البالونات الحارقة والغارات الإسرائيلية تعرض التهدئة الفلسطينية للخطر
بعد مرور 3 أيام فقط على تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة في إسرائيل والتي أطاحت برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد أن قضى في منصبه 12 عامًا متواصلة، وجهت إسرائيل غارات جوية ضد أهداف في قطاع غزة في أعقاب مزاعم إسرائيلية حول إطلاق بالونات حارقة في أول تطور منذ وقف إطلاق النار الذي أنهى 11 يومًا من القتال الشهر الماضي وفقًا لموقع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكي NPR.
وقال ممثل عن حماس لرويترز إن الحركة ستواصل "المقاومة الباسلة والدفاع عن حقوقهم والأماكن المقدسة في القدس". وأطلقت بالونات النار أثناء تظاهر أكثر من ألف إسرائيلي بالأعلام الإسرائيلية وكان بعضهم يهتفون "الموت للعرب" في البلدة القديمة في القدس أمس الثلاثاء.
قبل مظاهرات الثلاثاء، عززت إسرائيل نشرها لبطاريات القبة الحديدية المضادة للصواريخ تحسبا لهجمات صاروخية محتملة. وطالبت الولايات المتحدة والأمم المتحدة بضبط النفس قبل المظاهرات - التي وافقت عليها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت.
وتابعت صحيفة بيزنس تايمز تأكيد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن مقاتلاته استهدفت ما تقول إسرائيل إنها مجمعات مسلحة لحركة حماس في غزة فجر اليوم الأربعاء ردًا على إطلاق بالونات حارقة من المنطقة التي تسببت في اندلاع حرائق في جنوب إسرائيل.
وذكر مسؤولون إن الضربات الجوية هي أول تصعيد كبير بين إسرائيل وغزة منذ أن أنهت الهدنة 11 يومًا من الصراع عبر الحدود في مايو 2021، الذي أسفر عن ضحايا من المدنيين: 260 شخصًا في غزة و13 في إسرائيل. وذكر مسؤولو الإطفاء الإسرائيليون أن البالونات الحارقة أطلقت من غزة وأشعلت 20 حريقا في مناطق مكشوفة في بلدات قرب حدود غزة.
وزعم الجيش الإسرائيلي إن الغارات الجوية استهدفت مباني تستخدمها حماس في الاجتماعات. وألقت باللوم على حماس على أعمال العنف التي نشأت في غزة. وقالت وكالة أسوشيتيد برس إنه لم ترد تقارير عن وقوع إصابات ولم تسجل وفيات.
ونقلت رويترز عن الجيش الإسرائيلي قوله في بيان "نحن جاهزون لكل السيناريوهات بما في ذلك تجدد القتال في مواجهة الأعمال الإرهابية المستمرة المنبعثة من غزة"، ما يضع وقف إطلاق النار في خطر.
الصحافة الإسرائيلية تبحث عن مصدر الهيليوم
سلط تصاعد استخدام البالونات الحارقة من غزة الضوء على فشل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية رغم جبروتها وتدقيقها في منع الهيليوم من الوصول إلى غزة. وهاجمت صحيفة عروتس شيفع الأجهزة الأمنية بسبب هذا الفشل، وبسبب عدم اتخاذ أي خطوات استباقية أو وقف توريد الهيليوم.
واعترفت الصحيفة الإسرائيلية بأن الكثير من المعلقين السياسيين والعسكريين لا يعرفون كيف يتم الحصول على الهيليوم وهو عنصر موجود في الطبيعة يمكن الحصول عليه من طبقات الغاز الطبيعي الغنية بالهيليوم تحت الأرض إذ يمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 7٪ من الهيليوم. ويعد الهيليوم ثاني أكثر العناصر وفرة في الكون ولكنه لا يتجاوز 5.2 جزء في المليون (ppm) في الهواء ، وبالتالي ليس من المجدي اقتصاديًا استخراج الهيليوم من الغلاف الجوي ولا توجد تقنية مناسبة للحصول عليه بهذه الطريقة.
