الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بدعم أمريكي.. مصر تتحول من دور الوسيط إلى الشريك في القضية الفلسطينية

الرئيس نيوز

بدا أن مصر بدأت تتخذ منحًا جديدًا إزاء التعامل مع الملف الفلسطيني الشائك منذ عقود، فبينما عقد الوزير سامح شكري، جلسة مباحثات مع نظيره الإسرائيلي، جابي أشكنازي في القاهرة، بحضور وفدي البلدين، أرسل الرئيس السيسي، وفدا أمنيا رفيع المستوى، اليوم الأحد، برئاسة الوزير عباس كامل، مدير جهاز المخابرات المصرية، إلى فلسطين وإسرائيل لبحث تثبيت التهدئة وإنهاء الانقسام الفلسطيني.
ومن المقرر أن يبحث الوفد الأمني المصري سبل التوصل لتهدئة شاملة بالضفة وقطاع غزة، ويناقش كذلك مع المسؤولين الفلسطينيين سبل إنهاء الانقسام، كما سيجتمع رئيس المخابرات المصرية في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار، فيما أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، حسين الشيخ، أنه من المقرر أن يبحث الوزير عباس كامل مع القيادة الفلسطينية ما تتعرض له مدينة القدس ومقدساتها، وكذلك ملف إعادة إعمار غزة، والحوار الفلسطيني الوطني.

زيارة أشكنازي 
ووصل وزير الخارجية الإسرائيلي جابي أشكنازي اليوم الأحد إلى القاهرة في أول زيارة من نوعها منذ 13 عاما، بهدف بحث التهدئة الهشة حول قطاع غزة، ونشر أشكنازي لدى وصوله القاهرة تغريدات باللغات العبرية والعربية والإنجليزية على حسابه في "تويتر"، شكر فيها نظيره المصري سامح شكري على دعوته، وأكد أنه سيناقش مع الجانب المصري ملفات إقليمية وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين، مضيفا: "سنجري خلال هذه الزيارة عددا من اللقاءات لبحث قضايا ثنائية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية ونوغل في آليات التهدئة حيال غزة وإعادة إعمار القطاع تحت إشراف دولي".
ولفت أشكنازي إلى أنه سيناقش مع المسؤولين المصريين إعلان وقف دائم لإطلاق النار مع حركة "حماس" وإقامة آلية خاصة بتقديم المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار القطاع، مع التركيز على إعادة الجنود والمواطنين الأسرى لدى "حماس".

وفد مصري 
إلى ذلك، أفادت القناة 11 الإسرائيلية أن مصر وجهت الدعوة إلى إسرائيل و"حركة حماس" لإجراء مباحثات حول صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين، وذكرت القناة الإسرائيلية أن المباحثات تشمل أيضا التوصل إلى هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع.
أشارت القناة إلى أن إسرائيل تشترط أن تجرى المباحثات من خلال قنوات منفردة، موضحة أن أي تقدم في ملف إعادة إعمار قطاع غزة مشروط بتقدم في مسألة الأسرى والمفقودين.
وقالت القناة إن ضابطا مصريا برتبة جنرال وصل إلى إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي لمناقشة طرح القاهرة بشأن المباحثات، مبينة أنه لم يتم تحديد موعدها بعد.

شريك في التفاوض
الباحث في الشأن الفلسطيني، مدير مركز "مقدس" للدراسات الفلسطينية، سمير غطاس، قال لـ"الرئيس نيوز": "الجديد في القصة أن مصر تغيير موقفها من دور الوسيط إلى دور الشريك في تسوية الأزمة الفلسطينية، وبالتالي هي قادرة على فرض رؤيتها على طرفي النزاع، وأن دور الشراكة هذا جاء بدعم من الإدارة الأمريكية الجديدة، والاتحاد الأوروبي، ودول إقليمية عديدة، وهذا الشريك يريد المحافظة على قوة زخم العملية التي بدأها وتكللت بوقف إطلاق النار".
لفت غطاس إلى أن مصر تركز في الوقت الحالي على عدة مسارات، وتريد إنجاحها جمعيًا، وأن الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية التي تجريها القاهرة تعكس الرغبة في إنجاح تلك المسارات، وتابع قائلًا: "مدير جهاز المخابرات المصرية اليوم في الأراضي المحتلة، للقاء المسؤولين في إسرائيل، وكذلك في فلسطين، وقد سبق تلك الزيارة وفدًا مخابراتيًا رفيع المستوى يضم نحو 25 ضابطًا مصريًا من المخابرات، للتجهيز لأجندة تلك الزيارة وإعداد الملفات الخاصة بها".

