الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

جرّدوه من ملابسه.. كيف توفي نزار بنات بعد اعتقاله من الأمن الفلسطيني؟

الرئيس نيوز

كشفت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية تفاصيل واقعة وفاة الناشط والحقوقي الفلسطيني، نزار بنات، التي أثارت جدلًا واسعًا وانتقادات حادة للسلطة لاسيّما وأنها وقعت بعد ساعات من اعتقاله، الأمر الذي عدّه البعض "اغتيالًا".

وقالت الأسوشيتد برس إن الناشط نزار، الذي كان ينوي خوض الانتخابات البرلمانية قبل إلغائها في وقت سابق من هذا العام، كان من أشد منتقدي السلطة الفلسطينية، وسبق ودعا الدول الغربية إلى قطع المساعدات عنها بسبب "انتهاكاتها لحقوق الإنسان"- على حدّ زعمه.

وفي بيان مُقتضب، قالت محافظة الخليل، إن "صحته (نزار بنات) تدهورت" عندما اعتقلته القوات الفلسطينية فجر الخميس. وذكرت أنه نُقل إلى مستشفى حيث فاضت روحه وأُعلنت وفاته لاحقًا.

وقال ابن عمه، عمار بنات، لإذاعة محلية، إن نحو 25 من قوات الأمن الفلسطيني داهموا المنزل الذي كان يقيم فيه نزار وفجّروا الأبواب والنوافذ.

وتابع مُستشهدًا برواية اثنين من أبناء عمومته كانا حاضرين لحظة الاعتقال: "ضربوا نزار بقضيب حديدي ورشوا رذاذ الفلفل في عينيه قبل تجريده من ملابسه وسحبه إلى سيارة".

في أوائل مايو الماضي، أطلق مسلحون الرصاص وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على منزل نزار بالقرب من مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، حيث كانت زوجته بالداخل مع أطفالهما.

وألقى نزار-حينها- باللوم في الهجوم على حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس محمود عباس وتهيمن على قوات الأمن، قائلا إنها فقط من يمكنها الحصول على الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.

وقال في مقابلة مع "أسوشيتد برس" في مايو: "يحتاج الأوروبيون إلى معرفة أنهم يمولون هذه المنظمة بشكل غير مباشر".
وأضاف: "إنهم يطلقون نيران بنادقهم في الهواء في احتفالات "فتح"، ويطلقونها في الهواء عندما يقاتل قادة "فتح" بعضهم البعض، ويطلقونها على من يعارضون فتح".

كما اتهم أنصار "فتح" البارزين بشن حملة تحريضية ضده عبر مواقع التواصل الاجتماعي اتهموه فيها بالتعاون مع إسرائيل، وهو ادعاء خطير في الأراضي الفلسطينية يصل إلى حد الخيانة، نافيا صحة الاتهام، بحسب الوكالة الأمريكية.

ومؤخرًا انتقد القيادة الفلسطينية لاتفاقها مع إسرائيل على تسلم مليون جرعة من لقاح مضاد لكورونا "قبل انتهاء صلاحيتها"، مقابل حصول تل أبيب على شحنة قادمة من اللقاحات المخصصة للسلطة. وألغت السلطة الفلسطينية الاتفاق لاحقًا بعد موجة انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت إسرائيل إن الجرعات التي أرسلتها "آمنة وفعالة".

استنكار فلسطيني

وأثارت وفاة نزار ردود استنكارًا واسعًا في الداخل الفلسطيني.
حمّلت حركة "حماس"، عباس، المسؤولية الكاملة عن كل مضاعفات ونتائج الوفاة.
ورأى القيادي في "حماس"، سامي أبوزهري، أن جريمة اغتيال بنات "تعكس السياسة الدموية للسلطة في تصفية الحسابات"، داعيًا إلى محاكمة القتلة.

وكذلك اتهم محمد دحلان، القيادي السابق في حركة "فتح"، الرئيس الفلسطيني والأجهزة الأمنية الفلسطينية بقتل نزار. وكتب على فيسبوك: "ليس هناك كلام يمكن أن يصف جريمة قتل الناشط الوطني البارز، الشهيد نزار بنات من قبل محمود عباس وقادة أجهزته الأمنية".

كما عبّرت الفصائل الفلسطينية عن رفضها لسياسة الاعتقال السياسي أو استخدام العنف أو التعذيب ضد المواطنين على خلفية حرية الرأي والتعبير. فكتب القيادي في تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة "فتح"، غسان جاد الله أن "جريمة قتل نزار بنات الناشط السياسي والمرشح لعضوية المجلس التشريعي تستوجب ردًا وطنيًا وجماهيريًا وفصائليًا بحجم كل هذه الكراهية والحقد الذي تكنه سلطة المقاطعة لمعارضيها".

وحمّلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السلطة مسؤولية "اغتيال" الناشط والمعارض نزار بنات. وقالت "ليس مقبولاً أن تواصل السلطة اعتقال النشطاء.
ودعت القوى الوطنية والاسلامية في غزة إلى المشاركة في وقفة احتجاجية، اليوم، استنكارا لما سمته "جريمة اغتيال المناضل نزار بنات" بساحة الجندي المجهول في غزة.

وأمر رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، بتشكيل لجنة تحقيق فورية ومحايدة، برئاسة وزير العدل محمد الشلالدة، ورئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، وطبيب ممثل عن عائلة بنات، للتحقيق في وفاة نزار.

وقال في بيان عبر "فيسبوك"، إن اللجنة ستبدأ أعمالها فورا للبحث والتقصي والوقوف على أسباب وفاة بنات، وستعتمد على نتائج التشريح وتستمع إلى شهادات عائلته وشهود العيان والمسؤولين.
وأضاف أنه "سيتم مد اللجنة بكل المعطيات والتفاصيل التي تمكنها من التقدم بعملها، من أجل تسريع كشف الحقيقة وتقديمها كاملة وبكل مصداقية للرأي العام".

تنديد أوروبي وأممي

بدوره، ندد وفد الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين بالحادث. وكتب عبر تويتر أنه "مصدوم وحزن" لوفاة بنات، وقدّم تعازيه لعائلته، داعيًا إلى إجراء "تحقيق كامل ومستقل وشفاف".
وعبّر مكتب الممثلية الكندية لدى السلطة الفلسطينية، هو الآخر، على صفحته عبر فيسبوك عن الصدمة والحزن العميق، مطالبا في ذات الوقت احترام حرية التعبير وتوفير ما سماه "المساحة الآمنة للشخصيات السياسية التي يتوجب حمايتها".

كما دعا مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، تور وينيسلاند، إلى التحقيق في الحادث، مُشددًا على ضرورة "تقديم الجناة إلى العدالة".
واعتقال النشطاء المعارضين من قِبل قوات الأمن الفلسطينية ليس جديدًا. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، اعتُقِل ناشط بارز واحتُجز طوال الليل بعد أن أطلق موجة من الانتقادات للسلطة الفلسطينية على "فيسبوك".

والناشط الفلسطيني المُعتقل يُدعى عيسى عمرو، ويُعرف بأنه "منتقد صريح" لكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وجرى اعتقاله من قبل الطرفين في الماضي، وفق "أسوشيتد برس".
وأظهر استطلاع للرأي مؤخرا تراجع التأييد الشعبي للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي ألغى أول انتخابات منذ 15 عامًا في أبريل، وسط مخاوف من هزيمة "فتح" المنقسمة أمام "حماس" التي تحكم غزة.