يتم إنتاج نوى الهيليوم (أو جسيمات ألفا) في الاضمحلال الإشعاعي للعناصر الثقيلة مثل اليورانيوم والثوريوم، الموجودة في قشرة الأرض. بينما تجد معظم ذرات الهيليوم طريقها إلى السطح وتهرب، فإن جزءًا صغيرًا منها يظل محاصرًا بنفس طبقات الصخور غير المنفذة التي تحبس الغاز الطبيعي.
تم اكتشاف الهيليوم في عام 1895 على يد السير ويليام رامزي بجامعة كوليدج في لندن، وهو غاز نبيل وجزء من مجموعة مصنفة في الجدول الدوري الكيميائي على أنها غازات خاملة نادرة مع عدم وجود تفاعل كيميائي تقريبًا. والهيليوم غاز أحادي الذرة عديم اللون والرائحة والمذاق وغير سام. وهو ثاني أخف غاز بعد الهيدروجين ونقطة الغليان هي الأدنى بين جميع العناصر ومن ثم يمكن استخدامه للبالونات.
وتتمتع أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي بسعة هيليوم سائل في حدود 1700 لتر أي ما يعادل 1590 كجم، بينما يحتوي البالون بقطر 45 سم على 2.83 جم من الهيليوم الغازي. يعتمد فقدان الهيليوم السائل في ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي على النوع والشركة المصنعة. فأجهزة فيليبس تصدر 1٪ شهريًا، وأجهزة توشيبا تصدر حوالي 4.3٪ شهريًا، وأجهزة سيمنز تتراوح نسبة الهيليوم التي تخسرها بين 3 و6٪ شهريًا. تتراوح كمية السوائل الشهرية من 15.9 إلى 95.4 كجم.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية: "يوجد في غزة ما بين 5 إلى 6 من آلات الرنين المغناطيسي وفقًا لورقة نُشرت في مجلة أبحاث الإشعاع والعلوم التطبيقية 2018، وهناك وحدتان في مستشفى الشفاء و3 في مستشفى غزة الأوروبي، وأضيفت وحدة أخرى هناك في أبريل 2018. وبالتالي، يجب ألا يتجاوز إجمالي الإمداد الشهري من الهيليوم السائل لغزة (في حالة تشغيل وحدات الرنين المغناطيسي) بين 95 إلى 572 كجم، أي ما يعادل ملء ما يزيد عن 33000 إلى 200000 بالون شهريًا!
يتوفر غاز الهليوم المضغوط لنفخ البالونات بالمتاجر العامة على الرفوف في الولايات المتحدة الأمريكية. وتبلغ تكلفة الحاوية القادرة على توفير 1558 لترًا لملء 100 بالون بقطر 28 سم 399 دولارًا، بينما تبلغ تكلفة حاوية 580 بالونًا توفر 8240 لترًا 799 دولارًا. وبالمثل، تبيع أمازون حاوية غاز لملء بالونات بحجم 30 و23 سم مقابل 25 جنيهًا إسترلينيًا، ويمكن للمواقع الإلكترونية في الولايات المتحدة شراء حاوية توفر 250 لترًا مقابل 25 دولارًا. وتبيع مواقع الويب العربية حاويات توفر 7.1 لترًا مقابل 320 درهمًا في كل من أبو ظبي والإمارات العربية المتحدة.
الهيليوم المستورد من الولايات المتحدة الأمريكية على شكل سائل متوفر في إسرائيل لدى شركة Israel Oxygen and Argon Works Ltd، وعرضت إحدى القنوات التلفزيونية الإسرائيلية مقطعًا من غزة مؤخرًا لبالونات مملوءة بالهيليوم من حاوية معلومة المصدر بإحدى دول الشرق الأوسط.