في ذكرى رحيلها.. قصة غناء وردة الجزائرية لـ«أوقاتي بتحلو» بدلًا من كوكب الشرق
تمر اليوم الذكرى التاسعة لوفاة، علمًا من
أعلام الغناء العربي خلال النصف الثاني من القرن الماضي، المطربة الكبيرة وردة
الجزائرية، صاحبة الصوت المتدفق الجامع بين القوة والرومانسية من خلال ما تركته من
إرث غنائي عريق، حديث الأجيال حتى الآن.
(وردة الجزائرية مع الموسيقار سيد مكاوي)
في العام 1973 كتب الشاعر الغنائي الكبير،
عبد الوهاب محمد أغنية "أوقاتي بتحلو" لتشدو بها كوكب الشرق، من ألحان
الموسيقار الكبير سيد مكاوي بعد نجاح اللقاء الأول بينهما في العام 1972 من خلال
أغنية "يا مسهرني" أخر كلمات رامي لمطربته المفضلة.
(كوكب الشرق أم كلثوم مع الموسيقار سيد مكاوي)
كانت أم كلثوم، تعاني من أزمة صحية كبيرة
تعرضت لها في العام 1972، أثناء غنائها ل"ليلة حب" من كلمات أحمد شفيق
كامل، ولحن محمد عبد الوهاب، أرادت ثومة مقاومة المرض بعودتها لجمهورها الحبيب،
فكان ل"أوقاتي بتحلو" أوكسير الحياة لها، من خلال تدربها على يد شيخ
الملحنين على كلمات الأغنية الجديدة.
(الموسيقار بليغ حمدي)
لم تستطع أم كلثوم تلك المرة، أن تقاوم المرض
رغم تسجيلها لأغنية "حكم علينا الهوى" في العام 1973 من كلمات، عبد
الوهاب محمد، وألحان بليغ حمدي، فكانت للأقدار آراء أخرى بإدخار "أوقاتي
بتحلو" لصوت آخر سيُكتب له التميز والتألق في المستقبل، رغم تركها تسجيلاً
نادرًا للأغنية بصوتها على عود سيد مكاوي قبل مرضها الأخير في العام 1974.
(الشاعر عبد الوهاب محمد)
توفيت أم كلثوم في 3 فبراير من العام 1975،
ولم يكتب للحن سيد مكاوي أن يكون الثاني له معها، ليششعر بتشاؤم كبير من ذلك اللحن
الذي غناه على عوده رثاءً لنفسه وللست، كي لا يطمسه النسيان.
(الموسيقار أحمد فؤاد حسن)
في هذه الفترة كانت المطربة الكبيرة، وردة
الجزائرية قد عادت للغناء في العام 1972 عقب سنوات طويلة من الاعتزال وبدأت تعيد
قوتها الغنائية، تدريجيًا مع بليغ حمدي حتى جاء مطلع العام الجديد، 1977 بنقطة تحول
كبرى لصوت الجزائر.
في أحد اللقاءات بين وردة ومكاوي، طلبت منه
غناء أغنية "أوقاتي بتحلو"، إلا أنه قال لها برغم جمالها كعمل فني، إلا
أنها أغنية "نحس" حيث ماتت
أم كلثوم وهي تعتزم غنائها في حفلتها المقبلة، لكنها أصرت على مطلبها رغم
ضبابية ذكراها.
تحت عنوان "لن أترك سيد مكاوي
أبدًا"، كتب المخرج والكاتب مدحت السباعي في مجلة "صباح الخير"،
يحكي كواليس حفل ليلة رأس السنة 1977، فقال : "قبيل رفع الستار عن
أغنية "أوقاتي بتحلو" التي قدمتها المطربة وردة ليلة رأس السنة، حيث
قالت وردة: أنا بهذا اللحن أدخل مدرسة الغناء الشرقي لأول مرة، وبقدر ما أنا
متفائلة بنجاح الأغنية إلا أني خايفة مش عارفة ليه؟".
أخذت منها الأغنية خمسة
عشر يومًا من التدريبات والحفظ مع الفرقة الماسية، بقيادة أحمد فؤاد حسن ساعيةً للانتقال
من الحالة الصوتية الخفيفة والرشيقة إلى الحالة الصوتية الثقيلة والرصينة.
أرادت وردة أن تعيد تميزها العتيق من
وحي غنائها لأغنية "أحبابنا يا عين"، كلمات بيرم التونسي وألحان فريد
الأطرش، وهو ما إستشفته في جعبة سيد مكاوي الموسيقية.
شدت وردة بالأغنية وسيد مكاوي قلقًا
ومترقبًا لرد فعل الجمهور، حتى هدأت ضربات قلبه المتسارعة بسماعه لآهات الجمهور،
الذي إستعاد الطرب الأصيل في زمن الانفتاح العصيب.
ساهمت الأغنية في نقلة نوعية لوردة
الجزائرية، مختصرةً مشوارًا طويلًا من إستعادة التوازن المفقود في سنوات الاعتزال،
لتخرج بنبرة فرحة قائلة : "مع كل بروفة يزداد حبي لهذا اللحن، ويزداد احترامي
واعتزازي بالفنان الكبير سيد مكاوي، الذي اكتشفت أنه يتمتع بخفة ظل تجعل البروفات
تمر سهلة وباسمة مهما كان التعب الذي نعانيه فيه.. أنا في نيتي ألا أترك سيد مكاوي
أبدًا، إلا إذا طلب الجمهور ذلك".
تقول كلمات الأغنية :
أوقاتي
بتحلو
تحلو معاك
وحياتي بتكمل برضاك
وبحس بروحي بوجودي
من أول ما بكون وياك
ويا روحي ساعة ما ألقاك
مش بس أوقاتي بتحلو
دي العيشة والناس والجو
والدنيا بتضحكلي معاك
تحلى مرارة العيش برضاك
من كتر حلاوة الأيام
ونعيمي وسعدي بلياليك
مش بحسب فات منهم كام
ولا بقدر أفكر غير فيك
والليل وياك يساوي زمان
واليوم وياك يساوي زمان
وأكتر يا زمان من مية بكرة
ده الليل بلقاك أنوار وأمان
حتى ولو كان من قمره
وإن جاني حسود فى هواك وعذول
يقولوا يا عين حسيبوا يقول
وأنا أخاف من أيه وأنت معايا
والعالم أيه منته كفايه
يا سلام يا سلام يا سلام يا سلام
يا سلام لما الأيام تضحك وتروح
عين يا ليل يا ليل
والحب لما بيحيي الأرواح مع كل شروق
وأنا بلمح بكره معاك فتان مليان أفراح
وجمال أشكال وألوان
وأنت اللي ب تدي القلب النور
وتخلي نجوم لياليه تدور
وتملي حياتي ورود وزهور
وأنا أخاف من أيه منته معايا
والعالم أيه العالم منته كفايه
يا روحي ساعة ما ألقاك
مش بس أوقاتي بتحلو
العيشة والناس والجو
والدنيا بتضحكلي معاك