أزمة "سد النهضة".. استمرار التعنت الأثيوبي.. وبيان أمريكي يراوح مكانه.. وترقب مصري سوداني
قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، إن مضمون البيان الأمريكي بخصوص أزمة سد النهضة، هو التسليم بالمطلب الإثيوبي بإبقاء الموضوع في إطار الاتحاد الأفريقي، واعتبار المشكلة مسألة فنية، يمكن حلها والتوصل لاتفاق دون تحديد إطار زمني، أو حتى تناول الخطوات الخاصة بالمليءالثاني الأهم لمصر؛ ما يترتب عليه عدم وجود ضوابط عامة للتشغيل.
أما النقطة الإيجابية الوحيدة في البيان الأمريكي، فيؤكد فهمي أنها تتلخص في التأكيد على بيان قمة الاتحاد الافريقى فى يوليو ٢٠٢٠ كمرجعية للمفاوضات، بالإضافة إلى إعلان المبادئ ٢٠١٥، والذى ينص على الإسراع فى التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول الملء والتشغيل، وهو ما استندت عليه في خطابها الأخير إلى مجلس الأمن.
بيان 2020
كان الاتحاد الأفريقي، أصدر بيانًا في يوليو 2020، قال فيه إن لجنة مؤلفة من ممثلين للدول الثلاث وجنوب أفريقيا وشخصيات فنية من الاتحاد الأفريقي ستعمل على حل القضايا القانونية والفنية المعلقة، وستصدر اللجنة تقريراً بشأن التقدم في المفاوضات خلال أسبوع. وأمام الاتحاد الأفريقي أسبوعان للمساعدة في التوصل لاتفاق لإنهاء خلاف مستمر منذ عشر سنوات بشأن موارد المياه.
فيما أعلنت القاهرة والخرطوم في بيانين رسميين عن اتفاق مع إثيوبيا خلال قمّة إفريقية مصغّرة عقدت عبر الفيديو برئاسة رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، على تأجيل البدء بملء خزّان سدّ النهضة الكهرمائي لحين إبرام اتّفاق بين الدول الثلاث، لكن إثيوبيا أعلنت أنها تنوي بدء ملء سدّها العملاق على نهر النيل في وفق الجداول المقرر لذلك، متعهدة في الوقت نفسه بمحاولة التوصل إلى اتفاق نهائي مع مصر والسودان خلال هذه الفترة، برعاية الاتحاد الأفريقي.
استمرار التفاوض
يتابع أستاذ العلاقات الدولية، مفسرًا ما ورد في البيان، وتحديدًا ما يتعلق بالقرارات التي قالت واشنطن إنها ستكون حاسمة خلال الفترة المقبلة وتخص منطقة القرن الأفريقي، فيقول: "أمريكا تقصد بذلك أنها ستستمر في التفاوض وإعادة طرح التصورات بين الأطراف المعنية. أو طرح جديد لا يعتمد على تدوير الخيارات"، لافتًا إلى أن الحل المرحلي ربما يكون جزئي وليس كاملًا، بمعنى أنه سيكون خاص بالمليء الثاني فقط، وسيتم إرجاء جميع النقاط الأخرى، بما فيها قواعد التشغيل، السدود الجديدة التي تقول أديس أبابا إنها تعتزم إنشائها، وكل ما تم إثارته في إعلان واشنطن ووقعت عليه القاهرة.
التصريحات الأمريكية
وأصدرت الخارجية الأمريكية، بيانًا أمس الجمعة، حول نتائج زيارة مبعوثها الخاص للقرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، إلى مصر والسودان وإثيوبيا، وقالت في البيان، إن القرن الأفريقي يمر بنقطة انعطاف، والقرارات التي ستتخذ في الأسابيع والأشهر المقبلة سيكون لها تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة ومصالح الولايات المتحدة.
وأعرب البيان عن الشعور بالقلق العميق إزاء زيادة الاستقطاب السياسي والعرقي في جميع أنحاء إثيوبيا، لافتة إلى أن الفظائع التي ترتكب في تيجراي وحجم حالة الطوارئ الإنسانية غير مقبولة.
وحول سد النهضة، أكد فيلتمان التزامه بالعمل مع الشركاء الدوليين لإيجاد حل للقضايا الإقليمية المهمة، بما فيها الخلافات حول سد النهضة الإثيوبي، والنزاع الحدودي بين الخرطوم وأديس أبابا، حتى لا يتم تقويض التقدم الذي تم إحرازه في السودان منذ اندلاع ثورة ديسمبر.
أضاف البيان أن فيلتمان ناقش مع قادة مصر والسودان وإثيوبيا مخاوف السودان ومصر المائية حيال سد النهضة وسلامته والتوفيق بين احتياجات إثيوبيا التنموية ومصالح القاهرة والخرطوم.وناقش المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي مع قادة الدول الثلاث استئناف المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي على وجه السرعة، بناء على إعلان المبادئ الموقع عام 2015، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة للمفاوضات.
واختتم البيان بأن المبعوث الأممي سيعود إلى المنطقة مرة أخرى لمواصلة الجهود الدبلوماسية المكثفة لحل الخلافات في المنطقة نيابة عن الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.
حديث أبي أحمد
وفي أحدث تصريحات لرئيس الوزراء الأثيوبي، أبي أحمد، فقال في رسالة تهنئة للمسلمين الإثيوبيين بحلول عيد الفطر، إن إثيوبيا وبالتزامن مع احتفالات عيد الفطر هذا العام، تواجه تحديات عِدة أكثر من أي وقت مضى بسبب سد النهضة والانتخابات المقبلة، مُشددًا على ضرورة اتحاد الشعب الإثيوبي للتغلب عليها.
وأضاف أن "تحقيق هذين الأمرين (إنجاز سد النهضة وإجراء الانتخابات) سيفتح الباب أمام فرص كبيرة لإثيوبيا"، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية (إينا).
إصرار أثيوبي
وتُصر إثيوبيا على المُضي قدمًا في الملء الثاني للسد بموعده المخطط المُعلن خلال موسم الأمطار في يوليو وأغسطس المقبلين، رغم عدم التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم.
وتخشى مصر والسودان من تداعيات الخطوة الأحادية على حصتيهما من مياه نهر النيل، وتؤكدان أن "الخيارات كلها مفتوحة".
وتطالب دولتا المصب بإشراك آلية وساطة رباعية دولية تضم الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة في المفاوضات المتعثرة، وهو ما ترفضه إثيوبيا وتؤكد التمسك بوساطة الاتحاد الأفريقي فقط.
لا مساس بحصص مصر
كان الرئيس السيسي قال خلال افتتاحه عددا من المشروعات بهيئة قناة السويس، صباح الثلاثاء الماضي، "إن مسار التفاوض في سد النهضة يحتاج لصبر وتأني، وعليكم الثقة في ربنا وقدراتكم وقدرة دولتكم، ومفيش مساس بحصة مصر المائية".
تابع قائلًا: "عملية التفاوض تأخذ وقتا وجهدا وصبرا، واستقبلنا مسؤولين خلال الأسبوع الماضي لحلحلة الموقف"، مؤكدًا أن قلق الشعب المصري بخصوص سد النهضة مقدر ومشروع، ولكن لازم نكون متأكدين أن حقوقنا المائية لن يتم التفريط فيها.