الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

برنارد شو.. الأيرلندي الذي دافع عن فلاحي دنشواي

الكاتب الأيرلندي
الكاتب الأيرلندي الكبير "جورج برنارد شو"

تمر اليوم الذكرى المائة وخمسة عشر عامًا على حادثة دنشواي، التي وقعت في 13 يونيه من العام 1906 بقرية دنشواي التابعة لمحافظة المنوفية، والتي أكدت على ضراوة سموم أنياب الأسد البريطاني الجاثم على صدر مصر منذ العام 1882، عقب فشل الثورة العرابية، وأثبتت زيف الشعارات البريطانية الرنانة التي تدق في أفق العالم باسم الحريات الأربع.


(لحظات الأخيرة وقت إعداد زهران في حادثة دنشواي)

وقعت الحادثة أثناء صيد الجنود الإنجليز للحمام، وصاح فيهم إمام مسجد القرية، الشيخ حسن محفوظ بألا يفعلوا ذلك عند تجمع الحمام بالجرن، حتى لا تحدث حرائق تضر بالعباد والكائنات الحية، ولكن جاءت رصاصة خاطئة أصابت أم صابر، زوجة مؤذن المسجد محمد عبد النبي وتوالت النيران حتى أصابت الجرن، فأمسك محمد عبد النبي بالجنود وصاح قائلاً : "الخواجة قتل المرأة وحرق الجرن. الخواجة قتل المرأة وحرق الجرن".


(محاكمة أهالي دنشواي في العام 1906)

تجمع الأهالي ودارت المعارك بين المصريين والإنجليز، أدت لمقتل ثلاثة من أبناء دنشواي واثنين من الإنجليز، وظلت المعركة طاحنة حتى تم القبض على من شارك في الهجوم ضد المستعمر لزودهم عن بقعتهم الغالية، التي خُلدت في صفحات التاريخ.


(أثناء القبض على أبطال دنشواي)

تم إلقاء القبض على عدد كبير من الأهالي وحكم عليهم بعقوبات مختلفة خلال أربعة أيام من 24 حتى 28 يونيه، وكانت المحكمة مكونة من : بطرس غالي وزير الحقانية بالإنابة رئيسًا وعضوية أحمد فتحي زغلول باشا الأخ الأصغر لـ"سعد زغلول" (الذي كان وقتئذٍ في فرنسا لدراسة القانون وقيل قاطع أخاه بسبب قبوله عضوية المحكمة)، وعضوين إنجليزيين، وكان مدّعي النيابة "إبراهيم الهلباوي". ولم تجر محاكمة لقتلة المغدورين الثلاثة من المصريين.


(لقطات مختلفة من حادثة دنشواي)

تم إعدام الإمام حسن محفوظ وزهران واثنين آخرين، وحكم على اثنين وتسعين قرويًا بالسجن بمدد مختلفة، وهو ما أكد على عجرفة "اللورد كرومر" المندوب السامي البريطاني، لتتكاتف الأقلام الشريفة شرقًا وغربًا بالزود عن أبطال بسطاء ضحوا من أجل بقاء الديار.


(الكاتب الأيرلندي الكبير جورج برنارد شو)

من ضمن تلك الأقلام، قلم الأديب الأيرلندي الكبير "جورج برنارد شو"، الذي كتب مقدمة من ستة عشر صفحة في روايته "جزيرة جون بول الأخرى" قائلاً : "الفلاحين المصريين لم يتصرفوا غير التصرف الذى كان منتظرًا من جمهرة الفلاحين الإنجليز لو أنهم أصيبوا بمثل مصابهم فى المال والحرمات".


(عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد)

تعرض شو لنقد لاذع جعل أحد الإنجليز يقول له : "لقد شارك جنديين أيرلنديين، في هذه الحادثة"، فرد شو على الفور قائلاً : "وهذا ما دفعني للزود عن فلاحي مصر الشرفاء".

كتب شو كلماته الصادقة، بنفحات أيرلندية مشتعلة تقترب من الشعور المصري المشتعل، لمعاناة كلاهما من أنياب الأسد البريطاني، وهو ما جعل الجميع في أوروبا يربطون اسم شو بحادثة دنشواي، على حد وصف العقاد في كتابه "برنارد شو".