سامي شرف.. خزانة أسرار الزعيم جمال عبدالناصر
يمر الآن السيد سامي شرف، بظروف صحية عصيبة
نتمنى من المولى عز وجل أن يهبه الصحة والشفاء، لكونه رمزًا من الرموز القليلة
المتبقية من إرث ثورة 23 يوليو 1952، وما تلاها من مراحل تاريخية فارقة في تاريخ
مصر الحديث، ما بين الإنجازات والإخفاقات.
(سامي شرف يحلف اليمين الدستورية كوزير للدولة)
ولد سامي شرف، بحي مصر الجديدة لأسرة متوسطة
في 21 أبريل من العام 1929، كان والده محمد عبد العزيز شرف، طبيب، حصل على شهادة
الطب من جامعة أدنبرة في إسكتلندا بالمملكة المتحدة، عمل مفتشًا بوزارة الصحة
المصرية في عدد من محافظات مصر من بينها محافظة بني سويف، مسقط رأسه، وقد نال
اهتمامًا كبيرًا من الرئيس الأول لمصر عقب ثورة يوليو اللواء محمد نجيب، الذي نعاه
رسميًا في العام 1953.
(سامي شرف مع الزعيم جمال عبد الناصر)
تلقى سامي شرف
تعليمه الإبتدائي والثانوي بالقاهرة، ثم التحق بالمدرسة الحربية في العام 1946
وتخرج منها في العام 1949 وتم تعيينه في سلاح المدفعية برتبة الملازم، وبعد قيام
ثورة 23 يوليو بأيام التحق بالمخابرات الحربية.
(السيد سامي شرف)
أصبح سامي شرف
منذ تلك اللحظة، مرتبطًا إرتباطًا وثيقًا بجمال عبد الناصر الذي كلفه بالعديد من
المهام السرية والصعبة، من بينها إتهامه بتهمة قتل ملك مصر الأخير فاروق الأول،
التي أنكرها بشدة.
(سامي شرف مع الكاتب محمد حسنين هيكل)
كان العام
1955، عام التحول للحظات الفارقة في تاريخ مصر وتاريخ سامي شرف أثناء مؤتمر
"باندونج" بإندونيسيا لدول عدم الإنحياز، فقد تم استدعائه من الزعيم
جمال عبد الناصر وكلفه بإنشاء سكرتارية الرئيس للمعلومات وعينه سكرتيرًا للمعلومات
الخاصة بالرئيس.
(جمال عبد الناصر يصافح سامي شرف)
استمر شرف في
هذا العمل وحصل على درجة مدير عام ثم وكيل ثم نائب وزير فوزير، قبل وفاة جمال عبد
الناصر تم تعيينه وزيرًا للدولة ثم وزيرًا لشئون رئاسة الجمهورية وذلك في شهر
أبريل من العام 1970.
جاء يوم 28
سبتمبر من العام 1970، بمفاجأة غير متوقعة، ذلك بوفاة الزعيم جمال عبد الناصر عقب
القمة العربية العاجلة، بالقاهرة لوئد الدماء المنبثقة من الفلسطينيين والأردنيين
في حادث "أيلول الأسود"، ليصبح الجميع في حالة ذهول وترقب ووجوم لمتابعة
المتغيرات الفورية المفاجئة.
تولى الرئاسة
المصرية، السيد أنور السادات الذي لم يتوائم مع سامي شرف وطلب منه إحالته للتقاعد
ثلاثة مرات، لكن الرئيس السادات رفض طلبه، وكان شرف وقتها ضمن التكتل الناصري المُقيد
لحرية التصرف للسادات كرئيس للبلاد.
في ظل الصراع
الدائر بين السادات والتكتل الناصري، تم القبض على التكتل الناصري وكان من بينهم
سامي شرف، يوم 13 مايو من العام 1971 وأصدر خلالها الرئيس السادات بيان "ثورة
التصحيح" في 15 مايو والتي زجت بالفريق محمد فوزي وزير الحربية، السيد علي
صبري أحد نواب ناصر، اللواء شعراوي جمعة وزير الداخلية، والسيد سامي شرف إلى السجن
لمدة عشر سنوات.
ظل شرف بالسجن
حتى يونيو من العام 1980، وتم نقله إلى سجن القصر العيني حتى 15 مايو من العام
1981 حيث أفرج عنه هو وزملاؤه بدون أوامر كما يقول "وجدنا باب السجن مفتوحًا
وقد اختفى الضباط والجنود، فرحنا نتشاور فيما بيننا وأخيرًا قررنا الخروج، ووضعنا
احتمالين، إما أن نتعرض للاغتيال أو نذهب إلى بيوتنا، وكان الاحتمال الثاني هو
الصحيح، فذهبنا إلى بيوتنا".
وصف شرف فترة
تواجده بالسجن هو وزملاؤه بالصعبة والقاسية لما عانوه من تعذيب معنوي شديد، أراد
أن يمحوها عقب خروجه بإكمال تعليمه، مستعينًا بصلابته العسكرية لتحدى الصعاب، فانتسب
بالجامعة الأمريكية للحصول على درجة الماجستير في الإدارة العامة.
تفاجأ شرف بمضايقات من أحد أساتذة الجامعة
الأمريكية من عناصر المخابرات المركزية الأمريكية، يطلب منه الحصول على أسرار خاصة
بالزعيم جمال عبد الناصر، لإلتصاقه به حتى لحظاته الأخيرة، وهو ما لم يستسغه ليترك
الجامعة دون رجعة.
بعد هذا الموقف، قرر سامي شرف تعليم نفسه بنفسه متكئًا على حصيلته الثقافية واللغوية الممتازة التي ساهمت في مواكبته لعصر التكنولوجيا والإنترنت بتطوراتهما السريعة، مضيفًا للأجيال الجديدة بوسائلهم الحديثة ما يضفي بالجديد من جعبته الثرية عن الزعيم الكبير جمال عبد الناصر.