4 انقلابات عسكرية في مالي.. والخامس على الأبواب
أصبح الرئيس الانتقالي في مالي ورئيس وزرائه ووزير دفاعه، فجأة، حبيسي ثكنة عسكرية تحت رحمة قادة عسكريين.
أزمة سياسية مكتومة في مالي بعد تعديل وزاري، استبعد بعض الجنرالات النافذين في المجلس العسكري، ليقتاد الجنود الرئيس الانتقالي باه نداو ورئيس الوزراء مختار، وأن إلى معسكر كاتي قرب باماكو في ما يبدو أنه استعراض قوة بعد تأليف الحكومة الجديدة.
ملامح انقلاب
وفيما يحمل تصرف القادة العسكريين ملامح انقلاب مكتمل الأركان؛ اكتفى مسؤول عسكري كبير بالقول إن "الرئيس ورئيس الوزراء هما هنا في كاتي لقضايا تعنيهما".
وكان رئيس الوزراء المعتقل عين في وقت سابق أمس الاثنين، وزراء جددا مع إسناد حقائب رئيسية لشخصيات عسكرية رغم الانتقادات المتزايدة لدور الجيش في حكم البلاد.
وتعهدت الحكومة الانتقالية في الدولة المضطربة في غرب أفريقيا في 14 مايو بتعيين وزراء "ذوي قاعدة واسعة"، وسط غضب متنام لبروز الشخصيات العسكرية وبطء الإصلاحات الموعودة.
وأصبح انضمام التصرف الجديد من القادة العسكريين إلى قائمة الانقلابات الأربعة في مالي مسألة وقت، حين ينتهي الحوار غير المتكافئ بين الرئيسين ومحتجِزيهم.
ومع توالي الضغوط الدولية المطالبة بالإفراج عن رئيس المجلس العسكري، ورئيس وزرائه، لا يعرف إن كان القادة العسكريون الغاضبون سيستجيبون لهذه الطلبات، أم سيعلن المتمردون عن جسم عسكري جديد يقود السلطة في البلاد.
لكن الأيام القادمة حبلى بالتطورات في مالي، فهل تتمخض عن مجلس عسكري جديد، أم تعود السلطات الحاكمة لممارسة السلطة مجددا، ويجهض الانقلاب الخامس؟.
انقلاب تلو الآخر
وشهدت دولة مالي، أغسطس الماضي، انقلاباً عسكرياً قاده ضباط في الجيش على حكم إبراهيم أبو بكر كايتا؛ بعد أن تمكن المتمردون من السيطرة على عدد من الوزارات والمقار الحكومية، بالإضافة إلى اعتقال رئيس البلاد كايتا ورئيس وزرائه سوميلو بوبى مايجا.
وشهدت دولة مالي عبر تاريخها 4 انقلابات عسكرية وعدة اضطرابات أمنية وعملية تمرد في شمالها قادها الطوارق في تسعينيات القرن الماضي.
وتحول البلاد إلى واحدة من أكثر الدول الأفريقية "بؤرة للجماعات الإرهابية، وكذا الجريمة المنظمة بكل أنواعها من تجارة المخدرات والأسلحة إلى الاتجار بالبشر"، وسط صراعات على الزعامة أيضا بين تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين على أراضيها.
ومنذ استقلاله عن فرنسا في 22 سبتمبر 1960، لم يتمكن هذا البلد الأفريقي الذي يقع في منطقة الساحل من تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، رغم الثروات الطبيعية الهائلة التي يمتلكها، نتيجة ما يقول المراقبون "وقوعها ضحية صراعات نفوذ دولية وأخرى تتعلق بالصراع على الحكم".
وفي هذا التقرير، يستعرض "الرئيس نيوز" تاريخ الانقلابات العسكرية التي شهدتها دولة مالي منذ استقلالها قبل 60 عاماً.
الانقلاب الأول
أول انقلاب كان في 19 نوفمبر 1968، أطاح بحكم أول رئيس للبلاد وهو موديبو كايتا من قبل الجنرال موسى تراوري.
