مخاوف من رعونة دولية تعرقل مخرجات "برلين2" وتكرس الاحتلال التركي لليبيا
على الرغم من توافق المشاركين في مؤتمر "برلين2" على مخرجاته التي تمثلت في دعوة المجلس الرئاسي الليبي والبرلمان والحكومة إلى التحضير لإجراء انتخابات حرة وفي موعدها نهاية العام الحالي 24 ديسمبر، فضلًا عن العمل على إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، إلا أن مراقبين يرون أن تلك المخروجات ما لم تصل إلى حد فرض عقوبات على الجهة المعطلة لها ستظل تلك الدعوات حبر على ورق.
وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش أعلنت في برلين أن "المرتزقة" الأجانب الموجودين في البلاد قد يغادرونها قريباً بعد إحراز "تقدم" في محادثات السلام، وقالت خلال مؤتمر صحافي في ختام "برلين 2"، "لقد أحرزنا تقدماً في ما يتعلق بالمرتزقة ونأمل أنه في الأيام المقبلة، سينسحبون من الجانبين وأعتقد أن هذا سيكون مشجعاً وسيعزز الثقة من الطرفين".
ويقتصر الوجود الأجنبي في ليبيا على التدخلات التركية والروسية، فبينما لا تزال روسيا تداهن في ردودها على اتهامات غربية لها، بتقديم الدعم العسكري لقائد "الجيش الوطني الليبي" في الشرق المشير خليفة حفتر، واصلت أنقرة رفضها إخراج عناصرها من البلاد، وهو ما عبّر عنه مستشار حزب العدالة والتنمية الحاكم ياسين أقطاي، الاثنين الماضي، أي قبل يومين من انطلاق مؤتمر برلين، إذ قال إنه "يستحيل أن تسحب تركيا وجودها العسكري في ليبيا".
واعتبر أقطاي في مقال له نشرته صحيفة تركية أن بلاده هي "الدولة الوحيدة التي يرتكز وجودها في ليبيا على الشرعية الدولية، وليست دولة محتلة، بل هي هناك بطلب ودعوة من الحكومة الشرعية".
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دعا في وقت سابق خلال مؤتمر صحافي مشترك في برلين مع نظيره الألماني هايكو ماس قبل بدء الاجتماع، "يجب تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 23 أكتوبر بشكل كامل، بما في ذلك انسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا"، إلا أن مراقبين يؤكدون أن الاحتلال التركي لليبيا جاء بإيعاز من أمركيا لوقف المد الروسي هناك.
موقف واحد
كانت الكتلة العربية في مؤتمر برلين شددت على ضرورة وقف التدخلات الأجنبية في ليبيا، فقد شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على أهمية الاتفاق على وقف التدخلات الأجنبية في ليبيا وانسحاب كل القوات الأجنبية، كخطوة أولى نحو الاستقرار. وجاء هذا الموقف متّسقاً تقريباً مع ثوابت موقف القاهرة من الأزمة الليبية، كما وصفها وزير الخارجية سامح شكري، خلال كلمته بالمؤتمر، إذ قال إن "ثوابت الموقف المصري تؤكد ضرورة حماية سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية، ودعم تطلعات الشعب الليبي الشقيق في انتخاب سلطات دائمة للبلاد".
الموقفَان الأوروبي والأميركي ورؤيتهما للحل في ليبيا بعيدين من الموقف العربي، إذ طالبا بضرورة خروج القوات الأجنبية منها فوراً.
ودعا الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى "انسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا، كسبيل وحيد لضمان استمرار وقف إطلاق النار".
وأشار بوريل لدى وصوله إلى مقر انعقاد مؤتمر "برلين 2" إلى "أهمية الاستحقاقات التي تواجه الليبيين حالياً، وهي الانتخابات في نهاية العام وضمان استمرار وقف إطلاق النار"، مجدداً "التزام الاتحاد الأوروبي المساعدة على بناء دولة ليبية فاعلة". وقال إن "بناء هذه الدولة الفاعلة سيساعدنا على مواجهة مشكلة الهجرة، وهذا أمر مهم بالنسبة إلينا كأوروبيين".
واعتبر بوريل أن "الانتخابات ستؤمّن الشرعية للحكومة والسلطات في هذا البلد. وخروج القوات الأجنبية سيؤمّن التهدئة"، مؤكداً أن "الاتحاد الأوروبي مستعد للمساعدة في مرحلة أبعد من ذلك".
مبادرة الدبيبة
من جهته، طرح الدبيبة خلال كلمته في المؤتمر، مبادرة جديدة للعمل على استقرار ليبيا من خلال التركيز على أربعة مسارات.
أكد أن المرتكز الأول للمبادرة هو الأمن ويندرج تحته وضع خطة لتأمين الانتخابات المقبلة، وملف توحيد المؤسستين الأمنية والعسكرية، وأيضاً التعامل مع المرتزقة والقوات الأجنبية والإرهابيين". وأضاف أن النقطة الثانية تتعلق بالعملية القانونية للانتخابات، مشيراً إلى أن "لا دخل للحكومة في هذا الأمر، لكنها تحضّ الفرقاء على تجاوز الخلافات والانتهاء من وضع القاعدة الدستورية التي ستجري بمقتضاها الانتخابات". وزاد أن "النقطة الثالثة تختص بملف المصالحة الوطنية، الذي يعمل عليه حالياً المجلس الرئاسي"، مؤكداً على "ضرورة عودة النازحين والمهجرين وجبر ضررهم والسماح لهم بالمشاركة السياسية".
أما النقطة الرابعة والأخيرة في مبادرة الدبيبة، فتعمل على "تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتنمية الخدمات المقدمة للشعب الليبي". وأوضح أن "حكومة الوحدة تركز على المشاريع التنموية العاجلة، والتوزيع العادل للموارد على كل المناطق".
وحددت مصر خطًا أحمرًا في ليبيا، وحذرت القوات المتقاتلة من تجاوز خط (سيرت - الجفرة)، وهو الأمر الذي استجابت له الأطراف كافة، وجعلتهم ينخرطون في اتفاق أدى إلى وقف إطلاق النار، وأخر يخص التسوية السياسية، لكن يبدو أن تركيا لا تريد الخروج السهل من ليبيا، وتماطل في ذلك.