الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

رغم مساعي مصر لتهيئة الأجواء... ألغام تركية تهدد مخرجات مؤتمر "برلين2"

الرئيس نيوز

تنطلق اليوم الأربعاء، في العاصمة الألمانية، فعاليات مؤتمر "برلين 2"، لمناقشة ملفات مهمة تتعلق بالأزمة الليبية التي عاد التوتر ليخيم على ملفاتها من جديد بعد فترة هدوء نسبي. وعلى الرغم من أهمية الملفات التي من المقرر مناقشتها في الاجتماع؛ إذ من المفترض مناقشة وضع توقيتات زمنية محددة لإخراج القوات الأجنبية من ليبيا، (تركيا وقوات فاجنر الروسية) فضلًا عن إجلاء عناصر المرتزقة الأجانب الذين أحضرتهم أنقرة لخدمة حكومة السراج التي انتهت ولايتها منذ نحو ثلاثة أشهر، إلا أن عراقيل عدة قد تجعل من فرص الوصول إلى حلول لتلك الملفات صعبة إن لم تكن منعدمة.
تتلخص العراقيل التي تواجه مؤتمر "برلين 2" في أن العلاقة بين طرفي الأزمة الليبية، حكومة عبدالحميد الدبيبة، وقائد الجيش خليفة حفتر، متوترة إلى درجة كبيرة، فضلًا عن غياب النية لدى الحكومة التي يترأسها عبدالحميد الدبيبة في وضع توقيتات محددة لإخراج المرتزقة، والقوات الأجنبية، بل على العكس من ذلك تتحدث الحكومة عن شرعية وجود المحتل التركي؛ على اعتبار أن وجوده جاء وفق اتفاق عسكري بين حكومة السراج وأنقرة.
وحاولت مصر تهيئة الأجواء بين أطراف الأزمة الليبية، عبر إرسال القاهرة مدير مخابراتها، الوزير عباس كامل إلى ليبيا، لمقابلة أطراف أزمة منفردين، لكن يبدو أن تركيا استبقت مؤتمر برلين بزيارة لوزير دفاعها خلوصي أكار، أكد خلالها شرعية التواجد التركي، والتأكيد على عدم وجود أي نوايا لترك تلك المنطقة الاستراتيجية.
 
شواهد على التوتر
أمر آخر يمثل تحديًا كبيرًا أمام مؤتمر "برلين2" وهو أن رُعاة المؤتمر سيتفقون على إصدار مخرجاته بقانون من مجلس الأمن الدولي؛ ما يعطه صفة الإلزامية. لكن التخوف من قرارات حق النقض الفيتو التي ربما تستعملها بعض الدول غير الراغبة في إصدار توقيتات لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، بينها روسيا.
وستشارك عدة دول غربية في أعمال مؤتمر "برلين 2"، الذي تستضيفه ألمانيا برعاية الأمم المتحدة، وبحضور ممثلين عن حكومات روسيا والجزائر والصين، وجمهورية الكونغو الديمقراطية التي تترأس لجنة الاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا، ومصر، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وليبيا، والمغرب، وهولندا، وسويسرا، وتونس، وتركيا، والإمارات، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، بالإضافة أيضا إلى حضور الوفود الليبية المتمثلة في رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، ووزيرة الخارجية الليبية في حكومة الوحدة نجلاء المنقوش، وكذلك رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي كأطراف تمثل الجانب الليبي.
وبحسب ما هو معلن حتى الآن، يبدو أن ألمانيا والأمم المتحدة، لم توجها دعوة إلى كلًا من رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، وكذلك لم توجها الدعوة إلى قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، وأيضًا رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشيري.

