاح حرب.
والجمعة الماضية، غادر الجنود إلى منطقة أكسوم القريبة، مما منح السكان المحليين فرصة طال انتظارها للبحث عن أي رفات، بحسب 9 أشخاص قالت الشبكة الأمريكية إنها قابلتهم وزاروا موقع المجزرة.
وعلى مدى أيام، صور أفراد عائلات الضحايا مدافن الكنيسة، ووثقوا أدلة على أغلفة الرصاص في موقع المذبحة والتقطوا صورا لبقايا الهياكل العظمية التي أرسلوها إلى السي إن إن، ولم تكشف هويّتهم لدواعٍ أمنية.
وقال أحدهم للشبكة الأمريكية إنه حتى أثناء قيام القرويين بجمع رفات أحبائهم، تعرضت المنطقة للهجوم. وتصاعد العنف مرة أخرى في تيجراي مؤخرًا بعد أن شنت القوات التيجرية هجومًا متجددًا الأسبوع الماضي.
وحتى بعد انسحاب الجنود الإثيوبيين، ظل موقع المجزرة تحت الهجوم.
إخفاء الأدلة
وفي الصور التي توثّق المجزرة لكن يصعب نشرها لبشاعتها- بحسب السي إن إن- يتضح أن بقايا رفات الضحايا كانت متحللة للغاية بحيث لا يُمكن تحدد هويّتهم. وقالت العائلات إنها اعتمدت بدلا من ذلك على الملابس وبطاقات الهوية للتعرف على أقاربها.
وقال قرويون للشبكة الأمريكية، إن استمرار تواجد الجنود في المنطقة كان محاولة لإخفاء الأدلة على عمليات القتل.
وجرت مشاركة صور أغلفة الرصاص التي عثر عليها القرويون أثناء تجوالهم في المنطقة بحثًا عن رفات أقاربهم، مع السي إن إن. وقال خبير أسلحة للشبكة الأمريكية إن هذه الأسلحة تستخدم عادة في البنادق الآلية الخفيفة والبنادق الهجومية مثل تلك التي شوهدت في فيديو المجزرة.
استخدمت السي إن إن تقنية تحديد الموقع الجغرافي للتحقق من أن مقطع الفيديو الخاص بأغلفة الرصاص تم تسجيله من نفس موقع المجزرة. كما حصلت على صور التقطت في 21 يونيو تظهر العظام والبقايا المتفحمة والملابس وبطاقات الهوية في موقع الهجوم.