على غرار الصين.. صحف عالمية: الاقتصاد المصري بإمكانه تحقيق طفرة
نقلت صحيفة The National عن محللين قولهم إن الاقتصاد المصري قد يشهد انتعاشًا شبيها بما حدث في الصين. ويتوقع الاقتصاديون أن تستمر الدولة في مسار نموها إذا ما مضت قدمًا في الإصلاحات وتصدت لمخاطر التراجع.
ولفتت الصحيفة إلى عرض المومياوات الملكية أثناء نقلها إلى مقر المتحف القومي للحضارة المصرية في أبريل في محاولة لتعزيز السياحة والاقتصاد. وكانت مصر الاقتصاد الوحيد في الشرق الأوسط الذي نما العام الماضي وسط تفشي جائحة كوفيد-19 وتناقلت وسائل الإعلام العالمية إشادة المؤسسات النقدية والمالية بحكومتها لإجراءاتها السياسية السريعة للتخفيف من آثار الوباء.
وعلى الرغم من أن استثماراتها في البنية التحتية وخلق فرص العمل توفر نقطة انطلاق جيدة لتحقيق انتعاش قوي، إلا أن هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به في تنفيذ الإصلاحات لضمان قدرة الاقتصاد، الذي يعتمد على ملايين السياح والتحويلات المالية، على رسم طريقه إلى الأمام، وفقًا للمحللين.
وقال محمد أبو باشا، العضو المنتدب ورئيس قسم تحليل وبحوث الاقتصاد الكلي في المجموعة المالية هيرميس، "نعم، مصر ليس لديها قيود، ولا عمليات إغلاق بحد ذاتها وهذا هو السبب في أنها واحدة من الاقتصادات القليلة التي استمرت في النمو طوال الوباء لكن كوفيد لا يزال معطلاً".
وتضررت السياحة، التي تمثل 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، بشدة من الوباء مع انخفاض عدد الزوار بأكثر من 72 في المائة في عام 2020 إلى 3.6 مليون عن العام السابق. وبصرف النظر عن السياحة، فالجائحة تؤثر على الاستهلاك، وتؤثر على التنقل، وتؤثر على الطلب لذا فإن الأمر يستغرق وقتًا أطول قليلاً مما كان متصورًا في البداية للتعافي.
وتوسع أكبر اقتصاد في شمال إفريقيا وثالث أكبر اقتصاد في العالم العربي بنسبة 3.6 في المائة في السنة المالية الماضية التي تنتهي في 30 يونيو، وفقًا لصندوق النقد الدولي. وسيتباطأ النمو في أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط من حيث عدد السكان إلى 2.5 في المائة في السنة المالية الحالية، أي أعلى بقليل من توقعات البنك الدولي البالغة 2.3 في المائة.
وقال البنك الدولي في تقريره عن الآفاق الاقتصادية العالمية هذا الشهر إن انخفاض الإنتاج "يعكس الأضرار التي لحقت بالسياحة والتصنيع واستخراج النفط والغاز من الوباء والأثر المستمر لانخفاض الطلب المحلي، لا سيما من تراجع الاستثمارات الثابتة".
بالنظر إلى المستقبل، من الأهمية بمكان الآن أن تنفذ الدولة مجموعة ثانية من الإصلاحات التي بدأت في عام 2016 والتركيز على التعافي في أهم قطاعاتها، مع إدارة المخاطر السلبية أيضًا، بما في ذلك طرح لقاح كورونا الذي يسير ببطء والتأثيرات الممتدة للموجة الثالثة لجائحة كوفيد التي بلغت ذروتها في مايو 2021. وتواجه مصر نفس التحدي الذي تواجهه جميع الأسواق الناشئة تقريبًا، وهو نقص الإمدادات والاختناقات في جانب توزيع اللقاحات.
وقد تلقت البلاد حوالي 5 ملايين جرعة لقاح حتى الآن. في غضون ذلك، بدأ الإنتاج المحلي للقاح سينوفاك هذا الأسبوع، وحددت وزارة الصحة هدفًا بتلقيح نصف السكان البالغ عددهم 100 مليون بحلول نهاية العام.
