"حواديت".. المسرحية التي أضحكت الجميع رغم الهزيمة
في العام 1967 أصيب الجمهور المصري، بصدمة
مدَّوية تسببت في شحوب الحلم القومي جراء هزيمة حرب الأيام الست، ليجثم شبح الحزن
والألم على من تذوقوا الضحك في لحظات الفوران الوطنية التي أَفَّلت من خفافيش
الإمبريالية الإقليمية والعالمية.
(الشاعر حسين السيد)
واجه
الشعب المصري، لحظات إنكسار جعلته يلتف حول زعيمه، جمال عبد الناصر برفضهم نية تنحيه
عن الرئاسة، حتى تكتمل ملحمة التحرير عبر وجوده بشخصيته الكاريزمية المعروفة منذ
توليه المسئولية في العام 1954.
(الكاتب الساخر يوسف عوف)
قامت القوى الوطنية بدعوة، رواد القوة
الناعمة لإخراج الشعب المصري من ظلام الصدمة إلى نور الأمل عبر الضحكات والبسمات
تحت دعاوى "الترفيه عن الشعب"، من خلال نجوم الضحك والفكاهة في فترة
الستينات.
(المخرج محمد سالم)
اختارت الأقدار فريق "ثلاثي أضواء
المسرح" لتلك المهمة الصعبة والدقيقة، في المنعطف التاريخي الذي مرت به مصر،
من خلال التحول من الحلم الوردي إلى الواقعية المظلمة.
(كامل أنور وأحمد نبيل في لقطة من مسرحية حواديت)
فكر الدينامو الإداري للفرقة، جورج سيدهم في إخراج
الناس من الاكتئاب عبر الضحكة والابتسامة حتى يقدروا على تحرير الأرض المغتصبة، من
خلال التمسك بالأمل والغد المشرق القادم من البسمة العليلة بوجوه الجميع.
قام جورج سيدهم بمقابلة، محافظ الإسكندرية
حمدي عاشور الذي طلب منه، إخراج الجميع من هذا المنعطف العصيب عبر المسرح، منبر
المجتمع ومرآته في مختلف الظروف.
(ثلاثي أضواء المسرح)
من خلال دعوة المحافظ، إنبثقت فرقة
"ثلاثي أضواء المسرح المسرحية" التي وُفِرت لها كافة الإمكانيات
والتسهيلات، من قِبل محافظة الإسكندرية، وذلك بتقديم دعمٍ يومي للفرقة وصل لمبلغ
ثلاثين جنيهًا، بدلاً من خمسة عشر جنيهًا من غرفة تنشيط السياحة.
علاوة على ذلك، تم تخصيص معهد الباليه
بالإسكندرية لإجراء البروفات المطلوبة، إلى جانب شراء جورج سيدهم لسيارة الرئاسة التي
قام من خلالها بعمل الدعايا المطلوبة لاجتذاب الجمهور المكلوم لمسرح الشاطبي.
من رحم الدموع والأحزان، خرجت فرقة الثلاثي
المسرحية التي كُوِنت من قِبل، المخرج محمد سالم، والكاتب الساخر يوسف عوف،
والشاعر الكبير حسين السيد، من خلال مسرحية "حواديت" المكونة من إسكتشين
هما : "أبناؤنا في الخارج"، و"زفة العروسة".
شارك في عرض مسرحية "حواديت" كلاً
من : سمير غانم، الضيف أحمد، جورج سيدهم، كامل أنور، سهير الباروني، عادل نصيف،
أحمد نبيل، نجاح الموجي، بريجيت عمر، سيد إبراهيم، عاطف الطنطاوي.
حققت المسرحية عند عرضها بالإسكندرية، نجاحًا
كبيرًا عكس توقعات الجميع، وهو ما حفز الثلاثي لتقديم العرض بمسرح الهوسابير الذي
إحتضن الفرقة بالقاهرة، وتم تصوير العرض تليفزيونيًا في نفس العام.
خصص جورج سيدهم عبر عضويته ب"لجنة الفن
والمعركة" الإيرادات اليومية للمجهود الحربي، في معارك الاستنزاف، وكانت
اللجنة مكونة من : فؤاد المهندس، نجيب محفوظ، نادية لطفي، يوسف السباعي، أحمد
غانم، فطين عبد الوهاب، شفيق جلال، حمدي غيث.
ضربت فرقة الثلاثي المسرحية، عصفورين بحجر
واحد وذلك بإخراج الجمهور الحزين من كآبته الحتمية، وتدعيم المجهود الحربي لملحمة
العبور المنتظر.