يلفت مدير مركز "القدس" إلى أن تلك الزيارات بشقيها الدبلوماسي والاستخباراتي مع حجمها وقوتها لا يعقل أن تكون مخصصة فقط لبحث ما يسمونه تثبيت الهدنة، فالهدنة سارية والجميع يتمسك بها؛ لأنها مخرجًا لكل الأطراف، مضيفًا: "من المؤكد أن تلك الجهود ترمي لإعلان أمر ما سوف يتم الإعلان عنه قريبًا. فوقف إطلاق النار تم تثبيته لأكثر من أسبوع وأصبح أمرًا من القضايا المفروغ منها".
يقول غطاس: "مدير المخابرات سوف يطرح ما تم التوصل إليه من قادة الفصائل في غزة، وسيطرح بذلك شروط مبادرة وقف إطلاق نار دائم أو طويل الأمد مع القطاع، وكذلك سيطرح شروط إعادة إعمار غزة من وجهة النظر المصرية، أما الملف الثالث هو بحث ملف تبادل الأسرى، وهو ما أعلن عنه أشكنازي في القاهرة".
الطرح المصري 
يشير الباحث المتخصص في الشؤون الفلسطينية، إلى أن مدير المخابرات المصرية سيطرح نقطتين على السلطة الفلسطينية في رام الله، الأولى: "الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون حماس من ضمن مكوناتها، حتى يتم إرضاء الحركة؛ بعدما حاولت أمريكا وكذلك إسرائيل ودولًا أوروبية إقصائها من المشهد، وهو الأمر صعب التحقيق، بوصفها قوة موجودة على الأرض لا يمكن إهمالها أو تهميشها، في ملف الإعمار، وأن عدم حسم تلك المسألة ربما يدفع الحركة إلى عرقلة الملف. 
أما القضية الثانية التي يبحثها الوزير عباس كامل مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إعادة الإعمار والجهود التي من الممكن أن تبذل في ذلك الملف، وكيفية الشروع في ذلك الملف.

اختتم غطاس حديثه بالقول: "مصر دورها في الوقت الحالي بالنسبة للقضية الفلسطينية أصبح شريكًا وليس وسيطًا، وهي تسعى لمواكبة تلك التطورات في الوقت الحالي، فهي نجحت في وقف إطلاق النار، وتسعى حاليًا لطرح مبادرة لوقف إطلاق نار دائم أو طويل الأمد، وكذلك بحث ملف الإعمار، والتطرق إلى النقاشات الساسية بين الطرفين، بما يفضي إلى حل الدولتين وهذا ما أكده بايدين، وتسعى إليه مصر. وهو حل من الممكن تحقيقه إزاء ما تم إزاحة نتنياهو من الحكم؛ لأنه هو المُعرقل الأول لتك الجهود".          
بيان الخارجية 
وخلال وقت سابق، استقبل وزير الخارجية سامح شكري، وزير خارجية إسرائيل جابي أشكنازي، وذلك بقصر التحرير، وصرح السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن الزيارة تأتي في إطار تواصل مصر مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وقطاع غزة، مشيرًا إلى أن الوزير شكري أكد خلال اللقاء على ضرورة البناء على إعلان وقف إطلاق النار عبر التوقف عن كافة الممارسات التي تؤدي إلى توتير الأوضاع وتصعيد المواجهات خاصة بالأراضي الفلسطينية، وضرورة مراعاة الحساسية الخاصة المرتبطة بالقدس الشرقية والمسجد الأقصى وكافة المقدسات الإسلامية والمسيحية.

كما أعرب شكري عن أهمية التحرك خلال الفترة المقبلة لاتخاذ مزيد من التدابير التي تهدف إلى تعزيز التهدئة وتوفير الظروف اللازمة لخلق مناخ مواتٍ لإحياء المسار السياسي المنشود وإطلاق مفاوضات جادة وبنّاءة بين الجانبين بشكل عاجل، مع الامتناع عن أي إجراءات تُعرقل الجهود المبذولة في هذا الصدد. 
وأعاد وزير الخارجية التأكيد على موقف مصر الثابت من أن التوصل إلى حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم والأمن والاستقرار المنشوديّن في المنطقة، مؤكدًا حق الشعب الفلسطيني الشقيق في تقرير مصيره عبر إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 استنادًا إلى المرجعيات الدولية ذات الصلة، ومشيرًا إلى أن القاهرة ستواصل مساعيها واتصالاتها مع كافة الأطراف المعنية سعيًا نحو تحقيق تلك الغاية.
واختتم حافظ تصريحاته بالإشارة إلى أن الوزيرين بحثا كذلك سبل العمل على تسهيل عملية إعادة إعمار قطاع غزة بشكل عاجل خلال المرحلة المُقبلة. كما اتفقا على مواصلة التشاور بين البلدين والسلطة الوطنية الفلسطينية من أجل بحث كيفية الخروج من الجمود الحالي في مسار السلام.