رحيل أنسي ساويرس.. العصامي الذي أعاد بناء إمبراطوريته مرتين
رحل رجل الأعمال والملياردير المصري "أنسي ساويرس"، عن عالمنا اليوم، عن عمر يناهز 91 عامًا، تاركًا إرثًا اقتصاديًا وإحدى كبرى عائلات مجتمع الأعمال في مصر.
"أنسي"، القادم من "مصر العليا" في الصعيد، والذي ولد في محافظة سوهاج عام 1930، أحلامه تخطت المسافات للقاهرة، وتخطت حدود مصر مع الدول العربية، حتى أصبحت شركاته عالمية.
يحكي "أنسي"، في فيلم تسجيلي خلال تكريمه باحتفالية للمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، كيف تغيرت حياته عندما بدأ العمل في المقاولات، وكيف أعاد بناء أعماله مرة أخرى "من الصفر" بعد تأميم شركته بعد ثورة الخمسينيات.
القادم من الصعيد
بدأ "أنسي" رحلة تعليمه في سوهاج، حتى حصل على الشهادة الثانوية، ثم التحق بكلية الزراعة في القاهرة؛ تلبية لرغبة والده.
يحكي "أنسي": "كان والدي محاميًا، وكان تمكن من شراء 50 فدانًا من مدخراته، وكان أشقائي الاثنان محاميين أيضًا، ورغب والدي أن أتعلم الزراعة؛ لأباشر الأرض، لكن بعد عامين تيقنت أن هذا لا يناسبني".
ويضيف: "تأكدت أن الأرض للي بيزرعها وليس للأفندي.. الصعايدة مرتبطون بالأرض، وإحساسي كان الأحق بالأرض هو الفلاح وليس المهندس الزراعي.. الأرض لمن يزرعها، والفلاحون كان لديهم خبرة أكثر مني، وأفضل مما تعلمته في الجامعة.. وبدأت أبحث عن نشاط آخر غير الزراعة".
تخرج "أنسي"، في كلية الزراعة عام 1950، وبعد عامين فقط، كان بدأ نشاطه في مجال المقاولات، وحصل على أول سجل تجاري عام 1952، وكانت أولى خبراته في هذا القطاع، من خلال التعامل مع مقاولي الباطن، والعمال في عمارة كان يؤسسها والده حينها.
أسس "أنسي"، شركته وكانت نقطة التحول في حياته عندما فاز بمشروع آبار ارتوازية في 18 منطقة، ومنذ ذلك "عشقت المقاولات لأن بها نموًا، وبها فرص نشاط وربح كويس، ثم بدأت نوسع نشاطنا من الصعيد للقاهرة".
التأميم والتحول
ابتسمت الحياة لرجل الأعمال الصاعد حينها، القادم نحو التوسع والنمو، لكن عام 1961 قلب الموازين كلها، بعدما صدر قرار بتأميم شركته.
أصبحت شركة "أنسي ولمعي" بعد التأميم شركة النصر للأعمال المدنية، وسافر مؤسسها إلى ليبيا؛ للعمل تاركًا خلفه زوجته يسرية لوزا، وأبناءه الثلاثة: "نجيب، سميح، ناصف".
تزوج "أنسي"، في أغسطس 1953، وتصفه زوجته بأنه "لم يتغير، ولم يكن يحب المظاهر، وطبعه لم يتغير من وقت معرفته، وهو بسن 23 عامًا".
"تغربت في ليبيا، وتركت أبنائي هنا؛ لأن ليبيا كان بها فرص عمل جيدة وخبرة كبيرة؛ لأن كلها تجار.. لكن ليس هناك مدارس أجنبي لاستكمال الدراسة، وعدت بعد 12 سنة، أيام الانفتاح خلال عهد السادات"، بحسب ما يروي "أنسي".
يقول "أنسي" عن فترة عمله في ليبيا: "تعلمت كثيرًا في ليبيا.. هذه الفترة كانت مدرسة.. تعلمت كيف أفاصل في سعر الأشياء، وأشتري بأقل سعر، وأصبحت هذه في النهاية هواية وليس عملًا".
كانت بداية الانفتاح، عهدًا جديدًا للاقتصاد، وللشركات، فبدأ "أنسي"، يدرس مستقبل الشركات المساهمة، وكيف يمكنه زيادة نشاطه وتوسيع أعماله.
في عام 1975، أسس شركة "أوراسكوم للمقاولات العامة والتجارة"، التي أصبحت فيما بعد تسمى "أوراسكوم للصناعات الإنشائية"، وكانت نقطة انطلاق نحو "مجد العائلة".
استكمل أبناء "أنسي"، الثلاثة، تعليمهم في الخارج، ثم شق كل منهم طريقه في مجال استثماري، حتى أصبح نجيب، وأنسي وناصف، ضمن قائمة مليارديرات الوطن العربي، وأبرز رجال الأعمال بمنطقة الشرق الأوسط.