وتمكن كايتا من حكم مالي بقبضة عسكرية طوال 8 سنوات مستغلا غياب مؤسسات الدولة عقب الاستقلال، شكل خلالها "مجلساً عسكرياً للتحرير الوطني" أوكلت له مهمة قيادة البلاد.
بقي بموديبو كايتا في سجنه 9 سنوات حتى وفاته عام 1977، وخلال تلك الفترة شكل موسى تراوري "جنرال مالي القوي" آنذاك "لجنة عسكرية" جمع فيها منصب رئيسي الدولة والحكومة.
الانقلاب الثاني
وكان موسى تراوري أطول رؤساء مالي حكماً بـ23 عاماً، قبل أن يطيح به الجيش عقب انتفاضة شعبية على الأوضاع الاقتصادية، في مشهد يبدو مماثلاً لآخر انقلاب أنهى حكم الرئيس أبو بكر كايتا.
وسجلت مالي ثاني انقلاب عسكري في تاريخها الحديث قاده الجنرال أمادو توماني توري في 26 مارس/آذار 1991.
وشكل توماني توري مجلساً عسكرياً مؤقتاً لإدارة البلاد لفترة انتقالية، قاد خلاله البلاد إلى اجماع وطني حول أول دستور يكرس التعددية الحزبية والنظام الرئاسي، وأول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخها.
وبات ألفا عمر كوناري أول رئيس مالي ينتخب ديمقراطياً في 8 يوليو/حزيران 1992 لفترتين رئاسيتين، ويتسلم السلطة من المجلس العسكري بقيادة الجنرال أمادو توماني توري ويقرر التقاعد من الجيش.
وتابع خلالها كوناكري رئيس البلاد الأسبق موسى ترواري قضائياً بتهم "جرائم قتل معارضين ومدنيين وأخرى تتعلق بالفساد".
وصدر ضده حكمان، الأول كان عام 1993 بالإعدام شنقاً مع زوجته قبل أن يتم تجميده، والثاني في 1999 في جرائم اقتصادية، ليصدر عفو رئاسي عنه عام 2002.
الانقلاب الثالث
وشهدت فترة كوناكري استقراراً أمنياً نسبياً عكره تمرد طوارق شمالي البلاد، وكان الرئيس الوحيد "الذي لم ينقلب عليه الجيش"، حتى سلم السلطة "لمن سلمه السلطة عام 1992".
وعاد الجنرال أمادو توماني توري إلى الحياة السياسية بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية التي فاز بها من الدور الثاني في مايو 2002 نتيجة الشعبية الكبيرة التي كان يحظى بها.
ودام حكمه 10 سنوات كاملة، قبل أن يطيح به الجيش في ثالث انقلاب عسكري تشهده المستعمرة الفرنسية السابقة في 22 مارس 2012.
واتهم المتمردون الذين كانوا من الحرس الرئاسي الرئيس توماني توري بـ"الفشل في التصدي لتمرد الطوارق والجماعات الإرهابية المتمركزة في شمال البلاد".
وأعلن المتمردون حل جميع المؤسسات الدستورية وإغلاق كافة حدود البلاد، وعينوا النقيب أمادو سانوغو رئيساً لـ"اللجنة الوطنية لاستعادة الديمقراطية وإعمار الدولة" الكلفة بقيادة البلاد.
ورفض الماليون الانقلاب العسكري، واكتسحوا العاصمة باماكو في مظاهرات ضخمة مطالبة بإعادة نظام توري الديمقراطي، غير أن المجلس العسكري أصر على إبعاده عن الحكم.
الانقلاب الرابع
نظم المجلس العسكري الانتقالي انتخابات رئاسية جديدة، فاز فيها المرشح المدني إبراهيم أبو بكر كيايتا (75 عاماً) ليصبح سادس رئيس في تاريخ مالي قبل أن يطيح به الجيش في 18 أغسطس.
وتواجه مالي، بؤرة التهديد المسلح في منطقة الساحل منذ عام 2012، أزمة اجتماعية وسياسية خطيرة، على وقع مظاهرات للمعارضة تطالب باستقالة رئيس البلاد إبراهيم أبوبكر كيتا، ومواجهة "الفساد" والتدهور الأمني، وإصلاحات حكومية.