توتر واضح
وخلال الأسابيع الأخيرة، توترت العلاقة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأعضاء المجلس الرئاسي المدني، من جهة، والجيش الليبي في الغرب، من جهة أخرى، وانعكس ذلك التوتر في تغيب الدبيبة والمنفي عن عرض عسكري نظمه الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، في حين حضر الدبيبة وعضو المجلس الرئاسي عبد الله حسين اللافي حفلا آخر لتخريج الدفعة 51 بكلية الدفاع الجوي في مدينة مصراتة، بحضور قوات شاركت في عملية "بركان الغضب" وواجهت الجيش الوطني الليبي.
سجالات كثيرة وقعت أيضًا حول فتح الطريق الساحلي التي أعلن رئيس الحكومة فتحها، لكن ما لبثت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) أن أعلنت تأجيل فتح الطريق بداعي استكمال الصلاحات.
أمر آخر يعكس التوتر، أن الدبيبة منذ تولى مسؤولية الحكومة ولم يزر حتى الآن مدينة بني غازي مقر قيادة الجيش الوطني، كما لم يلتزم بالتعهد بأن تكون حكومته في مدينة سرت. وخلال وقت سابق أرجأ الدبيبة زيارته إلى بني غازي، بعدما اعترض الجيش على كبر الوفد الأمني الذي استبق زيارة الدبيبة، إلى بني غازي، واعتبر الجيش وقتها أن كبر الوفد الأمني ربما يفهم بأن الأوضاع الأمنية مضطربة في المدينة التي يسيطر عليها الجيش، وطالبت القيادة العامة من الحكومة وقتها بتقليل عدد الوفد الأمني، وتولي الجيش مسؤولية تأمين الزيارة.
ويبدو أن الجولة التي اصطحب فيها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الوزير عباس كامل، في أسواق طرابلس، كانت رسالة إلى الجميع بأن طرابلس آمنة ولا انفلاتات أمنية فيها، بسبب الميليشيات كما يقول الجيش في الغرب الليبي أنها هي من تتحكم في مجريات الأمور في العاصمة، وتتسبب في موجات من الاضطراب.   

مساعي مصرية     
وتحاول مصر رأب الصدع بين الدبيبة وحفتر، وقد زار مدير جهاز المخابرات، الوزير عباس كامل، طرابلس، والتقي الدبيبة والمنفي، كما زار الغرب الليبي، حيث قائد الجيش خليفة حفتر، واعتبر مراقبون أن الزيارة محاولة للتهدئة ومنع تفاقم المشاكل فيما بينهما.
وعكست تصريحات قائد "الجيش الوطني الليبي" خليفة حفتر، أمام ملتقى الضباط في بنغازي خلال الأيام الماضية، محاولات سحب البساط من تحت أقدام الجيش، إذ شدد على عدم المس بالجيش أو التلاعب به، وقال: "معركة الشرف والكرامة لن تنته حتى نصل إلى إرجاع هيبة الدولة، وتأمين حدودها، وقواعدها العسكرية ومياهها الإقليمية، عليكم دائماً الاستعداد واليقظة التامة لأداء مهامكم بكل قوة وفي الموعد"، مشيراً إلى أن "الجيش لا يزال قوياً وقد ازداد قوة واستعداداً".
تابع حفتر: "رأى أن معارك الكرامة في بنغازي ودرنة والحقول والموانئ النفطية إلى أقصى الغرب الليبي طيلة سبع سنوات، صفحات مشرفة بدماء طاهرة زكية نادرة قل نظيرها في التاريخ". وفي انتقاد مباشر إلى السلطة الجديدة، عبّر حفتر عن الأسف لـ"انتشار المجموعات المسلحة والميليشيات من دون رادع من الحكومات المتعاقبة من سنة 2011 حتى اليوم".
وأعرب عن أمله في أن تعمل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة وبكل قوة لإخراج المرتزقة، ووضع الترتيبات الأمنية ودعم القوات المسلحة العربية الليبية، والأجهزة الشرطية لتولي مهامها في دعم الأمن والاستقرار، وفرض القانون ضد المجرمين أينما وجدوا، ليعم الأمن والسلام ربوع ليبيا، وشدد على أن القوات المسلحة هي صمام الأمان للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. والدول تبني بالقوات المسلحة النظامية".

تسمية الحداد
ويبدو أن قيادة الجيش الليبي في الغرب، ترفض بشكل مكتوم تسمية محمد الحداد، رئيسًا لأركان القوات المسلحة الليبية، وبحيب القانوني الليبي، محمد الزبيدي، الذي قال في تصريحات لـ"الرئيس نيوز" إن محمد الحداد هو رجل تركيا في ليبيا.  
كما أن الدبيبة أثنى في كلمته أمام اجتماع مجلس النواب لمنحه الثقة (الشهر الماضي)، على قوات البنيان المرصوص (التابعة لحكومة الوفاق)، وكيف قاومت تنظيم داعش (الإرهابي)، فيما لم يذكر الرجل دور الجيش الوطني الذي انتصر على "داعش" في بنغازي ودمر المعقل الرئيس للتنظيم في مدينة درنة (شرق ليبيا).
أهم البنود
ويبدو أن مؤتمر "برلين 2" سيؤكد على خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والحرص على إجراء انتخابات، في 24 ديسمبر المقبل، وفرض عقوبات على رافضي الانتخابات والمعرقلين.
كما أن ألمانيا تحاول انتزاع اتفاق وآليات لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من الدول التي لديها قوات في ليبيا، ووضع جدول زمني ملزم لإخراج هذه القوات.