بصرف النظر عن تسريع برنامج التطعيم، اتخذت الحكومة مزيدًا من الخطوات السياسية لمعالجة آثار الوباء. على سبيل المثال، واصل القطاع المصرفي مبادرات الإقراض المدعوم وسيزيد الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع العام بنسبة 20 في المائة اعتبارًا من يوليو.
وكان الاقتصاد المصري ثالث أكبر اقتصاد في العالم العربي أحد الاقتصادات القليلة التي نجت من الانكماش الناجم عن فيروس كورونا في عام 2020، لكن من المتوقع أن يتراجع النمو هذا العام. ومن المقرر أن يوافق صندوق النقد الدولي على 1.6 مليار دولار إضافية لمصر بعد مراجعة الإصلاحات. وهذه الأموال جزء من ترتيب تمويل احتياطي بقيمة 5.2 مليار دولار لمدة 12 شهرًا تمت الموافقة عليه قبل عام لمساعدة البلاد على مواجهة التحديات التي يفرضها الوباء، فضلاً عن تلبية عجز الميزانية ونقص ميزان المدفوعات.
وتأتي المساعدة في أعقاب ترتيب تسهيلات تمويلية ممتدة مدتها ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار للبلد وافق عليها صندوق النقد الدولي في عام 2016 لدعم برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي.
وقال سعيد بخاش، كبير ممثلي صندوق النقد الدولي في مصر: "في بوادر الأزمة، سارعت السلطات المصرية إلى الاستجابة، سواء من حيث وضع السياسات المناسبة، ولكن أيضًا في السعي للحصول على التمويل في الوقت المناسب".
ووفقًا للصندوق، تمكنت مصر من الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والوفاء بالمعايير اللازمة لبرنامج الإصلاح الهيكلي. وشملت هذه الأهداف اتخاذ خطوات لإصلاح الشفافية المالية والحوكمة، وتعزيز الحماية الاجتماعية وتحسين بيئة الأعمال. واضاف بخاش: "نحن سعداء للغاية برؤية هذا النوع من الأداء على الرغم من البيئة الصعبة".
لكن في الوقت الذي تتطلع فيه البلاد إلى دفع النمو، فإنها تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز الصادرات، وإزالة الحواجز التجارية، وبناء اقتصاد أكثر اخضرارًا، والسماح بمشاركة أوسع للقطاع الخاص، حسبما قال صندوق النقد الدولي. وقال بخاش: "نود أن نرى توسعًا وتعميقًا للإصلاحات الهيكلية اللازمة لمصر للعودة إلى مسار النمو الأعلى".
بدأت الحكومة المصرية المرحلة الثانية من ثلاث مراحل من برنامجها القومي للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في أبريل. بينما ركزت المرحلة الأولى على السياسات النقدية والمالية، ستركز المرحلة الثانية على تحسين مناخ الأعمال وتعزيز الحماية الاجتماعية وتنمية رأس المال البشري.
قالت هبة حندوسة، الخبيرة الاقتصادية والعضو المنتدب لشبكة مصر للتنمية المتكاملة، وهي مشروع مدته 10 سنوات في إطار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الحكومة استثمرت بكثافة في البنية التحتية في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى خلق فرص عمل ومحاربة الفقر.
وأضافت حندوسة: "كان بإمكاننا أن نحقق أداءً أفضل بكثير مع مستثمري القطاع الخاص من الخارج، لكن العالم بأسره يواجه مشكلة في الاستثمار الأجنبي المباشر".
وتستهدف مصر 8 ملايين سائحًا وتزيد عائدات السياحة عن 8 مليارات دولار هذا العام، بحسب وزير السياحة والآثار خالد العناني. من المتوقع أن يتعافى قطاع السياحة بالكامل بحلول عام 2023، وفقًا لشركة S&P Global. وبمجرد انتهاء كوفيد فإن معدل النمو سيصبح مرتفعًا بشكل لافت.