السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الورقة الرابحة في "سد النهضة".. هل يضمن أمن البحر الأحمر حلا للأزمة؟

الرئيس نيوز

سلطت صحيفة Nation الكينية الضوء على تصريحات السلطات الإثيوبية بشأن الاستعداد لبدء الملء الثاني لسد النهضة، على الرغم من تحذيرات مصر بشأن المشروع المثير للجدل على النيل الأزرق.

وكان من المقرر أن يتم الملء الثاني في يونيو الجاري، وذلك بعد قرابة شهرين من فشل المحادثات بين إثيوبيا والسودان ومصر في التوصل إلى حل بشأن ما يجب القيام به بشأن أكبر سد في إفريقيا. 

ويبدو أن إثيوبيا مصممة على المضي قدمًا في إجراءات سد النهضة بقرارات منفردة، بل وتعتبره وسيلة لتوفير المزيد من الكهرباء في البلاد وطريقًا إلى المستقبل ولكن مصر تخشى أن يؤدي المشروع المعيب فنيًا إلى نقص مزمن في المياه في اتجاه مجرى النهر. وتعتمد مصر على مياه النيل في الزراعة وسبق أن أشارت إلى أنها ستفعل كل ما هو ضروري لحماية حقوقها فيها.

وبعد أن نفذت إثيوبيا الملء الأول لخزان السد العام الماضي، دقت وزارة الري والموارد المائية السودانية ناقوس الخطر بشأن انخفاض منسوب المياه على النهر. 

ودخلت إثيوبيا والسودان ومصر في محادثات منذ ما يقرب من عقد من الزمان بشأن السد، بعد أن شرعت أديس أبابا في تنفيذ المشروع في عام 2011.

دبلوماسية مكوكية

والآن، مع تصاعد التوترات الأخيرة بين مصر وإثيوبيا، تجدد القاهرة دبلوماسيتها المكوكية مع دول شرق إفريقيا، في محاولة لوقف إجراءات أديس أبابا المنفردة. ويُنظر إلى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي الأسبوع الماضي على أنها في إطار محاولات القاهرة الدبلوماسية الجديدة لتشكيل المزيد من التحالفات مع جيران إثيوبيا.

وأصبح السيسي أول رئيس مصري يزور جيبوتي منذ حصول الدولة الصغيرة المطلة على البحر الأحمر على استقلالها في عام 1977. وأشارت الأنباء القادمة من جيبوتي إلى أن السيسي ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله اتفقا على أن السد الإثيوبي يجب أن يتم ملؤه وتشغيله وفقًا لـ"اتفاق قانوني عادل وملزم من أجل الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والحفاظ على مصالح جميع الأطراف".

وقال الرئيس في مؤتمر صحفي مشترك في جيبوتي: "شددت على معارضة مصر لأي محاولة لفرض واقع مختلف على الأرض من خلال قرارات أحادية الجانب لا تراعي مصالح وحقوق دولتي المصب".

وصرح نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية ديميكي ميكونين لوسائل إعلام محلية إن "مصر والسودان تحاولان ممارسة ضغوط غير ضرورية على إثيوبيا من خلال وسائل مختلفة بما في ذلك تدويل وتسييس القضايا الفنية التي لن تؤدي إلا إلى تقويض الثقة بين الدول الثلاث". وأكد مجددًا أن الملء الثاني لسد النهضة سيستمر وفقًا للجدول الزمني.

المزيد من السدود؟

وصل التوتر بين البلدين إلى مستوى أعلى منذ يوم الأحد عندما أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن إثيوبيا ستبني أكثر من 100 سد صغير ومتوسط الحجم في أجزاء مختلفة من البلاد. 

وقال آبي: "من المقرر أن تبني إثيوبيا أكثر من 100 سد صغير ومتوسط في عدة مناطق من البلاد كجزء من خطة الميزانية للعام الإثيوبي المقبل". وأضاف ان "العمل يدا بيد هو السبيل الوحيد لمقاومة أية قوى ضد إثيوبيا".

لكن رئيس الوزراء آبي لم يذكر ما إذا كان بناء المزيد من السدود على طول نهر النيل جزء من خطته الطموحة. وردًا على ذلك نددت مصر يوم الاثنين بخطة رئيس الوزراء لبناء سدود، قائلة إن البيان يعد استمرارا "لنهج مؤسف" يتجاهل القانون الدولي.

وقال ميتا عالم سينيشو، كبير المحللين السياسيين والباحثين في إثيوبيا ومنطقة شرق إفريقيا، لصحيفة Nation.Africa إن نية إثيوبيا المعلنة لبناء 100 سد صغير ومتوسط في جميع أنحاء البلاد استراتيجية محتملة لمواجهة ما يتصوره ويسوقه الإثيوبيون عن نفوذ مصري لا وجود له إلا في تصوراتهم، ويبدو أن أديس أبابا تخشى الوقوع في العزلة كنتيجة مباشرة للعلاقات المصرية المتميزة وتحالفات القاهرة مع كافة جيران إثيوبيا. 

ولكن على الأرض، قوبلت تصريحات أبي عن إقامة 100 سد بالاستهزاء، وكان التصور السائد في أديس أبابا هو أن الحكومة الإثيوبية تخادع فقط بشأن إقامة المزيد من السدود، وهو استهزاء للأسف يسير في اتجاهين، فقد نقلت الصحيفة عن "ميلاكو إنشو"، عامل تلميع الأحذية في أديس أبابا قوله: "أبي استهزء بأكثر من 100 مليون إثيوبي". 

وتابع العامل الإثيوبي: ناهيك عن بناء 100 سد، نحن نشهد كيف تواجه البلاد صعوبة في استكمال سد النهضة". وقال طلاب من خارج جامعة الوحدة للصحيفة Nation.Africa إن إعلان رئيس الوزراء آبي هو جزء فقط من خلافه مع مصر للاستفادة من قوة المساومة في المفاوضات الثلاثية الجارية بين إثيوبيا والسودان ومصر. 

ويعتقد لاعبون آخرون في البلاد أن تصريحات آبي جاءت في إطار تكتيكات الدعاية التي يمارسها آبي في الفترة التي تسبق الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في 21 يونيو.

ولفتت الصحيفة إلى أنه بالإضافة إلى اتفاقيات التعاون العسكري الجديدة مع دول شرق إفريقيا، بدأت مصر أيضًا مناورات عسكرية. واختتمت القوات المسلحة السودانية والمصرية، أول أمس الاثنين، تدريبات عسكرية مشتركة جرت على مدار 6 أيام في السودان.

مخاوف الحرب

وتتزايد المخاوف من أن يؤدي الخلاف المستمر بين دولتي حوض النيل إلى حرب محتملة. ومع ذلك، يقول ميتا عالم إن المواجهة العسكرية بين إثيوبيا ومصر غير مرجحة، على الرغم من أنها قد تضعف تحالفات إثيوبيا الخاصة.

واستشهد المحلل السياسي بتحالفات مصر العسكرية المتنامية مع جيران إثيوبيا، وهو اختراق مصري لافت يقوض النفوذ الإقليمي الإثيوبي "نظرًا لأن خطوات التنسيق الإقليمي لمصر والسودان تزدهر مع كل من كينيا وجيبوتي وأوغندا... إلخ وفي أماكن أخرى في شرق إفريقيا".

وأضاف أن "الشراكة الإثيوبية الإريترية ستظهر منافسًا هائلاً في منطقة القرن الأفريقي حيث ستتدخل القوى العالمية والجهات الفاعلة الإقليمية لمنع حرب شاملة يمكن أن تؤثر سلبًا على ممرات الشحن في البحر الأحمر". 

ويتساءل البعض عما إذا كان النزاع على المياه سيؤثر في النهاية على العلاقات الدبلوماسية بين إثيوبيا والدول المجاورة وكيف يمكن أن يؤثر على السلام والأمن الإقليميين.

وقال ميتا عالم: "علاقات إثيوبيا مع جيرانها ستتحدد بمدى بناء أبي الانسجام السياسي الداخلي منذ تفكك المعسكر العرقي القومي". وأضاف أن التوتر المتزايد بين التحالف الإثيوبي الإريتري والتحالف المصري السوداني سيلعب أيضًا دورًا مهمًا، في إشارة إلى التعاون بين القوات الإثيوبية والإريترية في تيجراي.

وعلى الرغم من أنه من السابق لأوانه تحديد الاتجاه الذي ستميل إليه إثيوبيا، فإن الضغط المتزايد من الغرب ودعم الموقف المصري لن يؤدي إلا إلى دفع إثيوبيا إلى الحافة، وتعتبر البطاقة الرابحة هي حرص القوى العالمية على أمن واستقرار البحر الأحمر.